أصبحت التكنولوجيا تُمثل جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، على نحو لم نشهد له مثيلًا، ويرجع السبب في ذلك إلى الكم الهائل من المعلومات التي أصبحت في متناول جميع المستخدمين عبر الإنترنت على اختلاف فئاتهم. إذ توفر شبكة الإنترنت لذوي الاحتياجات الخاصة إمكانية الاستمتاع باستقلالية أكبر، وقد ساعدتهم على إزالة الكثير من الحواجز التي كان من الصعب تخطيها فيما مضى. وقد تخطت فكرة توفير المعلومات، وحق الوصول إليها قضية كونها التزامًا أخلاقيًا اختياريًا يتم توظيفه لأغراض الترفيه. بل أصبحت اليوم، ضرورة قانونية في كثير من المناطق حول العالم. حيث لجأت العديد من الحكومات إلى تضمين إمكانات الوصول إلى المعلومات وتقنيات الاتصال (ICT) في أنظمتها التشريعية، سواء كان ذلك عن طريق تطبيق قواعدها وأنظمتها الخاصة، أو بتبني المبادئ التوجيهية لرابطة الشبكة العالمية (W3C). وعلى صعيد متصل، أطلقت قطر عام 2011 سياساتها الوطنية لسهولة النفاذ إلى المعلومات الإلكترونية (National e-Accessibility)، والتي تهدف إلى رفع مستويات الوصول إلى المعلومات واستخدامها عبر جميع المنصات الرقمية. وقد ألزمت هذه السياسة جميع مرافق الخدمات العامة في قطر، بإنشاء مواقع إلكترونية لها بما ينسجم مع معايير الإصدار الثاني من إرشادات إتاحة محتوى الويب (WCAG 2.0) من المستوى "A" المزدوج من المعايير الدولية لسهولة الوصول، وذلك بحلول 2013 لجميع المواقع الجديدة، وبحلول 2015 للمواقع الموجودة الآن. وعلى الصعيد الدولي، قد نص ميثاق الأمم المتحدة لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة الصادر في مايو 2008 على أن النفاذ إلى المعلومات وسهولة الوصول إليها مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتطور تعريف الإعاقة أو ذوي الاحتياجات الخاصة.
ولهذا اهتمت المؤسسات الأكاديمية بإنشاء واجهات حاسب آلي أكثر شمولية، توافقًا مع تلك السياسات الوطنية والمبادرات الدولية وإمتثالا لها. كما تم استحداث بعض المفاهيم، مثل: "التصميم الشامل" و"سهولة الاستخدام العام"، إلى جانب ما شهدته أعمال رابطة الشبكة العالمية في مجال سهولة الوصول والنفاذ إلى معلومات الويب من تطور مطّرد. وقد ألقت تلك المبادئ العامة والمفاهيم الضوء على احتواء فئات الشعوب غير القياسية ومراعاتهم في أعمال التصميم والتقييم.
وقد ركزت في بحثي على دراسة موضوع التصميم الشامل من عدة جوانب مختلفة. ونظرًا لاهتمام البحوث السابقة بموضوع دعم الأفراد لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال، والتطور الملحوظ والمحكم في التقنيات المعنية بدعم الأفراد لاستخدام الويب. في حين نفتقر إلى ما يكفي من الدعم لاحتواء المستخدمين من ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم سواء في أماكن العمل أو في أثناء ممارسة أنشطتهم الاجتماعية أو العليمية؛ لذا فقد أوليت اهتمامًا خاصًا في بحثي لمناقشة الفجوة الهائلة الموجودة في وسائل التكنولوجيا المساعدة في الوقت الحاضر، في محاولة لإضافة المزيد من الجودة والتحسين إلى استخدام وسائل التكنولوجيا الرقمية لذوي الاحتياجات الخاصة، ثم لغيرهم من باقي أفراد المجتمع.
كما أنني مهتمة بالسبل الممكن استخدامها لإجراء بحوث تفاعلية بين الإنسان والحاسب الآلي، بالتعاون مع ذوي الاحتياجات الخاصة، للتعرّف بصورة أفضل على مشكلات النفاذ إلى المعلومات التي تواجههم في مختلف المواقف. وهو ما سيمكننا من تحديد أفضل الطرق المناسبة لمراعاتهم في التصميم الشامل. وغايتي المطلقة من ذلك هو تذليل كل العقبات والتحديات التي قد يكون لها تأثير سلبي على احتواء ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم.
د. دينا أحمد آل ثاني
أستاذ مساعد
كلية العلوم والهندسة