عملت الدكتورة/ ريما غريب، الأستاذ المساعد بكلية الدراسات الإسلامية، على دراسة الدور الفعّال للفقه الإسلامي في دعم الإرث والحضارة المعمارية وحمايتهما والحفاظ عليهما.
كما عكفت مؤخرًا على دراسة مفهوم الحفاظ على الإرث المعماري وحمايته عبر التاريخ الإسلامي. وعلى الرغم من صعوبة دراسة هذه الموضوعات الحساسة والشائكة من منظور عقائدي، إلا أنها ستتطرق إلى العديد من النقاشات والحوارات المتنوعة. ويتضح من بحثنا هذا أنه من حقنا الاستمتاع بحياة في بيئة صحية ومتقنة البناء. كما يستكشف البحث المبادئ الإسلامية فيما يتعلق بالتطور والعمران البشري، والتي تحول دون إتلاف البيئات المحيطة بنا أو تدميرها.
إن البشر ملزمون، في الأساس، بإعمار الحياة والحفاظ على البيئة بشكل عام، وفي سبيل ذلك يتحملون مسئولية تجنب الفساد والتلوث، وكل ما يضر البيئة المحيطة. ويشتمل مصطلح "العمران" على الأبنية والإنشاءات المعمارية على اختلاف أنواعها، ولكنه يركز أيضًا على تحسين الإرث المعماري السابق، وترميم الأبنية وتجديدها بغرض حماية الأرواح، والمداومة على صيانتها للحفاظ على حضارة سليمة ونابضة بالحياة. ويتضح من دراسة الدور الحيوي للفقه الإسلامي واستعراضه في خدمة البشر وتوفير احتياجات المجتمع، أن السلوك المتعلق بالحماية يضمن للمدينة قواعد راسخة من الشعور بالعدالة والنزاهة، فضلاً عن حماية الإرث المعماري في الماضي والمستقبل.
كما نسعى إلى بث روح النهضة والحداثة في مفهوم حماية الإرث المعماري وحفظه من منظور إسلامي. وقد ورد في العديد من الآيات القرآنية الكريمة ما يجعل ذلك ممكنًا بكلمات موجزة وثرية في معانيها وما ترمي إليه. كما نعمل على تحليل تلك المبادئ الفقهية بهدف دعم حماية الإرث الحضاري والمعماري. ويعد هذا المنهج طفرة ثورية على مستوى الفكر الإسلامي الشائع في وقتنا الحاضر بصفة عامة، عن طريق تجميع الأفكار والآراء المشتركة بين المناهج العقلانية والأدلة الجدلية والتجريبية.
ويمكننا التأكيد على مشروعية حماية الإرث المعماري وضرورتها، والحفاظ عليه من منظور التشريع الإسلامي، والسبب في ذلك هو أن الإسلام جاء ليحث البشر على استخدام الموارد المتاحة بحكمةٍ لخلق البيئة القويمة من الناحية الاقتصادية والمادية. ومن المؤكد أن حفظ الإرث المعماري وحمايته سيعود بالنفع على جميع المجتمع، ويضمن إعادة تدوير الموارد بأفضل طريقة تخدم البشرية لأجيال ممتدة. ونظرًا لما يتميز به العالم الإسلامي في وقتنا الحاضر من تضمينه للعديد من الأقاليم الجغرافية والثقافات التاريخية، كان لزامًا علينا إجراء المزيد من البحث والدراسة لفهم قواعد الملكية والحماية المعنية بالبيئة التاريخية، مع الأخذ بالاعتبار الموروثات الثقافية والعادات والتقاليد المحلية، وليس المبادئ التشريعية فحسب. ثم نستمر في بحثنا لدراسة أبعاد الحماية على نطاق أوسع من الإرث الثقافي، والتعاون مع العديد من الباحثين والمراكز الإسلامية، وخبراء الحفاظ على المباني وصيانتها وترميمها، والمستخدمين والزوار بهدف البحث والتعلم وصياغة فهم جديد قادر على تذليل العقبات واجتياز التحديات القائمة.
د./ ريما غريب
أستاذ مساعد بكلية الدراسات الإسلامية