يتطور المشهد الاقتصادي والجيوسياسي العالمي بوتيرة سريعة ومستمرة. وتشتمل التحديات المتلاحقة التي تواجهنا على الآثار المتواصلة لجائحة كوفيد-19 والموارد الطبيعية المحدودة التي تتطلب إيجاد طرق جديدة للحفاظ على استدامة هذه الموارد.
ومع وجود قيادات تبحث عن الموجة التالية من الاكتشافات العلمية، يحتاج خريجو الجامعات والمتخصصون في الوقت الحالي إلى إتقان مجالات دراساتهم والمساهمة في طرح أفكار وحلول مهمة.
ومع تساؤل العديد من الأشخاص حول المكان الذي يمكنهم تلقي تعليمهم فيه لكي يصبحوا مبتكرين، ويطوروا قدراتهم على فهم الأسئلة قبل تقديم الإجابات، والنظر إلى العالم غير المقيد بحدود التخصصات، لا يزال هناك سؤال مهم يطرح نفسه: هل تكمن الإجابة في التعليم القائم على البحوث؟
تضع جامعة حمد بن خليفة، وهي جامعة بحثية واعدة تتخذ من العاصمة القطرية الدوحة مقرًا لها، إطارًا لتجربة التعلم بطريقة مبتكرة. وعبر دمجها للبحوث العلمية المتقدمة مع البرامج الأكاديمية متعددة التخصصات، يحقق طلابها قفزةً عملاقةً تبدأ من اكتسابهم للمعارف المهمة وصولاً إلى التفاعل وتطوير أفكار جديدة خاصة بهم.
الانخراط في اقتصاد المعرفة العالمي
أنشأت مؤسسة قطر جامعة حمد بن خليفة في المدينة التعليمية، المركز الرئيسي للمعرفة في دولة قطر. وفي ضوء ذلك، ليس من المستغرب أن تحتضن الجامعة بعض "الأفكار المهمة" حقًا في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والقانون، والعلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية، والسياسات العامة وغيرها من المجالات. وتمتلك الجامعة البنية التحتية والتكنولوجيا والخبرات المتقدمة التي تتيح لها إمكانية توجيه البحث العلمي في اتجاه متوازن ومستدام. وتخدم قواها البحثية، التي تحظى بالاعتراف والتقدير على الصعيد العالمي، الاقتصاد القائم على المعرفة في قطر، مع صياغتها أيضًا لحلول تتميز بتأثيرها العالمي.
وتتنوع المشاريع الحالية للجامعة كتنوع العلماء والباحثين والطلاب الذين يجرونها، حيث تتميز بكونها مشاريع واسعة النطاق وتشمل منصات الطب الدقيق، والتكنولوجيا التي تؤثر على السلوك، وأدوات الصحة الرقمية، والتحليلات الحسابية لإعادة توظيف الأدوية في علاج فيروس كوفيد-19، وتعقب استجابات الحكومات لجائحة كوفيد-19، وحلول النقل "الخضراء" للمدن الذكية، والمعلومات المضللة حول فيروس كوفيد-19، والإطار التنظيمي لاستخدام الذكاء الاصطناعي والأخلاقيات الإسلامية لعلم الأحياء.
البرامج التعليمية المتطورة
تركز البرامج الأكاديمية المتكاملة ومتعددة التخصصات بالجامعة على المجالات التي تحظى بإقبالٍ مرتفع، حيث تُدرَّس هذه البرامج في الكليات الست التابعة لجامعة حمد بن خليفة بدعمٍ من ثلاثة معاهد بحثية وطنية، يتمتع كل معهد منهم بعلاقات وارتباطات دولية قوية. ويقود الباحثون والعلماء في جامعة حمد بن خليفة جهود التقدم العلمي، ويجمعون طلابهم ويحولونهم إلى مشاركين فاعلين في هذه الجهود.
وحول ذلك، يقول الدكتور مايكل بينيديك، وكيل جامعة حمد بن خليفة، "هذه هي التجربة المثالية للطلاب مع وجود أعضاء هيئة تدريس فاعلين في مجال البحوث والتدريس يحرصون على التدريس باستخدام آخر وأحدث الاكتشافات، وهو ما يدخل في صميم أساليب التدريس المتطورة في جامعة حمد بن خليفة. ويتعلم الطلاب أفضل الأفكار؛ ليس فقط عن الحقائق، بل أيضًا عن الإجراءات و’كيفية التعرف على الأشياء‘".
وأضاف: "ما يميز جامعة حمد بن خليفة عن الجامعات البحثية الأخرى ويجعلها أكثر تفردًا هو تركيزنا على كيفية التصدي للمشكلات على الصعيدين المحلي والعالمي. ومن خلال دمجنا بين البحوث والتعليم العالي، يمكننا أن نكون مبدعين ومبتكرين في برامجنا."
تجاوز الحدود التقليدية
بدلاً من الحصول على درجة علمية في التخصصات التقليدية، يختار الطلاب من بين برامج الماجستير والدكتوراه المتخصصة في مجالات الاستدامة، وعلم الجينوم والطب الدقيق، والسياسات الاجتماعية وتقييم البرامج، وعلوم اللياقة البدنية والصحة، والعلوم الإنسانية والمجتمعات الرقمية، والفن والعمارة الإسلامية والعمران، والترجمة السمعية البصرية، وغيرها من المجالات. وتتميز هذه الدرجات العلمية بأنها متعددة التخصصات وتركز على التحديات المحلية والدولية، في حين يحدث التفاعل بين الكليات والمعاهد البحثية تأثيرًا مستمرًا متعدد التخصصات في التدريس والبحوث.
وقال الدكتور بينيديك، الذي أمضى أكثر من 30 عامًا في البحث الأكاديمي والقيادة ويحمل درجة الدكتوراه في علم الوراثة الجزيئية من جامعة ستانفورد: "نحن ندرب الطلاب على إيجاد حلول للتحديات التي تؤثر على مجتمعاتهم وبلدانهم والقطاعات أو المهن التي يعملون بها."
ويتلقى الطلاب خدمات التوجيه والإشراف في مختبرات الأبحاث في مجالات مثل تكنولوجيا الإقناع، والإدمان الرقمي، ومختبر تحليلات السلوك الذكي. وتتاح لهم إمكانية التواصل مع قادة الفكر والمشاركة في المناقشات ذات التأثير الملموس من خلال سلسلة مختبر السياسة ومجلة أبحاث الطلاب 'الأسطرلاب'. وتربطهم البرامج الأكاديمية بالمشاريع القائمة على الصناعات، وبرامج التدريب العملي، والرحلات الدراسية، وبرامج التعاون في الحرم الجامعي أو التوجيه داخل المدينة التعليمية.
وينجذب أعضاء هيئة التدريس إلى جامعة حمد بن خليفة من جميع أنحاء العالم، ويتمتعون بتقدير واعتراف عالمي بفعل إجرائهم لأبحاث عالية التأثير. ويرتفع عدد المنشورات العلمية باطراد كل عام، وهو ما يفتح الباب لتلقي المزيد من التمويل الخارجي. وقد انضمت مجلة ’الأخلاق الإسلامية،‘ التي تصدر عن كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، إلى فهرس سكوبوس المرموق للبحوث المحَكَمة.
وقد ساعدت هذه السمعة الرائعة في عقد الجامعة لشراكات أكاديمية متبادلة مع معهد الدراسات العليا في جنيف؛ وجامعة كاليفورنيا في بيركلي؛ ومعهد هارفارد للخلايا الجذعية؛ وشركة بوينغ؛ ووكالة ناسا؛ ومؤسسة سميثسونيان، وغيرها من الشراكات مع القطاعات الصناعية والمهنية.
وتقود جامعة حمد بن خليفة في الوقت الحالي المناقشات حول علوم الجينوم وتطبيقاتها في المنطقة العربية، وتكنولوجيا سلاسل البيانات، والتكنولوجيا المالية، وتكنولوجيا الإقناع، وحلول الطاقة الشمسية، والمعلومات الرقمية المضللة، والتكيف مع التغيرات المناخية، وغيرها من التحديات المعاصرة. وخلال العام الماضي، قاد أعضاء بهيئة التدريس في الجامعة أكبر دراسة دولية من نوعها حول تأثير جائحة كوفيد-19 على الحياة الأسرية في 72 دولة حول العالم. ومن بين الابتكارات التطبيقية التي طورتها الجامعة الأجهزة الذكية القابلة للارتداء، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ونموذج محاكاة المكامن في صناعة النفط والغاز.
كليات متعددة التخصصات
تطور كلية العلوم والهندسة الخبرات الأساسية في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والطاقة والبيئة، والتنمية المستدامة، والإدارة الهندسية وعلوم القرار، بفضل امتلاكها لأحدث المرافق التي تضم أجهزة حاسوب عملاقة في مركز بيانات حديث ومتقدم ومختبرات متطورة للطباعة ثلاثية الأبعاد.
وفي كلية العلوم الصحية والحيوية، يشارك الطلاب في البحوث العلمية والتحليلات الحسابية للبيانات البيولوجية في مرفق الخلايا والبيولوجيا الجزيئية، ومرفق فحص الأدوية عالي الإنتاجية، ومرفق المعلوماتية الحيوية.
وتقدم كلية الدراسات الإسلامية إسهامات جديدة في الدراسات الإسلامية العالمية عبر أجندتها البحثية متعددة التخصصات. ويشتهر أعضاء هيئة التدريس في الكلية بمكانتهم العالمية الرائدة والمرموقة بصفتهم "باحثين مؤثرين في مجال التمويل الإسلامي"، بينما تعمل منصة 'مجلس المبدعين' الحائزة على عدة جوائز على ترسيخ ثقافة الابتكار بين شباب المنطقة.
وتركز كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، التي تتبنى مناهج بحثية نظرية وتطبيقية، على مجالات الدراسات الشرق أوسطية، ودراسات الترجمة من خلال معهد دراسات الترجمة التابع لها.
وتبتكر كل كلية من الكليات التابعة للجامعة طرقًا فريدةً لإتاحة الفرصة أمام طلابها لاكتساب فهم متعمق للتخصصات التي يدرسونها وتطوير مجموعة مستقلة من القيم. وتركز المقررات الدراسية التي تطرحها كلية القانون بشكل قوي على القانون الدولي والمقارن، وتوازِن بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي.
وتقدم كلية السياسات العامة برنامج ماجستير السياسات العامة، الذي يحظى بإقبال كبير من الطلاب، بالإضافة إلى برنامج ماجستير السياسات الاجتماعية وتقييم البرامج الذي أطلقته الكلية مؤخرًا. وبفضل النشاط الملموس لأعضاء هيئة التدريس في شبكات المعرفة العالمية، تتاح للطلاب فرص لا حصر لها لاكتساب وجهات نظر من صناع القرار والسياسات في العالم الفعلي.
البحوث المؤثرة
في جانب آخر من حرم المدينة التعليمية، يضم مجمع البحوث التابع لجامعة حمد بن خليفة، الذي تبلغ مساحته 223,000 متر مربع، ثلاثة معاهد بحثية وطنية تحتضن مرافق أساسية ومختبرات ومرافق حديثة داخلية وخارجية تعد من الأصول الوطنية وترحب بجميع الطلاب.
ويضطلع معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة بمهمة وطنية تتمثل في التعامل مع التحديات الكبرى المتعلقة بالطاقة والمياه والبيئة ودعم الاحتياجات البحثية للقطاع الصناعي بشأن الاستدامة وتغير المناخ. ويتعاون معهد قطر لبحوث الحوسبة، الذي يتصدى لتحديات الحوسبة واسعة النطاق، مع الأطراف المعنية في القطاعات الصناعية والحكومية، وكان له تأثير هائل على مستوى السياسات بعد إعداده للمخطط الذي تحول إلى الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في دولة قطر. وتهدف الأبحاث التحويلية المؤثرة التي يجريها معهد قطر لبحوث الطب الحيوي إلى تحويل الاكتشافات العلمية المتطورة إلى علاجات تساهم في إنقاذ حياة المرضى ونتائج صحية مجدية.
منظومة الابتكار
تشجع منظومة البحوث والتطوير والابتكار الواعدة، التي تحظى بدعم من مركز الابتكار التابع لجامعة حمد بن خليفة ومكتب نائب رئيس الجامعة للبحوث، الأفكار الأصيلة وريادة الأعمال. وتنظر هذه المنظومة في منح فرص التمويل لدعم الحلول والمنتجات ونماذج الأعمال الجديدة التي طورها الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بهدف نقل أفكارهم المرتبطة بالقطاع الصناعي إلى مرحلة التسويق التجاري.
ويقول الدكتور نادر يلدريم، مدير الابتكار في جامعة حمد بن خليفة: "يجسد مركز الابتكار أبحاث الجامعة وتركيزها على التأثير والتزامنا بتوفير منظومة تتيح إمكانية التعاون في طرح الأفكار وتحويل الأفكار النظرية إلى حلول تطبيقية لتحقيق تأثير ملموس في عالم الواقع."
وسوف تتناول العديد من الحلول التي تبرز في هذه المنظومة التحديات التي تواجه القطاعين الصناعي والحكومي. وتطرح هذه المنظومة مثالاً على كيفية ميل مشاكل وتحديات العالم الفعلي في جامعة حمد بن خليفة إلى أن تصبح وقودًا للابتكار.
وترتكز جامعة حمد بن خليفة على أسس الابتكار والسعي لتطوير حلول وطنية لمواجهة التحديات المحلية والإقليمية والعالمية. وتُعدُ الجامعة المكان الذي تتطور فيه أفكار قطر الرائعة إلى واقع حقيقي وملموس.
ويمكن للطلاب الذين يرغبون في التسجيل للالتحاق بأحد البرامج الأكاديمية في جامعة حمد بن خليفة زيارة الرابط التالي: admissions.hbku.edu.qa. ويغلق باب تقديم الطلبات للمواطنين القطريين والمقيمين بتاريخ 15 مارس، مع ملاحظة أن آخر موعد لتقديم طلبات الالتحاق ببرنامج الماجستير الجديد في السياسات الاجتماعية وتقييم البرامج هو 1 مارس للطلاب من خارج قطر و15 أبريل للطلاب القطريين والمقيمين.