جلسة حوارية لجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، تناقش قلق

استكشف المتحدثون الدوليون دور التعليم في مكافحة التطرف خلال ندوة عبر الإنترنت في إطار أسبوع الأهداف العالمية

جلسة حوارية لجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، تناقش

يراود العديد من رؤساء الجامعات حول العالم القلق حيال احتمالية تأثر طلابهم بالتطرّف بسبب القضايا السياسية شديدة الحساسية وتقييد حرية التعبير، هذا ما قاله الدكتور خالد كوسر، المدير التنفيذي للصندوق العالمي لإشراك المجتمعات المحلية وتعزيز قدرتها على التكيّف، خلال مشاركته في نقاشٍ استضافته جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، موضحًا أن الشباب قد لا ينظرون إلى مكافحة التطرف كأولوية أو كضرورة من أجل تحقيق "المصلحة العامة العالمية".

عُقدت الجلسة النقاشية الإلكترونية بعنوان: "التعليم للقضاء على التطرف: ما الواقع المُقبل بعد انتشار فيروس كوفيد-19؟"، وهي الأحدث ضمن سلسلة نقاشات إلكترونية نظمتها مؤسسة قطر والمراكز التابعة لها بمناسبة أسبوع الأهداف العالمي لعام 2020، والتي جمعت متحدثين دوليين لمناقشة كيفية إيجاد الحلول المحلية للتصدي للتحديات العالمية. 

سلّط النقاش الضوء على دور التعليم لتحاشي مثل هذه التطوّرات وسط مخاوف من أن يؤدي الاضطراب الاجتماعي والاقتصادي الناجم عن الوباء إلى نشوء بيئة خصبة للتطرّف واليأس بين الشباب. أدرات الحوار الدكتورة سوزان كارمانيان، عميد كلية القانون بجامعة حمد بن خليفة، وكان من بين المتحدثين المشاركين في النقاش الدكتور خالد كوسر، المدير التنفيذي للصندوق العالمي لإشراك المجتمعات المحلية وتعزيز قدرتها على التكيّف، وحذّر من أن القضاء على التطرّف هو "طموح كبير جدًا".

قال الدكتور كوسر: "أعتقد أننا نستطيع القضاء على التطرّف، إلا أن ذلك سيشكّل تحديًا، والخطوة الأولى لتحقيق ذلك هي أن نعمل على مكافحته. الجامعات لها دور هام في نشر المعرفة وإلهام الشباب، لكنها في الوقت نفسه قد تشكل أرضًا خصبة لنمو التطرّف المصحوب بالعنف والتشدد. وعليه، فإن الخطوة الأولى التي ينبغي علينا اتخاذها هي العمل مع الجامعات وقادتها لوضع السياسات والإجراءات اللازمة للحيلولة دون التطرف داخل قاعاتها الدراسية".

تابع: "كسب ثقة الناس هو أمر بالغ الأهمية في مكافحة التطرّف. في معظم الدول، يُنظر إلى الجامعات والأكاديميين بشكل موضوعي وقائم على العلم، وبعيدًا عن الأجندة السياسية. كما أن للجامعات دور واضح في مساعدتنا على فهم هذا المجال، حيث أن السبب الذي يدفع الناس إلى التطرف لا يزال غير واضحًا إلى حدٍ ما، ويُمكن للجامعات إضافة قيمة حقيقية في هذا الشأن".

لكنّ الدكتور كوسر قال أن ما يثير قلقه هو أننا مازلنا نشهد تخوّف رؤساء الجامعات وقلقهم الشديد إزاء تأثر الطلاب في جامعاتهم بهذه القضايا السياسية شديدة الحساسية، وخطر تحوّلهم إلى التطرّف، وتقييد حرية التعبير. 

وقال: "يأتي إعداد الشباب ليكونوا مواطنين عالميين في إطار أهدافنا كمعلمين وأساتذة وإدرايين جامعيين. والكثير من الشباب هم بالفعل مواطنون عالميون فيما يتعلق بقضايا عدم المساواة وتغيّر المناخ. لكنني لا أعتقد أنهم ينظرون إلى قضية مكافحة التطرّف المصحوب بالعنف كضرورة من أجل تحقيق الصالح العام العالمي. لذلك من الضروري أن نعمل على إدراج هذه المسألة على جدول أعمالنا، وأن نرفع الوعي بأهمية مكافحة التطرّف العنيف من أجل مصلحة الأمن العالمي، وجعل العالم مكانًا أفضل".

من جهته، تحدث ويليام برانيف، المدير التنفيذي للائتلاف الوطني لدراسة الإرهاب والتصدي للإرهاب، خلال الجلسة عن الأزمة التي تسببت بها جائحة (كوفيد-19)، وكيف يمكن أن يستغل المتطرفون هذه الظروف.

وقال: "يعيش الناس صراعًا حقيقيًا مع عدم اليقين، وعندما يخفق العلم في مواجهة الأزمة، من السهل على المتطرفين مهاجمة العلم والترويج لإيديولوجياتهم الخاصة التي لا تترك مجالاً للنقاش وتوفر اليقين في عالم من عدم اليقين".

أضاف: "هذا تحدٍ كبير جدًا، وجزء من الحل يكمن في توعية الشباب بكيفية استهلاك المعلومات، وحثّهم على أن يكونوا سفراء للعلوم، وتوعيتهم بأن الحصول على المعلومات الصحيحة وحده ليس كافيًا إذا لم يتم إيصالها بشكل صحيح لتترك أثرًا إيجابيًا على سلوك المواطنين".

تابع: "يمكن أن تؤثر كيانات القطاع الخاص بشكل كبير في تشكيل معتقدات المجتمع. والسؤال هنا هو ما إذا كنا قادرين على جعل مؤسسات القطاع الخاص تدرك دورها الهام في مكافحة التطرف العنيف وكيف أن ذلك قد يحقق مصالحها التجارية على أفضل وجه، ودفع العلماء لاستكشاف سُبل التعاون مع المنظمات ذات النفوذ الكبير على الناس ".

ووفقًا للدكتور ليزلي بال، العميد المؤسس لكلية الدراسات العامة بجامعة حمد بن خليفة، يُمكن أن تقدم الجامعات إسهامات مهمّة جدًا في بنك المعرفة حول كيفية التصدي للتطرّف في مراحله الأولى. وأوضح قائلاً: "قد يبدو من الواضح أننا نستطيع محاولة معالجة التطرف من خلال التعليم، ولكن ذلك يُعد جديدًا تمامًا فيما يتعلق بالمنظمات العالمية، والجهود المنظمة، والموارد، والتمويل".

تابع: "هذا يعني أننا لا نعرف الكثير  حتى الآن عن الأساليب الناجحة وغير الناجحة، وإحدى الإسهامات التي يمكن أن يقدمها التعليم العالي في هذا الشأن هي تولي مسؤولية تقييم الأساليب التي يمكن أن تنجح. مؤسسات التعليم  العالي قادرة على كسب الثقة من غالبية الشعوب، ويمكننا جميعًا الاستفادة من ذلك".

كان من بين المشاركين في الجلسة أيضًا، كوليت مازوتشيلي، نائب رئيس أوّل في مركز الاستماع العالمي وبروفيسور في جامعة نيويورك، وتحدثت قائلة: "الجامعات مسؤولة أمام المجتمع، وتتحمل مسؤولية حماية مفهوم التفكير النقدي والنقاش".

تابعت قائلة: "يترتب علينا كتربويين أن نضمن استمرار ذلك، والآن هو الوقت الأكثر أهمية لممارسة هذه المسؤولية، في ظل الجائحة التي نواجهها، والتطرّف العنيف، وانتهاك البيانات الشخصية، والتي يُغذي كل منها الآخر، ويعمل على إيجاد منظومة هشة وضعيفة من حيث الأمن والكرامة الإنسانية".