هل يمكن للتكنولوجيا أن تقنعنا وتساعد في تغيير سلوكنا؟

هل يمكن للتكنولوجيا أن تقنعنا وتساعد في تغيير سلوكنا؟

28 أبريل 2021

الدكتور ريان علي والدكتورة دينا آل ثاني

هل يمكن للتكنولوجيا أن تقنعنا وتساعد في تغيير سلوكنا؟

تُمثِل التكنولوجيا تدخلاً في حياتنا ودائمًا ما تكون شيئًا غير محايد. وحتى مع أنظمة المعلومات الكلاسيكية، تُغَيِر التكنولوجيا العقل البشري، وتؤثر على تمسكنا بمجموعة معينة من المعتقدات من عدمه، وبالتالي، اتباعنا أو رفضنا لمسار عميل معين.

وللتوضيح، عندما يتعلق الأمر بتقرير ما إذا كنت ستقرأ كتابًا معينًا أم لا، يتأثر القرار بمدى سهولة الحصول عليه، وما إذا كان من المحتمل أن يكون مفيدًا، وما إذا وجده الآخرون مناسبًا وأوصوا به. وعند التسوق لشراء نفس الكتاب من متجر لبيع الكتب عبر الإنترنت، تتأثر التصورات المتعلقة بسهولة الحصول على الكتاب وفائدته والأعراف الاجتماعية لأن التكنولوجيا يمكن أن تؤثر على المشترين لدفعهم إلى اتباع إجراءات معينة باستخدام مبادئ التصميم المقنعة.

ومن بين الأمثلة على ذلك استخدام مبدأ الدليل الاجتماعي للإقناع. فعند تصفح موقع من مواقع الإنترنت أو استخدام أحد التطبيقات، يمكن أن تشير عبارات من قبيل: "اشترى 100 شخص الكتاب خلال الساعة الماضية" إلى شعبية الكتاب وتجعل شراءه يبدو خيارًا معقولاً. ويشير المبدأ إلى حقيقة أننا كائنات اجتماعية نتأثر كثيرًا بما يعتقد الآخرون أنه السلوك الصحيح، سواء بوعي أو بغير وعي. ونحن نتأثر أيضًا بمبدأ الندرة وميلنا إلى البحث عن الموارد التي نعتقد أنها نادرة. فعلى سبيل المثال، تُنَشِط عبارة من قبيل "بقي عنصران فقط" الرغبة في امتلاك المورد قبل أن يصبح غير متوفر.

وتتواجد رسائل التدخل والإقناع في كل مكان حولنا في بيئتنا المادية، حيث نرى ملصقات على علب السجائر تحذر من مخاطر التدخين وأخرى على المشروبات السكرية تحذر من مخاطرها على صحتنا. ويمكن أن تصبح مثل هذه الرسائل أكثر قوة عندما تيسرها التكنولوجيا، أي تكنولوجيا الإقناع، بناءً على رسائل البيانات. ويمكن إصدار التدخلات بشكل ديناميكي وذكي بحيث تُخصص وتعكس السلوك في الوقت الفعلي. تخيل فنجان قهوة ذكيًا يستشعر عدد المرات التي يستخدمه فيها الشخص أو كرسيًا ذكيًا يستشعر طول وقت جلوس الشخص. ويمكن لهذه الأشياء جمع البيانات السلوكية بشكل مستمر ومن ثم تصبح أكثر قدرة على تصميم التوصيات وفقًا لذلك.

ولا يتعين أن تكون رسائل الإقناع صريحة وقد تستغل أيضًا تحيزاتنا اللاواعية. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يساعد حدوث الاختلافات على إعادة التفكير في البدائل. فعند محاولة تحضير فنجان قهوة آخر، قد تطلب منك الماكينة تأكيد رغبتك في القيام بذلك عن طريق إدخال رمز تم إرساله إلى هاتفك المحمول وأيضًا باستخدام رسائل تذكير من قبيل "سيكون هذا هو فنجانك الرابع اليوم". وبالمثل، يمكن لهذه الرسائل أيضًا محاولة تقييد النشاط الطائش عبر إعطائك 10 ثوانٍ للرجوع عن القرار بعد الضغط على زر "الإعداد". وتتضمن الأمثلة الدقيقة الأخرى جعل الخيارات الصحية تظهر أولاً، فعلى سبيل المثال قد يظهر الماء أو عصير الفاكهة في بداية القائمة بدلاً من القهوة أو مشروبات الطاقة في آلة البيع.

وفي حين أن استخدام تكنولوجيا الإقناع لتغيير السلوك قد يبدو أمرًا سهلاً وفعالاً من حيث التكلفة، إلا أنه غالبًا ما يكون من المخاطرة القيام بذلك دون إجراء التحليلات والاختبارات المناسبة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث ضغط وإجهاد، وقد يؤدي حتى إلى وقوع آثار سلبية. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يعتمد إقناع الطلاب في بيئة التعلم الإلكتروني على مكافأة الأشخاص الذين يقدمون الإجابات بسرعة وعلى عدد الإجابات الصحيحة. ويمكن أن تتضمن المكافآت والآليات المقنعة منح الشارات وأشرطة التقدم والنقاط ولوحات الصدارة والعدادات وأجهزة ضبط الوقت. ومع ذلك، فإننا قد نشجع الحلول البديلة والغش من خلال القيام بذلك نظرًا لأن هذا الأمر قد يكون مرهقًا جدًا لبعض الطلاب الذين قد يشعرون أنهم يخضعون للمراقبة على مستوى عالٍ من التدقيق.

وقد يكون من قبيل المبالغة في التبسيط قياس أدائهم وترجمته إلى نقاط في الأنشطة الإبداعية بناءً تقديم على إجابة صحيحة وسريعة. فبدلاً من تشجيع الطلاب على التركيز على الجودة، قد يصبحون أكثر اهتمامًا بتلبية متطلبات هذه الخوارزمية. وفي الواقع، ينص قانون جودهارت على أن المقياس لا يكون جيدًا عندما يصبح الإجراء هدفًا. بالإضافة إلى ذلك، قد يحل الدافع الخارجي، أي الفوز بالمكافأة أو الحصول على تقدير من الآخرين، محل الدافع الجوهري لاتباع نمط سلوكي معين، أي الاهتمام الحقيقي والفرح. 

وقد نوقشت الاستجابات السليمة لهذه المسائل وغيرها من القضايا خلال المؤتمر الدولي السادس عشر لتكنولوجيا الإقناع، الذي استضافته جامعة بورنموث بالمملكة المتحدة خلال شهر أبريل، وشاركت في رعايته جامعة حمد بن خليفة. وقد اتفق المتحدثون في المؤتمر على أن تصميم وتطوير وتقييم هذه الأساليب الإقناعية، بما في ذلك تلك المستخدمة في تطبيقات الوسائط الاجتماعية أو الألعاب أو مواقع التعلم الإلكتروني أو الذكاء الاصطناعي المقنع، يحتاج إلى نهج متعدد التخصصات وفهم لنظريات السلوك والإقناع جنبًا إلى جنب مع البرامج و طرق تصميم التكنولوجيا.

يشغل كل من الدكتور ريان علي والدكتورة دينا آل ثاني منصب أستاذ مساعد في قسم تكنولوجيا المعلومات والحوسبة بكلية العلوم والهندسة في جامعة حمد بن خليفة، وقد شاركا في اللجنة الرئاسية للمؤتمر الدولي السادس عشر لتكنولوجيا الإقناع.  

ملاحظة:
هذا المقال مقدَّم من إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة نيابةً عن الكاتب. والآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب، ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.