خبراء: قطر يمكنها المنافسة في صناعة الرياضات الإلكترونية العالمية
الهيئة:  كلية العلوم والهندسة
فريقان يتنافسان في إحدى بطولات الرياضات الالكترونية

أصبح الشرق الأوسط مركزًا نشطًا يتنامى بسرعة في مجال الرياضات الإلكترونية، حيث تصدرت المملكة العربية السعودية مؤخرًا عناوين الأخبار من خلال استراتيجيتها التي تقدر قيمتها بنحو 38 مليار دولار، لتحويل البلاد إلى مركز عالمي للرياضات الإلكترونية.
وناقشت الدكتورة كاميلا سوارت، مدير برنامج ماجستير العلوم في إدارة الأنشطة الرياضية والفعاليات، بكلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة، والدكتور كريستوس أناجنوستوبولوس، الأستاذ المساعد بكلية العلوم والهندسة، والدكتور نيكولاس واتانابي، الأستاذ المشارك بجامعة ساوث كارولينا، صعود هذا المجال الرياضي الجديد، وآفاق دولة قطر في تطوير مشهد الرياضات الإلكترونية الخاص بها.

كيف تعرف الرياضات الإلكترونية، وكيف برزت كمجال رياضي مشروع؟

الدكتور نيكولاس واتانابي: "ببساطة ، تتعلق الرياضات الإلكترونية بألعاب الفيديو التنافسية والمنظمة، حيث دخلت شركات مثل EA Sports هذا السوق منذ عقدين على الأقل، حتى قبل أن نفهم التطبيقات والخبرات التي سيحصلون عليها في عصرنا الحالي، فمع التحول الرقمي وتطور التكنولوجيا والبنية التحتية المواتية، ناهيك عن الشعبية المتزايدة لـ "الرياضة" ، قام عمالقة مثل الفورمولا 1 ، والفيفا ، واتحاد كرة القدم الأميركي ، والدوري الأميركي للمحترفين، بتشكيل فرقهم الخاصة وبطولاتهم التنافسية.

الدكتورة كاميلا سوارت: منذ نوفمبر 2017 ، أدركت اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) أن الرياضات الإلكترونية أصبحت نشاطًا رياضيًا عالميًا، معلنة أنها ستستضيف أسبوع الرياضات الإلكترونية الأولمبي الافتتاحي في يونيو 2023 في سنغافورة، بالتعاون مع الاتحادات الرياضية الدولية لتنظيم بطولات الرياضات الإلكترونية، في تسع رياضات مختلفة.

كما ألمحت اللجنة الأولمبية الدولية إلى إمكانية انضمام الرياضات الإلكترونية في دورة الألعاب الأولمبية في بريسبان 2032، مما يدل على أنها تدرك تماما النمو المتسارع والشعبية المتنامية للرياضات الإلكترونية بين الشباب، وذلك في إطار هدفها إلى جذب الأجيال الشابة إلى الألعاب الأولمبية.

ومن المهم أيضا التأكيد على أنه من المقرر أن تصبح الرياضات الإلكترونية ميدانًا جديدًا لحصد الميداليات في دورة الألعاب الآسيوية المؤجلة منذ عام 2022 في هانغزو ، الصين ، وهي بطولة ستستضيفها الدوحة في عام 2030.

ما هو حجم صناعة الرياضات الإلكترونية على مستوى العالم؟ ما هي آفاقها في الشرق الأوسط، ودولة قطر على وجه التحديد؟

الدكتور نيكولاس واتانابي: وفقا لأحدث تقديرات "ديلويت" - إحدى شركات الخدمات الاستشارية والمحاسبة الرائدة عالميًا – فقد بلغت قيمة سوق الرياضات الإلكترونية نحو 942.34 مليون دولار في العام 2020 ، ومن المتوقع أن ترتفع لتصل إلى أكثر من 4.7 مليار دولار بحلول العام 2030 ، بزيادة قدرها 17.5٪، ناهيك عن نحو 29.6 مليون مشاهد شهريًا للرياضات الإلكترونية في العام 2022، بزيادة 11.5٪ عن العام 2021، علمًا أن Riot Games ، الذي أطلق لعبة League of Legends ، التي تعتبر اللعبة الرائدة في الرياضات الإلكترونية والأكثر شعبية في العالم، حيث حقق أكثر من 20 مليار دولار من المبيعات والبضائع والمشتريات المتعلقة باللعبة وحقوق التراخيص والمسابقات.

الدكتور كاميلا سوارت: تسعى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لترسيخ مكانتها كواحدة من الشركات الرائدة في صناعة الرياضات الإلكترونية، وبعد استضافة أول مسابقة رسمية للرياضات الإلكترونية في المنطقة، وهي مسابقة ESL ESEA Pro League لعام 2015 التي عقدت في عام 2015 في دبي، بدأت موجة من شركات التكنولوجيا ومصممي ألعاب الفيديو ومنظمي بطولات الرياضات الإلكترونية في تطوير واستضافة مسابقات الرياضات الإلكترونية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ولتعزيز نمو هذا القطاع في دولة قطر، تم إطلاق الاتحاد القطري للرياضات الإلكترونية (QESF) في نهاية عام 2022 بهدف زيادة المشاركة المجتمعية والنهوض بالرياضات الإلكترونية في البلاد. وكجزء من هذه المبادرة، أبرم الاتحاد القطري للرياضات الإلكترونية اتفاقية مع المدينة الترفيهية "كويست"، وهي شركة رياضات إلكترونية مقرها قطر، ستمكنها من الارتقاء بالمواهب المحلية من خلال الدعم والتدريب الإضافيين مع زيادة وتيرة المسابقات. ومن خلال القيام بذلك، سيوفر الاتحاد أيضا للرياضيين الموهوبين مسارا واضحا للتقدم المهني حتى يتمكنوا من تمثيل قطر في المسابقات الدولية.

ما الذي يحتاجه قطاع الرياضات الإلكترونية لمواصلة النمو بطريقة مستدامة في قطر؟

الدكتور كريستوس أناجنوستوبولوس: أعتقد أن الإطار المؤسسي أو القانوني الذي يضع الحدود ويُميز الرياضات الإلكترونية عن لعب ألعاب الفيديو، هو الطريق إلى الأمام في بيئة متدفقة وغير خاضعة للرقابة، حيث يشير الخبراء الذين أجابوا على استطلاع "بي دبليو سي" للرياضة في الشرق الأوسط لعام 2021 [PF1] إلى أهمية قيام الهيئات الإدارية بتصنيف وتحديد الاختلافات الافتراضية لرياضاتهم بدقة، ووضع اللوائح المناسبة، وإشراك أصحاب المصلحة المعنيين وتطوير استراتيجيات مستقلة للدخول إلى السوق.

الدكتورة كاميلا سوارت: يُعد إعداد القوى العاملة التي تدير هذه الصناعة المتنامية أمرا بالغ الأهمية، فعلى سبيل المثال، يكتسب الطلاب في برنامج ماجستير العلوم في إدارة الأنشطة الرياضية والفعاليات، الذي تقدمه جامعة حمد بن خليفة وجامعة ساوث كارولينا، خبرة مباشرة في هذه الصناعة الجديدة.

الدكتور نيكولاس واتانابي: تغطي هذه الدورة مجموعة من القضايا بدءًا من إدارة الفرق والرياضيين، إلى استخدام الوسائط الرقمية لتسويق الرياضات الإلكترونية وكيفية تحقيق الدخل منها، ومن منظور استراتيجي، فإن الهدف من الدورة هو تعزيز الخبرة الحالية للطلاب في إدارة وتسويق الصناعة الرياضية، حتى يتمكنوا من تطبيق هذه المعرفة في مجال الرياضات الإلكترونية. ومن هنا، ينصب تركيزنا على ضمان أن يصبح خريجونا قادة ومدراء في جميع مجالات الرياضات الإلكترونية والمشاريع الرياضية في المستقبل.

كيف ترى آفاق التطور في قطر لتصبح مركزا بارزا للرياضات الإلكترونية؟ وما مدى أهمية هذا المجال لاستمرار نمو ها؟

الدكتور نيكولاس واتانابي: من أجل الوصول إلى تأسيس صناعة قوية في مجال الرياضات الإلكترونية، فإن ذلك يستلزم وجود بنية تحتية رياضية وتكنولوجية راسخة، وكلاهما موجود في قطر، وعلى هذا النحو ، هناك إمكانات كبيرة للرياضات الإلكترونية لمواصلة نمو ها في قطر، لتكون جزءا مهمًا من استراتيجية تنويع مصادر الدخل في البلاد.

الدكتورة كاميلا سوارت: إن تطوير ثقافة الرياضات الإلكترونية لا يتواكب فقط مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 المتمثلة في دعم وتعزيز المنظومة الرياضية الشاملة وتطوير جيل الشباب، بل يؤسس أيضا لمزيد من فرص الشمولية وإمكانية الوصول، وهذا يعني المشاركة النشطة للفتيات والنساء وكذلك الأشخاص ذوي الإعاقة، ومن خلال دعم مجالات الشراكة والتعاون، فإن قطر والمنطقة ككل تتمتع بالقدرة على ترسيخ مكانتها كمركز دولي للرياضات الإلكترونية.

الدكتور كريستوس أناجنوستوبولوس: يبدو أن هناك تركيزا متزايدا على الأهمية الاقتصادية وتأثير الرياضات الإلكترونية على المنظومة الرياضية في إطارها الواسع، ومع ذلك، وفي قناعتي، فإن هذا النهج أحادي التوجه، يُعتبر قِصر نظر إلى حد ما، فقد أظهرت الدراسات التجريبية أن هناك مزايا أكثر بكثير من "الفوائد الاقتصادية" عندما نتحدث عن الرياضات الإلكترونية.

هذا، وتوفر الرياضات الإلكترونية للطلاب فرصًا للانخراط في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، مما يمنحهم طريقة فريدة للتفاعل مع هذه التخصصات المعنية، عندما يبدأون في التفكير بالمهن التي يرغبون في متابعتها، وعلى سبيل المثال، يكتسب الطلاب مهارات الرياضيات من خلال متابعة إحصائيات اللعبة وتحليل البيانات لبناء استراتيجية أقوى داخل اللعبة، وهناك أيضا العديد من الفوائد التي يمكن للدماغ البشري حصدها من خلال الرياضات الإلكترونية، حيث تشير الدراسات إلى أن الألعاب يمكن أن تؤدي إلى تحسين الإدراك البصري والذاكرة والتركيز.

ملحوظة: جميع الأفكار والآراء الواردة في المقال تعبر فقط عن المؤلفين، ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.