محمد افرين توك
ُتعد مدينة الدوحة إحدى المدن الناهضة بمنطقة الخليج والشرق الأوسط في العديد من النواحي، ويأتي دعمها الطموح واللامحدود للتعليم في مقدمة هذا كله. يمثل مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم "وايز" ذروة هذا الدعم الذي يتجسد في المؤتمر الذي يُعقد كل سنتين. وبرعاية كريمة من صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، عقدمؤتمر "وايز" في العام 2009.
وفي "وايز" 2017 وتحت عنوان: "بين التعايش والإبداع: نتعلم كيف نحيا ونعمل معًا"، ومن خلال الجمع بين (000,3) خبير دوليمن أنحاء العالم، وعلى مدى أكثر من (50) جلسة، تمخض المؤتمر عن بيئة ثرية تشكّل عنه مشهد عالمي انبثقت بداياته من مدينة الدوحة في قطر. وعلى مدى السنوات الماضية التي شهدت انعقاد مؤتمر "وايز"، نعتقد أن تأثيرهلا ينبغي أن يُفهم في سياق التركيز على التعليم فقط.
التصورات الاجتماعية
تتمحور التصورات الاجتماعية حول الطريقة التي يتخيل بها الناس حياتهم الاجتماعية الشاملة كما عرّفها الفيلسوف المعروف تشارلز تايلور. وقد أوضح مؤتمر "وايز" 2017 أن للتعليم أهمية مركزية تتعلق بتصور المستقبل وتأثيره على الأجيال القادمة. والأهم من ذلك، ما هي التصورات الاجتماعية التي تنتظرنا، ولماذا هذه التصورات تُعد محورية في بناء مستقبل مستدام؟ فالتعليم يمثل جزءًا لا يتجزأ من عملية شاملة، وأن "التعايش والإبداع" كما أكد عليه مؤتمر "وايز"لهذا العام يسهمان في وضع تصورات وتحديد مسارات لبناء المفاهيم الاجتماعية وتجديدها. وبالتالي يتجاوز تأثير مؤتمر "وايز" لما وراء مجال العلم والتعلم، ويرتبط في جوهره بالتصورات الشاملة للمجتمعات المعاصرة. إنها رؤية تنظر للمعلم وللمؤسسة التعليمية ليس لمجرد أنهما يزودان الطلاب بالعلم والمعرفة فقط، لكن باعتبار أنهما يمهدان الطريق نحو بناء الأمةوتوفير الوسائل المبتكرة؛ لحل المعضلات فيما وراء الحدود.
لماذا يبدو هذا الأمر عاجل وحان وقته المناسب؟
لسبب رئيسي يكمن في أهمية التصورات الاجتماعية في إحياء النسيج الاجتماعي، وتعزيز الذكاء والسلوك الجمعي.وقد كشف مؤتمر "وايز" 2017 وبطرق متنوعة عن تحديات كبيرة ووسائل خداع في عالم الحقيقة.
عالم الحقيقة
في كلمتها أمام حفل الافتتاح، أكدت سمو الشيخة موزا بنت ناصر على أن قضية التعايش تأتي ضمن الحلول الأساسية للتصدي للتحديات المشتركة.وأن هذه التحديات ترتبط عن كثب بمدى حيوية التصورات الاجتماعية، وكيف أن هذه التصورات الاجتماعية حول العالم تتعرض لكثير من المخاطر.
وقد صرحت سموها بشكل أكثر تحديدًا أن "التعليم الذي يدفع نحو التقدم عاجلاً أو آجلاً يواجه تحديات متنوعة وعلى مستويات مختلفة، تشمل تحديات سياسية وإعلامية وثقافية وتكنولوجية".
ونحن نؤمن بأن هذه التحديات تُبرز بوضوح الطبيعة الكامنة للتعليم، وأنه بدون استيعاب هذا الجانب، فإن احتمال بذل الجهود اللازمة لتعزيز التعايش وتعريف التصورات الاجتماعية بشأن المستقبلليست هي السمة الغالبة. وقد شدد باتريك اووه، الحائز على جائزة مؤتمر القمة للابتكار في التعليم "وايز" 2017، على أهمية المساهمة في إعداد القادة الجدد من جيل الشباب في القارة الأفريقية، وأن يكونوا ملتزمين بالسلوك الأخلاقي في بناء مجتمعاتهم.
وبإلقاء الضوء على خصائص وتحديات وعوائق عالم ما بعد الحقيقة، كشف لنا مؤتمر "وايز" 2017 عن التحديات الدولية بشأن بناء التصورات الاجتماعية للمستقبل والتي تتعرض لكثير من المخاطر الهامة.
محمد افرين توك
أستاذ مساعد
جامعة حمد بن خليفة