أدت العولمة المتزايدة لكرة القدم على مدار العقدين الماضيين إلى تنويع استراتيجيات "الساحرة المستديرة" لتكون أكثر تنافسية، لا سيما مع ظهور أساليب جديدة في لعب وتكتيكات كرة القدم وفلسفاتها المستحدثة التي عرفت طريقها إلى ملاعب كرة القدم. من هنا، يواجه المدربون واللاعبون تحديات كثيرة بشأن وضع وتنفيذ استراتيجيات الفوز في البطولات، خاصةً في المنافسات الحامية التي تشهدها نهائيات بطولة كأس العالم.
مع وجود 22 لاعبًا على أرض الملعب في نفس الوقت يشاركون في مباراة ما، يتبارى الجميع لترك بصمة على النتيجة النهائية. ويأتي وضع أفضل خطة للعب كإحدى المهام المُرهقة للجهاز الفني ومحللي المباريات، مع الأخذ بعين الاعتبار نقاط القوة والضعف لكل لاعب، إلى جانب عوامل خارجية أخرى. ففي الآونة الأخيرة، وبفضل التقدم في التقنيات الحديثة، باتت صياغة مثل هذه الاستراتيجيات أسهل وأكثر واقعية، ما يعني أن فرق كرة القدم بات بإمكانها أن تتنفس الصعداء.
لا شك أن الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي يلعبان دورًا متزايد الأهمية في تحسين طرق اللعب في جميع الرياضات الاحترافية وخاصة كرة القدم، حيث يساعدان إدارة الفرق في توقع الفوز بالمباريات من خلال تحليل مفصل للبيانات ونماذج الذكاء الاصطناعي، وجوانب أخرى كثيرة. ومع اقتراب تنظيم نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر 2022، تعمل جميع المنتخبات القومية، بما في ذلك المنتخب القطري، على تحسين أداء اللاعبين وتشكيل الاستراتيجيات التي تحقق نتائج إيجابية عند انطلاق البطولة.
على هذا النحو، طوّر باحثون من كلية العلوم والهندسة في جامعة حمد بن خليفة نموذجًا قائمًا على الذكاء الاصطناعي بشكل استباقي، يعمل على تحليل معايير الأداء الرئيسية والتوصية بها، لتحقيق الفوز في المباريات التي يشارك فيها لاعبو المنتخب القطري. وحيث أنه لم يتبق سوى أقل من عامين على انطلاق البطولة، يشعر الباحثون بالتفاؤل لأن دراستهم يمكن أن تؤدي إلى نتائج ملموسة لفائدة الفريق القطري.
فقد طوّر بالفعل جاسم الملا، طالب الدكتوراه في كلية العلوم والهندسة، بالتعاون مع مشرفه الأكاديمي، الدكتور تنوير عالم، الأستاذ المساعد بالكلية، نموذجًا قائمًا على الذكاء الاصطناعي لدعم اللاعبين، والجهاز الفني، وإدارة الفريق من خلال التركيز على معايير أداء محددة، قد تؤدي إلى الفوز بالمباريات. ونظرًا لكونه أول نموذج قائم على الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتحليل وتحسين أداء لاعبي كرة القدم، فقد نُشرت هذه الدراسة البحثية بالفعل في مجلة "IEEE Access" الصادرة عن معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات: https://ieeexplore.ieee.org/document/9261335.
حول هذا الموضوع، يقول الملا: "بصفتنا باحثين، نحاول دائمًا المساهمة في عمليات التطوير في قطر. ونظرًا لأن هذا الحدث العالمي في كرة القدم بات على مقربة منا، فقد استفدنا من مهاراتنا في التقنيات والنمذجة القائمة على الذكاء الاصطناعي لدعم لاعبي كرة القدم في قطر. فقمنا بنمذجة أداء اللاعبين في مباريات لكرة القدم في دوري نجوم قطر، وقمنا بتحليل جميع المراكز الميدانية في الملعب (مدافعين وخط وسط ومهاجمين) خلال وقت المباراة، وقمنا بصياغة هذه الدراسة كإطار تصنيف يندرج تحت التعلّم الآلي في سياق تمييز الفريق الفائز عن الفريق الخاسر في مباراة ما".
تكشف هذه الدراسة عن بعض أفكار واستراتيجيات الفوز الرئيسية لفرق كرة القدم، بناءً على المهارات الفنية للاعبين، بالإضافة إلى الأداء البدني الذي يمكن أن يكون مفيدًا في تحديد نتائج المباريات الإيجابية، بما في ذلك:
في هذا الصدد، يقول الدكتور منير حمدي، عميد كلية العلوم والهندسة: "يستخدم الخبراء في كلية العلوم والهندسة تقنيات مختلفة وتقنيات نمذجة تستند إلى الذكاء الاصطناعي لنمذجة أداء لاعبي كرة القدم المحترفين؛ للمساعدة في تحسين أدائهم وتعزيز فرص الفوز بالمباريات خلال بطولة كأس العالم".
وبدافع من هذه الدراسة المستندة إلى الذكاء الاصطناعي، يود الملا أن يتناول بالبحث والدراسة جوانب أخرى من مباريات كرة القدم؛ لمساعدة لاعبي المنتخب القطري على الأداء بشكل أفضل، مما يضمن مواصلة الفريق السير على طريق المنافسة حتى بعد هذا الحدث العالمي القادم في كرة القدم الذي سيُنظم في عام 2022.