تطوير الموارد البشرية اللازمة لتعزيز التأثير الاجتماعي للرياضة
تحتفل دولة قطر باليوم الرياضي للدولة في 8 فبراير من كل عام

في ظل الاستعدادات الدؤوبة التي تجريها دولة قطر لاستضافة أول بطولة لكأس العالم في كرة القدم تقام بمنطقة الشرق الأوسط، وهو حدث يتوقع أن يترك إرثًا استثنائيًا للأجيال المقبلة، يذكرنا اليوم الرياضي للدولة من جديد بالتأثير الملحوظ الذي يمكن أن تتركه الرياضة على المجتمع.

وتُعدُ تنمية الموارد البشرية للحفاظ على هذا الاتجاه هدفًا رئيسيًا من أهداف جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، حيث تقدم الجامعة برامج فريدة من نوعها في المنطقة للدراسات العليا والبحوث في كلية العلوم والهندسة، وكلية العلوم الصحية والحيوية وغيرها من الكليات التابعة للجامعة. وتتوافق أهداف هذه البرامج مع الرؤية الوطنية نحو الرياضة باعتبارها محركًا رئيسيًا للجهود المبذولة لتنويع الموارد الاقتصادية في دولة قطر ومجالات التنمية الأخرى مثل المجالات الاجتماعية والبشرية والبيئية. 

كلية العلوم والهندسة: تأهيل القيادات المهنية

يدعم برنامج ماجستير العلوم في إدارة الأنشطة الرياضية والفعاليات، الذي تقدمه كلية العلوم والهندسة ويؤهل الطالب لاحقًا للحصول على درجة علمية مشتركة مع جامعة كارولينا الجنوبية، الجهود الرامية لتطوير صناعة الرياضة في قطر عبر تأهيل المتخصصين وتجهيزهم لتولي أدوار إدارية وقيادية في مجال إدارة الأنشطة والفعاليات الرياضية. ويؤهل البرنامج الطلاب ويزودهم بمجموعة متنوعة من المهارات والخبرات التي تغطي الجوانب القانونية والمالية والتشغيلية والإدارية في مجال إدارة الأنشطة والفعاليات الرياضية والترفيهية، بما في ذلك المجالات التي تظهر إمكانيات محتملة للنمو مثل الرياضات الإلكترونية. ويمكن لخريجي هذا البرنامج سلك مجموعة متنوعة من المسارات الوظيفية في قطاعات الرياضة العامة منها والخاصة، التي تشمل الرعاية، والتسويق، وإدارة الفعاليات، وإدارة المنشآت والمرافق، والبث التلفزيوني، فضلاً عن المجالين الأكاديمي والبحثي. 

ويتعاون أعضاء هيئة التدريس وطلاب البرنامج بشكل وثيق مع الشركاء في قطاع الرياضة مثل اللجنة العليا للمشاريع والإرث، ومعهد جسور، وبرنامج الجيل المبهر، واللجنة الأولمبية القطرية، وحاضنة قطر لتكنولوجيا الرياضة في البحوث التطبيقية، حيث يكتسب الطلاب خبرات هائلة من تعاونهم مع هذه المؤسسات ويقدمون مساهمات اجتماعية قيِّمة في الوقت نفسه.

وحول هذا الموضوع، قالت الدكتورة كاميلا سوارت-أريس، الأستاذ المشارك بكلية العلوم والهندسة ومدير برنامج ماجستير العلوم في إدارة الأنشطة الرياضية والفعاليات الذي تقدمه الكلية: "تمتلك الرياضة بالفعل القدرة على تغيير العالم، وقد أثبت طلابنا ذلك من خلال التزامهم بالمشاركة في مختلف المبادرات، بما في ذلك التطوع بالتدريب في برامج الجيل المبهر وفي بطولة كأس العرب لكرة القدم، بالإضافة إلى مساهماتهم في إجراء البحوث، بالتعاون مع نادي المدينة التعليمية للجولف بهدف تعزيز ممارسات الاستدامة في منافسات بطولة البنك التجاري – قطر ماسترز لمحترفي الجولف 2021، وخوض برامج التدريب العملي في شركة sKora، وهي شركة ناشئة رياضية تمولها واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا."

ومن الأمثلة الواضحة على ذلك مساهمة أحد طلاب البرنامج في تنظيم بطولة ناجحة ضمن فريق شركة sKora بدولة غانا واكتسابه لخبرات قيّمة في مجال إدارة الفعاليات، بما في ذلك حملة توفير أحذية كرة القدم لتحقيق الفائدة للاعبين الغانيين الطموحين والواعدين الذين ينتمون إلى الطبقات الفقيرة والمحرومة.

متابعة تطور اللاعبين

يتعاون الدكتور ينس شنايدر، الأستاذ المساعد في كلية العلوم والهندسة، مع شركة sKora لتوفير البيانات المتعلقة بسوق وكلاء اللاعبين.

وحول ذلك، يقول الدكتور شنايدر: "يتنافس حوالي 200 مليون لاعب طموح على الصعيد العالمي على 200,000 فرصة احترافية فقط في جميع البطولات وأقسام المنافسات. وتكمن فكرة المشروع في استخدام تحليلات البيانات الحديثة لمطابقة الملفات الذاتية للاعبين بالفرص المهنية مثل تلقي البرامج التدريبية المجانية أو الالتحاق بمدارس كرة القدم. وتحقيقًا لهذه الغاية، أنشأت شركة sKora أكبر قاعدة بيانات لسوق انتقالات اللاعبين في العالم. ونحن الآن بصدد تطوير أدوات شبه آلية لإنشاء قواعد بيانات للفرص المهنية الخاصة باللاعبين الطموحين."

وبتمويل من مركز الابتكار بجامعة حمد بن خليفة، يطور الدكتور شنايدر وفريقه حلاً ميسورًا قائمًا على البيانات لمتابعة عملية تطور اللاعبين وتقديم فرص ومسارات مهنية مصممة بشكل فردي توفر القيمة للاعبين والأندية والجهات الراعية.

تحسين الأداء الرياضي

من المشاريع البحثية التطبيقية الأخرى نموذج التحليلات الرياضية القائم على الذكاء الاصطناعي الذي طوره جاسم الملا، طالب الدكتوراه القطري، ومشرفه الدكتور تنوير علم، الأستاذ المساعد في قسم تكنولوجيا المعلومات والحوسبة بكلية العلوم والهندسة. ويحلل هذا النموذج مقاييس الأداء الرئيسية للاعبي كرة القدم في دوري نجوم قطر ويقدم نصائح بشأنها لتحسين فرصهم في الفوز بالمباريات.

ويوضح الدكتور تنوير فكرة عمل هذا النموذج فيقول: "سوف يساعد استخدام مثل هذه النماذج على مستوى القاعدة المدربين في التعرف على المواهب المحلية. ويمكن للاعبين الشباب اكتشاف نقاط قوتهم وضعفهم ومجالات التحسين باستخدام هذا النموذج. وسوف يدعم نموذج التعلم الآلي المقترح اللاعبين المحترفين وأطقم التدريب ومديري الفرق في قطر بمقاييس أداء محددة قد تساعد المنتخب القطري على الفوز بالمباريات في نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم المقبلة المزمع إقامتها في قطر. ويمكن أن يشجع ذلك النموذج الشركات الناشئة الجديدة القائمة على التحليلات الرياضية للإسهام في تعزيز اقتصاد دولة قطر في نهاية المطاف. وهذه نتائج بحثية سيكون لها تأثير اجتماعي ضخم على ما يبدو."

كلية العلوم الصحية والحيوية: تعزيز صحة الإنسان

يطور برنامج ماجستير العلوم في علوم اللياقة البدنية والصحة، الذي تقدمه كلية العلوم الصحية والحيوية، المعرفة بهدف تحقيق الفوائد الصحية للأفراد وتمكينهم من الحفاظ على صحتهم البدنية والنفسية، إدراكًا من الكلية لحقيقة أن العلاقات بين المشاركة في التمارين الرياضية والنشاط البدني وصحة الإنسان يمكن أن تكون معقدة.

أهمية عيش أنماط حياة نشطة

من خلال برنامج ماجستير العلوم في علوم اللياقة البدنية والصحة، الذي يتمتع بمكانة تنافسية على الصعيد الدولي، يطور الخريجون المعرفة والمهارات اللازمة ليكونوا سفراء لاتباع عادات أنماط الحياة الصحية، من خلال إجراء البحوث وتعزيز الممارسات الصحية في المجتمع. ويقدَّم هذا البرنامج بالتعاون مع كلية أرنولد للصحة العامة في جامعة كارولينا الجنوبية، وهي الجامعة الأمريكية الأعلى في التصنيف العالمي لكليات وأقسام العلوم الرياضية.

وفي هذا الصدد، تقول الدكتورة مريلين جون لوك، باحث ما بعد الدكتوراه في كلية العلوم الصحية والحيوية: "في حين أن الرياضة والفاعلية من الجوانب المهمة والمثيرة للاهتمام، يطور طلابنا أيضًا فهمًا مفاده أنه لا يتعين على الإنسان أن يكون رياضيًا لاتباع نمط حياة نشط. ومن الثابت أن النشاط البدني يؤدي دورًا حاسمًا في الحفاظ على الصحة البدنية والنفسية، لكن عوامل نمط الحياة الرديئة تساهم في زيادة حالات الإصابة بالأمراض المزمنة غير المعدية التي يمكن الوقاية منها إلى حد كبير."

وقد أظهرت الدراسات الوبائية دور النشاط البدني في تقليل مخاطر العديد من الحالات المزمنة بما في ذلك السمنة وأمراض القلب والنوع الثاني من داء السكري وهشاشة العظام والضعف في مرحلة الشيخوخة وأنواع معينة من السرطان. وتوصلت مراجعات التجارب العملية إلى أن ممارسة التمارين الرياضية يمكن أن تؤدي إلى الحد من عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بما في ذلك ضغط الدم الانقباضي.

وتوصي الإرشادات الوطنية للنشاط البدني في قطر بممارسة التمارين بوتيرة معتدلة لمدة 30 دقيقة على الأقل بمعدل حوالي خمسة أيام في الأسبوع، أو ممارسة التمارين الهوائية المكثفة لمدة 20 دقيقة على الأقل بمعدل حوالي ثلاثة أيام في الأسبوع لمعظم الناس بهدف الحفاظ على الصحة والوقاية من الأمراض.

وأضافت الدكتورة مريلين: "تساعد المعارف والخبرات المشتركة لأعضاء هيئة التدريس في جامعة كارولينا الجنوبية وأعضاء هيئة التدريس المؤهلين تأهيلاً فائقًا في كلية العلوم الصحية والحيوية في تمكين الخريجين من المساهمة في تحقيق رؤية قطر الوطنية ومساعدة المزيد من الناس على الالتزام بهذه الإرشادات." 

تعزيز صحة وسلامة مواطني وسكان دولة قطر

تساهم المشاريع البحثية الطلابية في تعزيز الفهم لفسيولوجيا التمارين الرياضية الأساسية، وعمليات إعادة التأهيل الرياضي، والميكانيكا الحيوية وعلم الأوبئة للنشاط البدني، وجمع الأدلة لتوجيه الممارسات القائمة عليها.

واختتمت الدكتورة مريلين تصريحاتها قائلةً: "يمكن لخريجينا تطبيق مهاراتهم في مجموعة متنوعة من السياقات بصفتهم باحثين وداعمين للممارسات الصحية ومتخصصين في علوم اللياقة البدنية في هذا القطاع المحلي. ويتماشى برنامج ماجستير العلوم في علوم اللياقة البدنية والصحة الذي تقدمه كلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة بشكلٍ جيدٍ مع الركيزة الأولى الواردة في رؤية قطر الوطنية 2030، وهي ركيزة التنمية البشرية، وأهدافها المتمثلة في تعزيز الصحة البدنية والنفسية لدى سكان دولة قطر، وتوفير برامج تعليمية جيدة لهم، وتأهيل قوى عاملة تتمتع بالكفاءة والتحفيز." 

تشكيل مستقبل الإدارة الرياضية

في مارس 2023، ستجمع جامعة حمد بن خليفة، بالتعاون مع جامعة قطر، ما بين خبراء ومتخصصين في المؤتمر الدولي العام الرابع للجمعية الدولية للإدارة الرياضية. 

وفي هذا الصدد، صرحت الدكتورة كاميلا سوارت-أريس، الرئيس المشارك للمؤتمر: "يعقد هذا المؤتمر تحت شعار "تكاتف العالم: وجهات نظر عالمية ومحلية حول الإدارة الرياضية"، وهو ما يؤكد عزمنا على استخدام الرياضة كأداة تحفيز لإحداث التغيير الهادف. ويتطلب العمل في القطاع الرياضي توافر مجموعة مهارات محددة، وبالنظر إلى مكانة دولة قطر باعتبارها من المراكز الرياضية الدولية الرئيسية، تلتزم جامعة حمد بن خليفة بتطوير البرامج التعليمية لقيادات ومديري المستقبل في قطاع الرياضة."