تصدّرت قضية "تغير المناخ" في السنوات الأخيرة قائمة التحديات المتعددة التي يواجهها العالم، وذلك لما سببته من ندرةٍ في الغذاء والماء، وارتفاع قياسي في درجات الحرارة، ومخاطر صحية وخسائر اقتصادية.
ومع ذلك، لا يزال العالم اليوم يكافح من أجل تنفيذ خططه الطموحة في التقليص من الأثر السلبي للأنشطة الصناعية وارتفاع عدد سكان العالم على النظم الإيكولوجية الطبيعية.
ويشهد هذا الشهر اليوم العالمي للحفاظ على الطبيعة الذي يصادف يوم 28 يوليو من كل عام، لتذكير العالم بأهمية حماية الموارد الطبيعية والبيئة من أجل ضمان استقرار المجتمعات وتمتعها بصحة أفضل.
وتكتسب هذه المناسبة، والرسالة التي تحملها، أهمية أكبر هذا العام وسط التحديات المتزايدة التي يواجهها العالم. وتتوافق هذه الرسالة بشكل وثيق مع أهداف حديقة القرآن النباتية، عضو مؤسسة قطر، الرامية إلى الحد من ظاهرة التصحر، واستعادة التوازن البيئي لدولة قطر من خلال برامج متكاملة للحفاظ على النباتات وحماية الطبيعة.
ويشمل هذا البرنامج الصون الداخلي والخارجي للنباتات في موائلها الطبيعية وخارجها، في محاولة لاستعادة التنوع البيولوجي للموائل الطبيعية في قطر، وتعزيز الجهود العالمية في مكافحة تغير المناخ بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة وعقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية.
ويتجسد التزام الحديقة بحماية البيئة بداية من جمع بذور النباتات البرية المهددة والحفاظ عليها في بنك البذور الخاص بها. ثم الاعتناء بالنباتات طوال مراحل زراعتها المختلفة في مشتلنا حيث تتم مراقبة نمو النباتات وحمايتها من الأمراض، وكذلك تجميع أجزاء النباتات لتوثيقها في وحدة معشبة الحديقة وعرض أجزاء النباتات الطبية والقطع الدالة على المصطلحات النباتية، وتثقيف الجمهور حول هذه النباتات وما يتعلق بها من مصطلحات وعمليات فسيولوجية مختلفة.
وطبقاً للخطة الاستراتيجية "لحديقة القرآن النباتية"، لا يتوقف دور وحدة المعشبة وبنك البذور عند النباتات الوارد ذكرها في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وإنما يتوسع هذا الدور ليشمل حفظ وصون النباتات المهددة والنباتات الطبية المسجلة في دولة قطر، تماشيًا مع رؤية حديقة القرآن النباتية في تعزيز مسؤوليتها تجاه البيئة.
كما تتعاون الحديقة مع جميع الجهات المحلية، الحكومية وغير الحكومية المعنية بالبيئة، للتنسيق والتعاون في مجالات المعشبة وبنك البذور، وكذلك في مجال التوعية البيئية. وتقوم الحديقة بالتنسيق أيضاً مع الجهات الإقليمية والدولية التي تعمل في مجال الحدائق النباتية لتجميع العينات وتبادل المعلومات والخبرات.
كما تواصل الحديقة جهودها الرامية لرفع الوعي لدى أفراد المجتمع بأهمية الأشجار وذلك بإطلاق حملة "غرس" التي تسهم في تعزيز الوعي بأهمية تخضير المدن وزراعة الأشجار في جميع أنحاء قطر، هذا بالإضافة إلى برنامج إحياء الروض في بر قطر الذي يهدف لإعادة زراعة الأشجار البرية في موائلها الطبيعية، وكذلك التعاون مع إدارة الحماية والحياة الفطرية بوزارة البيئة والتغير المناخي عبر إمدادهم سنوياً بعدد ٤,٠٠٠ شجرة من الأشجار الفطرية من إنتاج مركز الصون النباتي التابع للحديقة.
وتتماشى هذه المبادرات مع هدفنا الرئيسي المتمثل في تعزيز تواصلنا مع أفراد المجتمع المحلي وزيادة وعيهم البيئي، وهو ما سيعود في نهاية الأمر بالفائدة على صحة أمتنا وازدهارها على النحو المتصور في ركيزة التنمية البيئية لرؤية قطر الوطنية 2030.
وبمناسبة اليوم العالمي للحفاظ على الطبيعة، أدعو الجميع لمساندة جهودنا في مجال حماية التوازن البيئي من خلال غرس الوعي البيئي بين الشباب.
وقد يؤدي التواني والتقصير في هذا العمل إلى الإخلال بالتوازن الطبيعي وتقويض الجهود العالمية الرامية إلى الحفاظ على بيئة طبيعية سليمة تُمكن الأجيال القادمة من التطوّر، والابتكار، والنّجاح.