البيانات الصحفية كيف يمكن للكلاب المساعدة في الكشف عن حاملي فيروس كوفيد-19 في المستقبل
الدكتور كبير بيسواس*
قد يساعد تدريب الكلاب على اكتشاف حاملي فيروس كوفيد-19 في زيادة إمكانية فحص المصابين بالفيروس، وبالتالي المساعدة في مكافحة هذه الجائحة.
وقد أدت جائحة كوفيد-19، الناجمة عن انتشار فيروس SARS-CoV-2 (المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة للفيروس التاجي 2)، إلى وفاة أكثر من 460.000 شخص حتى الآن، مع إصابة العديد من الأشخاص بالفيروس في جميع أنحاء العالم. ويظهر هذا المرض في البداية في شكل حمى وسعال جاف، وقد يؤدي إلى حدوث صعوبة في التنفس، وألم في الصدر، وفقدان القدرة على الكلام والحركة. وفي بعض الحالات، قد يكون هذا الفيروس قاتلًا. ويُعد الاستقرار الطويل لفيروس كوفيد-19 في البيئة أحد الأسباب الرئيسية لمعدل الإصابة المرتفع نسبيًا المرتبط بالفيروس، وهو ما يعني أن الفرد المصاب به قد يتسبب في إصابة العديد من الأفراد الآخرين، وبالتالي زيادة معدل الإصابة بالفيروس.
وقد فرضت هذه الجائحة تحدياتٍ هائلةً على مؤسسات الرعاية الصحية والمرافق الطبية في جميع أنحاء العالم، حيث تواجه بعض البلدان نقصًا شديدًا في معدات الوقاية الشخصية وغيرها من الأدوات الطبية. وتمثل هذه المعدات، مثل أقنعة الوجه، خط دفاعنا الأول في مواجهة الفيروس، بينما تساعد الأدوات الطبية مثل أجهزة التنفس الصناعي المرضى المصابين بحالات العدوى الشديدة في النجاة من المرض. وقد نفذت العديد من البلدان إجراءات التباعد الجسدي، وفرضت قيودًا على الأنشطة التجارية للسيطرة على معدل الإصابة بالفيروس، وتقليل تأثيره على أنظمة الرعاية الصحية فيها. ومع ذلك، أثّرت هذه الخطوات بشكلٍ خطير على اقتصاداتنا، بما في ذلك إنتاج وتوزيع السلع، وكذلك جوانب حياتنا الاجتماعية، وهو ما أثّر على الصحة النفسية والرفاهية للكثيرين.
وتلبيةً للنداء، يعمل الباحثون في مجال الطب الحيوي والأطباء السريريون، بما في ذلك الأطباء في قطر، بلا كلل للتوصل إلى أساليب فعالة ومبتكرة للسيطرة على آثار فيروس كوفيد-19. وقد حاولوا تطوير استراتيجيات للعلاج وتقنيات للكشف عن الفيروس. وتُبذل جهودٌ كبيرةٌ لتطوير لقاح ضد الفيروس، واكتشاف عقاقير جديدة، واختبار الأدوية المستخدمة بالفعل في علاج أمراض أخرى، وتحديد فعالية العلاج بالبلازما. من ناحية أخرى، تُبذل جهود كبيرة لتطوير فحوصات مصلية تقوم على الكشف عن الأجسام المضادة التي تنتجها أجسامنا، وكذلك الفحوصات المستندة إلى تفاعل البوليميراز المتسلسل، التي يمكنها اكتشاف المادة الوراثية لفيروس SARS-CoV-2 .
ورغم أن هذه الاختبارات حساسة ومحددة للغاية، إلا أنها صعبة التنفيذ إلى حدٍ ما على نطاق أوسع. وستكون استراتيجية الفحص واسعة النطاق هذه مطلوبة بشكل خاص عند رفع القيود الاجتماعية، وتواصل المزيد من الأشخاص مع بعضهم البعض، وهو ما قد يؤدي إلى احتمال زيادة معدل الإصابة بالفيروس. وهناك حاجة للتوصل إلى طرقٍ بديلة تسمح بإجراء فحوصات واسعة النطاق للأفراد للكشف عن حاملي فيروس كوفيد-19. ومن بين طرق إجراء هذه الفحوصات في المناطق المزدحمة قياس درجة حرارة الجسم، رغم أن هذه الطريقة تواجه العديد من القيود. ويمكن أن تتسبب الحمى، على سبيل المثال، في الإصابة بأمراض ناجمة عن مسببات الأمراض فيروسSARS-CoV-2 . وقد لا تكون الحرارة مرتفعة لدى الأفراد الذين يعانون من أعراض الإصابة بالفيروس.
وفي هذا الوضع، قد تكون الكلاب، التي تُعرف في كثير من الأحيان بأنها أفضل صديق للبشر بسبب ارتباطها الطويل بهم، وولائها وصحبتها لهم، هي المنقذ الفعلي. وتمتلك الكلاب حاسة شم متقدمة للغاية، وهو ما يتيح لها أن تكون أكثر حساسية بمقدار يتراوح ما بين 10,000 إلى 100,000 ضعفًا مقارنةً بالإنسان في التعرف على مجموعة من الروائح. ويرجع ذلك إلى أن أنوف الكلاب وحاسة الشم الموجودة لديهم متطورة للغاية، حيث أنهم يمتلكون عددًا أكبر بكثير من الجينات الخاصة بمستقبلات حاسة الشم. كما تمتلك الكلاب خلايا عصبية أكثر حساسية، بزيادة 15 ضعفًا عن الخلايا العصبية الموجودة في أنف الإنسان. ومن المعروف أيضًا أن حاسة الشم لدى الكلاب تتزايد وتنمو بشكلٍ أكبر بفضل امتلاكها لديناميكيات تدفق هواء فريدة في أنفها تتيح لها التعرف على أي مواد كيميائية موجودة في الجو.
وعلى مر التاريخ، كانت الكلاب مفيدة للبشر بطرق عديدة، بخلاف مصاحبتها لنا، حيث تشتهر الكلاب بمساعدتها في الكشف عن المواد الكيميائية المختلفة، بما في ذلك المخدرات المهربة والمتفجرات الخطيرة. والأهم من ذلك اليوم، أثبتت الكلاب فائدتها في الكشف عن بعض أنواع الأمراض مثل السرطان والملاريا، وهو ما جعلها بالتأكيد من المساعدين الممتازين في تشخيص الأمراض في الماضي.
وخلال جائحة كوفيد-19، تكمن الآمال في أن تتحول الكلاب إلى عوامل مساعدة في الكشف عن فيروس SARS-CoV-2 عبر تدريبها على استنشاق الفيروس مباشرة من الأفراد المصابين الذين قد ينبعث الفيروس منهم من خلال العطس أو غيرها من الوسائل الأخرى. وقد يُدربون أيضًا على الكشف عن التغير الكيميائي الحيوي في رائحة جسم الإنسان، الذي قد ينشأ بسبب التغيرات الهائلة في الأعضاء، بما في ذلك الرئتين، لدى المرضى المصابين بفيروس كوفيد-19 أو حاملي الفيروس. وبالمثل، ربما تكتشف الكلاب بصمة كيميائية متغيرة من سوائل الجسم مثل اللعاب أو بول الأفراد المصابين بالفيروس.
وفي الواقع، تُختبر هذه الاحتمالات حاليًا في إطار مشروعين بحثيين منفصلين على الأقل دوليًا، أحدهم في مركز الكلاب العاملة في كلية الطب البيطري بجامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة، حيث يتم تدريب الكلاب واختبارها لمعرفة قدرتها على التمييز بين رائحة الجسم للأفراد المصابين. وقد أُجري بحث مماثل في كلية لندن لعلوم الصحة وطب المناطق الحارة، وجامعة دورهام، وهي المؤسسة التي أفادت باستخدامها للكلاب في الكشف عن الملاريا، بالتعاون مع مؤسسة الكلاب الطبية الكشفية الخيرية في المملكة المتحدة.
وإذا نجحت هذه الجهود، فقد يكون لدى الكلاب بالفعل القدرة على إحداث ثورة في الكشف عن فيروس كوفيد-19، وبالتالي مساعدتنا بشكل كبير في مساعينا للسيطرة على هذه الجائحة، والقضاء عليها في نهاية المطاف.
* يشغل الدكتور كبير بيسواس منصب أستاذ مساعد بكلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة.
ملاحظة:
هذا المقال مقدَّم من إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة نيابةً عن الكاتب. والآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب، ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.