العامل الأساسي لتحقيق التنمية المستدامة والاقتصاد القائم

احتفالاً بمرور 10 سنوات على تأسيسها كجامعة تركز على الدراسات العليا والبحوث، أطلقت جامعة حمد بن خليفة مبادرة جديدة، وهي سلسلة حوارات الجامعة التي تعيد التأكيد على دورها كمؤسسة قطرية ملتزمة بالمشاركة المجتمعية على نطاقٍ أوسع.

وبمناسبة إطلاق هذه الحوارات، صرَّح الدكتور أحمد مجاهد عمر حسنه، رئيس الجامعة، قائلاً: "لا تزال الجامعة تحرص على تعزيز الاتصال العميق بمجتمعها عبر المبادرة بإجراء حوارات هادفة؛ ولهذا السبب، فقد أطلقنا سلسلة حوارات جامعة حمد بن خليفة لحشد وجسر جهودنا البحثية ومبادراتنا للتواصل المجتمعي." 

وركزت النسخة الأولى من حوارات الجامعة، التي عقدت بتاريخ 27 أكتوبر، على أهمية "الاستثمار في البحث العلمي وتأثيره على التنمية المستدامة والاقتصاد القائم على المعرفة". وشهدت الحوارات مشاركة متحدثين رفيعي المستوى من قادة الفكر البارزين، من بينهم سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني، وزير البيئة والتغير المناخي؛ وسعادة الدكتور محمد بن صالح السادة، وزير الطاقة والصناعة السابق؛ والدكتور حسن راشد الدرهم، رئيس جامعة قطر الذين تبادلوا آراءهم القيِّمة حول التحديات والفرص القائمة لتحقيق التنمية المستدامة والاقتصاد القائم على المعرفة. 

دور جامعة حمد بن خليفة

تؤدي الجامعات والكليات ومؤسسات التعليم العالي الأخرى دورًا حيويًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، وهي مذكورة على وجه التحديد في الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة بشأن التعليم الجيد والشامل.

وقد أثبتت جهود جامعة حمد بن خليفة، التي ارتكزت على قيم الابتكار والتحول، من خلال البرامج التعليمية والدراسية ومخرجات البحوث والمبادرات الأخرى، أن تأثير مؤسسات التعليم العالي يمتد لجميع أهداف التنمية المستدامة. وتحظى الجامعة بتقديرٍ كبيرٍ باعتبارها مركزًا قطريًا فريدًا من نوعه للبحوث المبتكرة التي تثري المعرفة وتبني القدرات وتحول المجتمع. وعلى مدار العقد الماضي، سعت الجامعة إلى تطوير برامج أكاديمية متكاملة ذات مستوى عالمي وإمكانات بحثية وطنية يمكنها دفع الاقتصاد القائم على المعرفة في قطر قدمًا وصياغة حلول جديدة للاستدامة والتحديات الأخرى.

أبرز النقاط في المناقشات

بُثت المناقشات رفيعة المستوى، التي أدارها مانع الأنصاري، خريج جامعة حمد بن خليفة، عبر الإنترنت للجمهور باستخدام تقنية البث المباشر.

وفي بداية حديثه، تقدم سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني، وزير البيئة والتغير المناخي، بالتهنئة للجامعة بمناسبة مرور عشر سنوات على إنشائها متمنيًا لها تحقيق المزيد من النجاح. وردًا على سؤال حول مساهمة البحث العلمي والتعليم العالي في معالجة تحديات سوق العمل ودعم المؤسسات الحكومية في تحقيق ذلك الهدف، قال سعادته إن وزارة البيئة والتغير المناخي شريك أساسي لجميع الجامعات والمعاهد البحثية، مبينًا أن هذه المعاهد قامت بدورٌ أساسي في تطوير استراتيجية البيئة والتغير المناخي التي اعتمدت وسيتم الإعلان عنها غدًا. وأوضح سعادته أن هذه الاستراتيجية طُورت بالتعاون مع الجامعات الوطنية ومن بينها جامعة حمد بن خليفة، وأكد على على أن دولة قطر تولي اهتمامًا كبيرًا لمجال الطاقة المتجددة، وأن الحكومة القطرية قطعت شوطًا كبيرًا في إنشاء العديد من محطات الطاقة المتجددة التي سيتم الإعلان عنها في القريب العاجل. 

الاستثمار في البحث العلمي: العامل الأساسي لتحقيق التنمية المستدامة  والاقتصاد القائم على المعرفة وشدد سعادته على أن الوزارة تتعاون مع الجامعات والمعاهد البحثية في مجال إدارة النفايات، مبينًا أن هناك تحديات كبيرة تواجه قطاعالنفط والغاز، بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بالاستخدام الأمثل للأراضي، واستخدام المياه والطاقة، مشيرًا إلى أن هذه التحديات تُعالج عن طريق مشاريع الابتكار والبحوث والتطوير. وتقدم سعادته بالشكر للصندوق القطري لرعاية البحث العلمي الذي يؤدي دورًا كبيرًا في دعم الكثير من المشاريع البحثية المتعلقة بالبيئة وإدارة النفايات والطاقة المتجددة.

بدوره، قال سعادة الدكتور حسن الدرهم، رئيس جامعة قطر، ردًا على سؤال حول الدور الذي يمكن أن تؤديه الشراكة بين جامعة قطر وجامعة حمد بن خليفة، وتأثير هذا التعاون على المجتمع واقتصاد الدولة من خلال إجراء الأبحاث والبرامج المشتركة: "أعتقد أن للجامعات دور أساسي ورئيسي في تعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة، وأرى أن التعاون والتكامل بين الجامعات مطلوب لتحقيق هذا الهدف.

وجامعة قطر هي جامعة تعليمية بالأساس، بينما تأسست جامعة حمد بن خليفة لكي تكون جامعة بحثية تستجيب للتحديات التي تواجه دولة قطر في جميع المجالات. وأعتقد أن جامعة حمد بن خليفة يمكن أن تؤدي دورًا رئيسيًا في بناء هذا الاقتصاد المنشود من خلال المعاهد والمراكز البحثية التابعة لها وبرامج الدراسات العليا المتنوعة الموجودة فيها. ونحن أيضًا في جامعة قطر نتمتع بقدرات متعددة من بينها أن عدد الطلبة لدينا يتجاوز خمسة وعشرين ألف طالب وطالبة، وأرى أن  من المطلوب الربط بين الطلبة المتميزين من خريجي جامعة قطر وبين جامعة حمد بن خليفة، بحيث تتبناهم الجامعة ليصبحوا جزءًا مهمًا من جهود تطوير القدرات البشرية في دولة قطر لبناء اقتصاد المعرفة."

وأضاف: "أعتقد أن الجامعتين تتمتعان بالمرونة، وهي ميزة مهمة جدًا في مجال التعليم العالي في ظل المتغيرات السريعة التي نراها في عصر العولمة أو الثورة الصناعية الرابعة الكبرى التي نشهد إرهاصاتها وفي ظل الظروف التي رأيناها في جائحة كورونا. والمرونة عنصر أساسي في الحوكمة يمكِّن الجامعات من مواجهة هذه التحديات بحيث تكون سباقة في تناولها بطريقة قادرة على تحويلها إلى فرص حقيقية. وأظن أن هناك الكثير من البرامج التي يمكن أن نبني عليها شراكة حقيقية، بالتعاون مع  قطاع الصناعة والقطاع الحكومي أيضًا."

وأعرب الدكتور الدرهم عن سعادته بالإطلاق المرتقب لاستراتيجية قطر للبيئة والتغير المناخي، مؤكدًا على اعتقاده بأن هذه الاستراتيجية تحتوي على محور رئيسي يقوم على العمل مع الجامعات فيما يخص البحث العلمي، وأن هناك فرصًا واعدة لنجاح هذه الاستراتيجية، وأشاد سعادته بالإعلان عن إطلاق الصندوق الوقفي لجامعة حمد بن خليفة، وشدد على أن هذا الصندوق سيعزز جوانب الاستدامة في عمل الجامعة. 

الاستثمار في البحث العلمي: العامل الأساسي لتحقيق التنمية المستدامة  والاقتصاد القائم على المعرفة من جانبه، قال سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة، وزير الطاقة والصناعة السابق، في رده على سؤال حول رؤيته لوسائل تعزيز التعاون بين المؤسسات التعليمية والحكومية دعمًا لتنويع مصادر الاقتصاد القطري والمجتمع القائم على المعرفة: "البحث العلمي هو ركيزة أساسية الآن في الاقتصاديات سواء اقتصاديات الإنتاج أو الخدمات، حيث يشهد العالم تطورًا مطردًا في مجال البحث العلمي. ولا تستطيع أي مؤسسة تعليمية أو بحثية، مهما كانت نجاحاتها، أن تقف في مكانها بعد تحقيقها للنجاحات، إذ يجب عليها أن تستمر في مواجهة التحديات بشقيها التشغيلي والتطويري. وتحتاج المؤسسات في جهودها الرامية لتعزيز كفاءتها إلى تضافرجميع الجهود، وهذا لا يتأتى إلا بالبحث المستمر. والشق الآخر الذي تحتاجه القطاعات الصناعية أو الخدمية هو الشق التطويري، وهو شق المستقبل والاختراعات الجديدة والتنافسية."

وأضاف سعادته: "نحن نشهد حاليًا نمو التعاون بين مختلف القطاعات، وأعتقد أن جامعة حمد بن خليفة مرت خلال السنوات العشر الماضية بمرحلة تحدي البناء، وأصبحت يشار إليها بالبنان الآن على الرغم من عمرها القصير. وتتميز البحوث التي تجريها الجامعة بأنها تتطلع للمستقبل، فلو استعرضنا التخصصات الموجودة كلها لوجدنا أنها تخصصات مستقبلية مثل علوم الجينوم و النانو، وحتى الدراسات الإنسانية والرقمية. وهذه النظرة المستقبلية هي ما نحتاج إليه بالفعل."

وتابع الدكتور السادة حديثه قائلاً: "أصبحت المشاركة في البحوث مع القطاعات الاقتصادية الأخرى ضرورة ملحةً، وليس أمرًا من باب الترف أو الاختيار. وتستطيع القطاعات التعليمية والبحثية أن تعتمد بثقة تامة على الطاقات البحثية الموجودة في قطر. وإذا استعرضنا بعض البيانات المتعلقة بالأبحاث التي جرت على مدار السنوات العشر الماضية لوجدنا أن ناتج البحث العلمي في قطر ارتفع بمعدل أكثر من سبعة أضعاف،  بالإضافة إلى الجودة العالية للأبحاث، وكلها أبحاث منشورة ومحكمة دوليًا، وهذا مؤشر كبير جدًا يجعلنا نشعر بالفخر والاعتزاز."

واختتم وزير الطاقة والصناعة السابق حديثه بقوله: "من أهم المؤشرات والبيانات التي يمكن للفرد أن يطلع عليها انخفاض التكلفة خلال الفترة التي شهدت زيادة الإنتاج العلمي والمنشورات البحثية، وهذا شيء طبيعي لأن التكلفة في مرحلة بداية البناء دائمًا ما تكون مكلفة. ولكن كلما واصلنا مسيرتنا العلمية والبحثية، قلت التكلفة وزادت الإنتاجية. ونحن نفخر بجامعة حمد بن خليفة مثلما نفخر ببقية الجامعات في قطر، لكن هذه الجامعة لها خصوصيتها ونستطيع أن نعتمد عليها في المستقبل."

حوارات جامعة حمد بن خليفة: المشاركة المستقبلية

في ظل وجود العديد من المبادرات والمنصات التي يُخطط لها في إطار سلسلة "حوارات جامعة حمد بن خليفة"، ستتاح للجامعة ومجتمع المدينة التعليمية من الطلاب والباحثين وأعضاء هيئة التدريس على نطاقٍ أوسع فرصًا للمشاركة وتبادل وجهات النظر حول القضايا المهمة عالميًا والمؤثرة على الصعيد الوطني.

وتتميز جامعة حمد بن خليفة بأنها عضوٌ رئيسيٌ وفاعلٌ في المنظومة الفريدة لمؤسسة قطر ومبادرتها المتميزة التي تضم العديد من الجامعات الرائدة التي تثري تجربة التعلم ونجاح الطلاب في جميع أنحاء المدينة التعليمية. وعبر تسليطها للضوء على خبرات الجامعة وتجاربها في المجالات المتخصصة للمجتمع على نطاقٍ أوسع، ستعمل هذه المبادرة الجديدة على توسيع البحوث الأكاديمية والمبتكرة في جامعة حمد بن خليفة التي تثري المعرفة وتبني القدرات وتحول المجتمع.