لطالما تربع مرض السكري على عرش الأمراض الخطيرة لسنين طويلة، كواحدٍ من أكثر الأمراض فتكًا في العالم. وقد انتشر هذا المرض المزمن في جميع أنحاء العالم بمعدل ينذر بالخطر، وأصبح أحد أكثر المشاكل الصحية تحديًا في القرن الحادي والعشرين. وقدر الاتحاد الدولي لمرض السكري أن 387 مليون شخص في جميع أنحاء العالم مصابون بهذا المرض، مع توقعات بأن يرتفع هذا الرقم إلى 592 مليون بحلول عام 2035.
ويشير الاتحاد الدولي لمرض السكري حاليًا إلى أن دولة قطر في صدارة قائمة الدول التي تضم النسبة الأكبر من المصابين بمرض السكري، مقارنة بالدول الـ 18 الأخرى التي يمتلك الاتحاد سجلات عنها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقد أثار هذا الوضع غير المرغوب فيه العديد من المخاوف بشأن تأثير مرض السكري على صحة ورفاه سكان دولة قطر على المدى الطويل.
وتناولت الجلسة الحوارية في شهر مارس في مجلس العلوم بجامعة حمد بن خليفة، وهي فعالية عامة شهرية غير رسمية تعقدها الجامعة، هذا المرض الخطير الذي يهدد حياة الناس، وذلك في جلسة بعنوان "كيف تتفادى دولة قطر الأمراض المنتشرة عالميًا؟". وترأس النقاش الدكتور عبد الإله الرضواني، العالم في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، حيث تناول الانتشار الضار لداء السكري من النوع 1 و2 من النوع المشخص وغير المشخص، ومرحلة ما قبل السكري، والمخاطر الصحية المرتبطة بهما. وركزت الجلسة التفاعلية على ارتفاع معدلات مرض السكري من النوع 2؛ ليمثل حوالي 95٪ من حالات مرض السكري بين السكان.
وفي تعليق له، قال الدكتور عبد الإله الرضواني: "هناك عوامل عديدة تساهم في خطر الإصابة بمرض السكري، بما في ذلك، القابلية الوراثية، وأمراض الكبد، والبدانة. وليس هناك عامل وحيد للتسبب في ذلك، ومع ذلك، فإن السمنة أو زيادة الوزن تزيد بشكلٍ كبيرٍ من احتمال وقوع الإنسان ضحية لهذا المرض. ونحن عادة نرى مرض السكري من النوع 2 سائدًا لدى البالغين ممن هم فوق سن الـخامسة والثلاثين. إلا أننا الآن، ومع الارتفاع السريع في معدلات السمنة، بدأنا نرى حالات لدى المراهقين".
وأفاد الدكتور الرضواني أن نتائج حملة فحص السكري التي شملت الدولة بأكملها أثبتت أن حوالي 30% من الأفراد الذين تم فحصهم هم في مرحلة ما قبل السكري، وهي المرحلة التي تشهد تطور المرض، حيث يكون مستوى السكر في الدم مرتفعًا بما فيه الكفاية لتبرير القلق من الإصابة، ولكن ليس بنفس مستوى الشخص المصاب بمرض السكري. وشدد الدكتور أيضًا على أنه، وابتداءً من سن الأربعين، يتعين على الأفراد البدء بإجراء فحص سكري بشكلٍ سنوي، حيث يمكن عكس الوضع إذا تم اكتشافه في مرحلة ما قبل السكري.
وأتاحت جلسة المناقشة توعية الحاضرين بمختلف التدابير الوقائية التي تعتبر في غاية الأهمية لمنع تطور المرض، بما في ذلك الالتزام بنظام غذائي متوازن، وإدارة الوزن، واتباع نمط حياة يتسم بالنشاط.
وتماشيًا مع دوره كمؤسسة وطنية للبحوث الصحية، يواصل معهد قطر لبحوث الطب الحيوي التابع لجامعة حمد بن خليفة، إجراء البحوث عن مرض السكري؛ بهدف تعزيز فهمنا للأسباب الاجتماعية والجزيئية لمرض السكري، وتمهيد الطريق نحو تطوير علاجات جديدة لهذه المشكلة العالمية المتزايدة.