جامعة حمد بن خليفة تتقدم جهود دولة قطر لمكافحة التصحر
Entity:  كلية العلوم والهندسة معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة
 الفحم الحيوي وسيلة ناجعة لتخصيب التربة وزراعتها

 بقلم: الدكتور جايابراكاش ساتثاسيفام والدكتور محمد الحِرباوي
في اليوم العالمي للبيئة، نتذكر الأهمية البالغة لمواجهة التصحر وتدهور الأراضي، لاسيما في المناطق القاحلة مثل الشرق الأوسط ودولة قطر، حيث تتمحور قضايا هذا العام حول استصلاح الأراضي، ومكافحة التصحر، وتعزيز القدرة على التصدي لعوامل الجفاف، مما يبرز الحاجة الملحة إلى ممارسات مبتكرة ومستدامة لاستعادة بيئتنا.

وفي قطر، تُجسد الأبحاث والمبادرات المستمرة في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة وكلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة، هذا الالتزام من خلال مشاريع مثل الحزام الأخضر للطاقة واستخدام الفحم الحيوي، وكلاهما يقدم حلولاً واعدة لمستقبل أكثر مرونة واستدامة.

يُشكل التصحر تهديداً خطيراً للمناطق الجافة، حيث يتميز بتدهور التربة وانخفاض الإنتاجية الزراعية. ومع مناخها القاسي والأراضي الزراعية المحدودة، تواجه قطر تحديات كبيرة في الحفاظ على الاستدامة البيئية وأمن الطاقة. وباستخدام نبات "جاتروفا كركاس"، الذي يتناسب تماماً مع المناخ الجاف في قطر، تم اطلاق مشروع الحزام الأخضر للطاقة الذي يهدف إلى مواجهة هذه التحديات من خلال دمج حماية البيئة مع إنتاج الطاقة المتجددة، حيث ينمو نبات جاتروفا على الأراضي غير الصالحة للزراعة وينتج بذوراً غنية بالزيت يمكن تحويلها إلى وقود حيوي. ويساهم هذا النهج ذو الهدف المزدوج في منع التصحر من خلال تثبيت التربة وأيضاً يوفر مصدراً مستداماً للوقود الحيوي للطيران. ويقوم الباحثون باختيار مواقع الزراعة بعناية بناءً على ظروف التربة والمناخ، وذلك لضمان النمو الأمثل والإدارة الفعَّالة، إذ تُستخدم أدوات النمذجة المتقدمة لتحديد أفضل كثافة وهيكل للحزام الأخضر، مما يزيد من قدرته على تقليل سرعة الرياح واحتجاز جزيئات الغبار، وبالتالي تحسين جودة الهواء وحماية المناطق الحضرية من العواصف الرملية والترابية.

ويوفر الحزام الأخضر للطاقة فوائد متعددة، فمن خلال تقليل تأثير العواصف الرملية والترابية ومنع تآكل التربة، يدعم المشروع الإنتاجية الزراعية والأمن الغذائي، حيث ينتج نبات جاتروفا كركاس كميات كبيرة من الزيت، مما يوفر مصدراً للطاقة المتجددة ويقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري. وينبثق من إنتاج الوقود الحيوي من الجاتروفا وظائف في الزراعة والمعالجة والتوزيع، مع إمكانية تصدير الوقود الحيوي المستدام لقطاع الطيران، حيث يتماشى المشروع مع رؤية قطر الوطنية 2030 والالتزامات الدولية مثل اتفاقية باريس وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مما يعزز العمل المناخي والطاقة المستدامة.

بالإضافة إلى الحزام الأخضر للطاقة، تقدم البحوث الجارية في الفحم الحيوي أداة قوية أخرى لمكافحة التصحر وتعزيز خصوبة الأراضي، إذ يُنتج الفحم الحيوي من خلال التحلل الحراري للمواد العضوية، ويقدم فوائد كبيرة لصحة التربة والحفاظ على المياه، وبفضل هيكله ذو المسام الكثيرة ومساحته السطحية الواسعة، فإن الفحم الحيوي يعتبر مادة ماصة فعالة، تحسن من قدرة التربة على الاحتفاظ بالمياه وخصوبتها. ويعمل الفحم الحيوي كخزان للمغذيات والمواد العضوية، يطلقها ببطء بمرور الوقت لتعزيز نمو النبات الصحي، وتزيد هذه القدرة على الاحتفاظ بالمياه من قيمة الفحم الحيوي في المناطق الجافة، حيث تكون المياه محدودة والجفاف متكرر. ويعزز الفحم الحيوي تجميع التربة، مما يقلل من التآكل ويمنع فقدان التربة السطحية الخصبة، مما يساهم في استقرار الأراضي التي تعاني من التصحر. ويُعتبر الفحم الحيوي شكلاً مستقراً من الكربون، حيث يحتجزه في التربة لعدة قرون ويساعد في التخفيف من تغير المناخ، وهو عامل رئيسي في التصحر.

يتميز استخدام الفحم الحيوي في الشرق الأوسط بعدة مزايا، مثل زيادة خصوبة التربة المستصلحة وترشيد استهلاك المياه خلال عمليات الإنتاج الزراعي، مما يُحسن من معدلات الأمن الغذائي، كما يمكن أن يوفر استصلاح الأراضي القائمة على الفحم الحيوي دخلاً وفرص عمل من خلال الزراعة المستدامة، وتعزيز نمو الغابات، والسياحة البيئية. ومن خلال احتجاز الكربون وتعزيز مرونة النظام البيئي، يساعد الفحم الحيوي المنطقة على التكيف مع تغير المناخ وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ولذلك يبحث الباحثون في كلية العلوم والهندسة ومعهد قطر لبحوث البيئة والطاقة في جامعة حمد بن خليفة باستمرار في إمكانيات الفحم الحيوي للتنقية البيئية، وتحويل المواد العضوية إلى مورد ذو فوائد بيئية كبيرة، وقد أظهرت الدراسات المعملية والميدانية فاعلية الفحم الحيوي في تحسين جودة التربة والمياه، وتعزيز نمو النبات، وإزالة الملوثات من المياه.

وفي الوقت الذي نحتفل فيه باليوم العالمي للبيئة، فإن الأساليب المبتكرة في جامعة حمد بن خليفة تُظهر كيف يمكننا التصالح مع الأرض من خلال الممارسات المستدامة، حيث تُسلط مشاريع الحزام الأخضر للطاقة والفحم الحيوي الضوء على التزام دولة قطر بمواجهة التصحر، وتعزيز الطاقة المتجددة، وتحسين خصوبة الأراضي، وتساهم هذه المبادرات في حماية البيئة وتطوير التنمية الاقتصادية والعمل المناخي.

ومن خلال تبني هذه الحلول المبتكرة ودمجها مع الممارسات المستدامة الأخرى، تخطو قطر خطوات نحو مستقبل أكثر استدامة وصديقة للبيئة، وتكشف هذه الجهود إمكانية ابتكار حلول متكاملة تساهم في تعزيز الاستدامة ومكافحة التصحُر، وتقديم نموذج يحتذى به بالنسبة للمناطق الجافة الأخرى. ومعاً، يمكننا زراعة الغابات، وإحياء مصادر المياه، وإعادة التربة إلى الحياة، والانضمام إلى جهود "استعادة الجيل" تماشيًا مع اهداف حملة اليوم العالمي للبيئة.

تم تقديم هذا المقال من قبل إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة نيابة عن مؤلفه، والأفكار والرؤى الواردة في المقال تعبر عن المؤلفين ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.