يُنظّم معهد قطر لبحوث الطب الحيوي (QBRI)، أحد معاهد البحوث الوطنيّة الثلاثة المتخصّصة التابعة لجامعة حمد بن خليفة (HBKU)، دورتين تدريبيّتين فريدتين في مجال تشخيص اضطراب طيف التوحُّد، وذلك في إطار جهوده لتحسين نظام الرّعاية الصحيّة في قطر، وبناء قدرات العلماء والأطبّاء في المنطقة. وبعد إتمام الدورتين، سيُمنح المشاركون مصدّقاتِ تخرُّج؛ ليكونوا قادرين على استخدام أداتي قياس لتشخيص التوحُّد في الإعدادات السريرية والدّراسات البحثية.
وكانت الدّورتان قد عُقدتا في مركز جامعة حمد بن خليفة خلال يومي (19 و27) يناير، بالتعاون مع استشاريين في مجال التوحُّد من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، وتمَّ تغطية المناهج الرئيسة المتعلّقة بتشخيص التوحُّد من خلال المقابلات، والتّدوين، والمراقبة. واختار معهد قطر لبحوث الطبّ الحيويّ بالتعاون مع أصحاب الشّأن المحليّين اثني عشر باحثًا ومختصًّا محليًّا في مرض التوحُّد، إضافة إلى الأطباء المشاركين في هذه الدورة، ثمانية منهم من مؤسّسة حمد الطبيّة، وسبعة من مركز الشّفلّح للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة، وثلاثة يُمثّلون معهد قطر لبحوث الطبّ الحيويّ. وعلى ذلك علّق الدّكتور وليد قرنفلة، مدير تطوير التكنولوجيا الحيويّة في معهد قطر لبحوث الطبّ الحيويّ: "سيتمّ إعداد المشاركين المحليّين الذين يُتمِّون الدورات بنجاح لتشخيص اضطراب طيف التوحُّد. وفي الواقع، هذا التدريب يُضاعف بشكل كبير عدد الأطبّاء المدرّبين للقيام بذلك في البلاد".
وكجزءٍ من الجهود الراميّة لإنشاء جمعيّة إقليميّة لبحوث التوحُّد، دعا معهد قطر لبحوث الطبّ الحيويّ أيضًا ثلاثة ممثّلين من المراكز الرائدة في أبحاث مرض التوحُّد بالمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان والسودان للمشاركة.
ويُعدّ التوحُّد الّذي يتّصف مرضاه بالعجز في التواصل الاجتماعيّ، والسلوك المتكرر والمقيّد، مرضًا ذا معدّل انتشارٍ عالميّ متزايد، غير أنَّ البيانات حول هذه الحالات محدودة في العالم العربي، وهذا ما يسعى الباحثون في معهد قطر لبحوث الطبّ الحيويّ لتداركه.
وقال الدكتور فؤاد الشعبان، أحد كبار علماء معهد قطر لبحوث الطب الحيوي ومنظّم الدّورات في تعليق له: "يُعدّ معهد قطر لبحوث الطّبّ الحيويّ أحد المؤسسات الرائدة في هذا المجال في المنطقة، وبدعم من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، يقودُ المعهدُ مشروعين رئيسين لتقييم مدى انتشار اضطرابات طيف التوحُّد في قطر. وقد أدّى نجاح التعاون مع الباحثين في عيادة كليفلاند وجامعة أوريجون للصحة والعلوم إلى تطوير الاستبيان الأول من نوعه باللغة العربية والتّحقق من صحته في فحص مرض التوحُّد. ويُمكن أن يُستخدم الاستبيان باللغة العربية الآن في جميع أنحاء المنطقة العربية، حيث لا تزال المعلومات حول انتشار مرض التوحُّد في كثير من الأحيان غير معروفة".
وتابع الشّعبان قائلاً: "من جهتنا نتوقّع أن يُسجّل من 5٪ إلى 8٪ من الأطفال الذين يخضعون للتشخيص في إطار مشروعنا البحثي نقاطًا إيجابية في الاختبار الأولي. وبعد ذلك يحتاج الأطفال إلى مزيدٍ من التقييم لإجراء التّشخيص النّهائي. ويزوّد هذا التّدريب كثيرًا من الأشخاص بالمهارات المُعتمَدة لمزيد من التقييم؛ ولذلك فإنّنا بحاجة إلى أطباء وباحثين ومدربين مُعتمدَين أكثرَ لدعم بحوث التوحُّد والخدمات الطبيّة في قطر.
ويلتزم معهد قطر لأبحاث الطّب الحيوي بشراكات استراتيجيّة مع أصحاب الشّأن المحليّين، بما في ذلك مؤسسة حمد الطبية، ومركز الشّفلّح للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ومراكز التوحُّد الأخرى في البلاد لترسيخ دور قطر باعتبارها الدولة الرائدة إقليميًا في مجال البحث والابتكار فيما يخصّ مرض التوحُّد".
وأوضحت الدكتورة المشاركة مديحة كمال، استشاري أول طبّ الأطفال في مؤسسة حمد الطبيّة والأستاذة المساعدة بكلية طب وايل كورنيل في قطر في تعليقٍ لها حول مشاركتها: "لقد أسهم التّدريب الذي حصلتُ عليه في تطبيق المعرفة بشكل كبير في مجال عملي كطبيبة أطفال. ولا شك أن نوعيّة التّدريب المتميّز والمعرفة المتعّمقة الّتي قدّمها لنا المدرّبون وتبادلناها مع المشاركين ستكون في مصلحة قطر مستقبلاً، وبشكل كبير".
وقالت الدكتورة كارول ستوت، أخصائيّة علم النفس السريري من المملكة المتّحدة، والّتي تولّت شركتها "BeginningwithA" تقديم التّدريب: "لقد أظهر المشاركون الذين عملنا معهم رغبةً حقيقيةً بالمشاركة وتطوير معرفتهم في مجال تشخيص مرض التوحُّد. وكان من دواعي سروري العمل مع مجموعةٍ من المهنيّين الذين يطمحون بشكل واضح لتوسيع معرفتهم في تشخيص مرض التوحُّد من أجل التأثير بشكل إيجابي على المجتمعات الّتي يعملون في ضمنها".
وأضاف الدكتور هلال الأشول، المدير التنفيذي لمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي: "يلتزم معهد قطر لبحوث الطّب الحيوي بإنشاء مركزٍ إقليميٍ للأبحاث المتميّزة في مرض التوحُّد للمساهمة في تحسين التشخيص المبكّر والتّدخل، وعلاج اضطرابات طيف التوحُّد. ونحن نخطّط لتحقيقِ ذلك من خلال وضع برامج بحثيّة متعددة التّخصّصات تُركّز على استكشاف الجينات الجديدة التي تُسبّب أو تُساهم في تطوير مرض التوحُّد، وتوضيح آليات المرض الجديدة ودمج التّقنيات والابتكارات الجديدة في مجالات تتبع العين، والتعرّف على الكلام والروبوتات في سبيلِ تحسين التّشخيص المُبكِّر وتطوير استراتيجيات تدخل وعلاج مبتكَرة لمرض التوحُّد.
وسيتعاون الباحثون من مختلف التّخصّصات بشكل وثيق في هذه البرامج، بما في ذلك العلوم الطبيّة الحيويّة، والهندسة، والعلوم الحاسوبيّة، والعلوم الاجتماعيّة، إضافة إلى اختصاص الروبوتات التفاعليّة، وستعود البرامج أيضًا بالنفع على الاستثمار في المشروعات الوطنيّة كمشروع جينوم قطر، وذلك لدعم موقع قطر بوصفها الرائد الإقليمي والعالمي في مجال البحوث والابتكار فيما يخصّ مرض التوحُّد.
وفي إطار الجهود التي بذلناها لتحقيق أهدافنا، قدّمت المشاركة الفعّالة، والحماس والالتزام اللذين تحلّى بهما العلماء والأطباء وخبراء التوحُّد من مؤسسة حمد الطبية، ومركز الشّفلّح وجامعة قطر فائدة كبيرة لنا. فيما يضمن هذا التعاون فاعليةَ برامجنا، ويُشكّل أساسًا لتطوير جدول أعمال البحوث الوطنيّة في مجالي التوحُّد والصّحة العقليّة".
لمعرفة المزيد حول عمل معهد قطر لبحوث الطّبّ الحيويّ، ولقراءة الإصدارات من قبل علماء المعهد، يرجى زيارة الموقع: http://www.qbri.org.qa/