تحويل الأبحاث المتعلقة بمرض الزهايمر إلى خدمات رعاية سريرية متخصصة
الهيئة:  معهد قطر لبحوث الطب الحيوي
تحويل الأبحاث المتعلقة بمرض الزهايمر إلى خدمات رعاية سريرية متخصصة

في هذه المقابلة، يناقش الدكتور مروان نويل الصباغ، أحد أصحاب الآراء المؤثرة في مجال أبحاث مرض الزهايمر، والدكتور ناصر زاوية، مدير البحوث في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي التابع لجامعة حمد بن خليفة، جوانب مهمة متعلقة بمرض الزهايمر. كما يسلطان الضوء على تعاونهما الهادف لتحويل الأبحاث إلى خدمات رعاية سريرية.      

الدكتور مروان نويل الصباغ

 

بصفتك باحثًا رائدًا في العديد من التجارب الوطنية والعالمية البارزة في مجال الوقاية من مرض الزهايمر وعلاجه، يرجى إخبارنا بآخر التطورات في هذا المجال.

خلال الأبحاث والدراسات التي أجريتها حول مرض الزهايمر، وهو أكثر أنواع الخرف شيوعًا، صادفت العديد من الأدوية في مرحلة متأخرة من التجارب السريرية. وعلى وجه التحديد، هناك ثلاثة أجسام مضادة وحيدة النسيلة  في طور إنهاء مرحلة التجارب السريرية وهي: ليسانيماب، وجانتينيروماب، ودونانيماب. وتهدف الأجسام المضادة وحيدة النسيلة، وهي نوع من البروتين يُصنَّع في المختبر، إلى الالتصاق بمادة تسمى الأميلويد بيتا تشكل لويحات في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر. ومن خلال الالتصاق بهذه المادة، من المتوقع أن يساعد الدواء في إزالة اللويحات وتأخير عملية تفاقم المرض. وهناك العديد من الأدوية قيد التطوير لعلاج السمات العصبية النفسية لمرض الزهايمر أيضًا.

من وجهة نظرك، واستنادًا إلى آخر تحديث علمي، ما مدى فعالية عقار أدوكانوماب، دواء الزهايمر المعتمد من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية؟

أود أن أذكر في البداية المعلومة التالية باعتبارها خلفيةً مهمةً، وهي أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية كانت قد منحت اعتمادًا معجلاً لاستخدام عقار أدوكانوماب في علاج مرض الزهايمر خلال شهر يونيو 2021.

ويتمتع عقار أدوكانوماب بفعالية متواضعة، مع تسجيل فعالية بلغت حوالي 22٪ في الفرق بين العلاج بهذا العقار والعلاج بعقار وهمي. وكان الإعلان عن هذا العقار معقدًا بسبب تداول تقارير عن الجدوى والإيجابية التي وردت في دراسة واحدة فقط من الدراستين اللتين أجريتا  خلال المرحلة الثالثة من التحارب السريرية. بإختصار ، أعتقد أن العديد من الباحثين يتطلعون إلى ما بعد مرحلة استخدام عقار أدوكانوماب والمضي قدمًا نحو الأجسام المضادة وحيدة النسيلة الأحدث.

هل اقتربنا من إيجاد أداة تشخيصية للتشخيص المبكر لمرض الزهايمر؟ وهل يمكن أن تساعد بحوث المؤشرات الحيوية في ذلك؟

أدوات التشخيص موجودة بالفعل، والمؤشرات الحيوية ضرورية للتشخيص المبكر؛ فقد اعتُمد فحص التصوير المقطعي النشوي بالإصدار البوزيتروني، الذي يصور اللوحات الموجودة في الدماغ. كما أن فحص التصوير المقطعي لبروتين تاو بالإصدار البوزيتروني، الذي يكشف باثولوجيا بروتين تاو الذي يتراكم بشكل غير طبيعي في دماغ الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر أو الخرف، معتمد ومتاح. وبالمثل، فإن فحص السائل النخاعي الشوكي لاكتشاف مرض الزهايمر معتمد ومتاح. واختبار PrecivityADالذي طورته شركة   C2N Diagnostics و يعتمد على تحديد نسبة اميلويد بيتا  Aβ42/40 معتمد ومتاح  وهو فحص مبتكر للدم يحدد احتمالية إصابة المريض بالصفائح النشوية في الدماغ. ولا تزال فحوصات البلازما لبروتين تاو الفسفوري 181 أو 217، التي تُعدُ من المنبئات الجيدة لحالة الصفائح النشوية وبروتين تاو بالدماغ، قيد التطوير. وقد تُعتمد فحوصات البلازما المذكورة وتصبح متاحةً في القريب العاجل. 

تستهدف العديد من كتبك عامة الناس، فهل يمكنك التحدث عن مساهماتك وأهمية التوعية العامة والتواصل المجتمعي؟

يستهدف كل من كتاب "أجوبة بشأن مرض الزهايمر: تقليل المخاطر والحفاظ على صحة دماغك" وكتاب "وصفات للوقاية من مرض الزهايمر: 100 وصفة لتعزيز صحة الدماغ" عامة الناس والجماهير. ويعكس ذلك التركيز الهائل على الوقاية في الوقت الحالي، بالإضافة إلى التركيز على طرق العلاج الجديدة. ونحن نعلم عوامل الخطر المرتبطة بحدوث مرض الزهايمر، وتُجرى حاليًا العديد من الدراسات العالمية بهدف تقليل مخاطر هذا المرض. وتشتمل تلك الدراسات على دراسة "فنجر" العالمية، وهي أول تجربة معشاة ذات شواهد تظهر أنه من الممكن منع التدهور الإدراكي باستخدام تدخل متعدد المجالات يتعلق بنمط الحياة بين الأفراد الأكبر سنًا المعرضين لخطر الإصابة بالمرض.

وذكرت لجنة مجلة لانسيت الطبية الشهيرة ومنظمة الصحة العالمية أن التدخلات المتعلقة بنمط الحياة، ومن بينها التمارين الرياضية والنظام الغذائي والنوم والتفاعلات الاجتماعية، وغير ذلك، بالإضافة إلى التدخلات الطبية، مثل إدارة ضغط الدم والضعف الحسي، يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بمرض الزهايمر بنسبة تصل إلى 30٪.

الدكتور ناصر حسين زاوية

 

ما هي أهمية الارتباط بين الباحثين والأطباء السريريين؟

يكمل الباحثون والأطباء بعضهم البعض في مجال العلوم والطب. يركز الباحثون على الجانب الأساسي والتطبيقي لمحاولة اكتشاف علاج أو طريقة علاجية معينة.و يركز الأطباء السريريون على الجانب التطبيقي للاكتشافات وتجربتها على البشر. ويتعامل الأطباء السريريون مع البشر، لذا فهم يفهمون أهمية المشكلة ومن أي زاوية ينبغي معالجتها، وبالتالي يوجهون الباحث إلى المكان الذي يجب أن يبحث فيه ويتناوله بشكلٍ أعمق.

أحد مجالات البحث الخاصة بك هو عوامل الخطر البيئية لمرض الزهايمر . أخبرنا عن أبحاثك الجارية ونتائجها المهمة.

قدمت أبحاثنا الرائدة دليلاً على إمكانية وجود علاقة بين التعرض المبكر للسموم وتطور الأعراض في وقت متأخر من العمر وبين تنظيم المؤشرات الحيوية والسلوكيات الشائعة لدى مرضى الزهايمر. وقد طرحنا أدلة على هذه الفرضية باستخدام نماذج حيوانية، عبر تعريضها للسموم عند الولادة لفترة وجيزة، ثم متابعتها في مرحلة الشيخوخة حتى نهاية حياتها. وقمنا بقياس جميع المؤشرات الحيوية والأمراض المرتبطة بمرض الزهايمر. وقد حددنا هذا التأثير الكامن، وهو أساس لحدوث مرض الزهايمر. وأوضحنا لاحقًا الآليات اللاجينية التي أدت إلى حدوث هذه الاستجابات الكامنة من خلال إعادة برمجة الجينات التي تؤدي دورًا في حدوث مرض الزهايمر.

 حاليا, يعمل  المزيد من الأشخاص والوكالات البيئية  على علم التخلق، أي معرفة كيف تؤثر البيئة على تغيير نشاط الجينات، في محاولة لربط مرض الزهايمر بالضغوطات والملوثات البيئية. وتتناول الأبحاث التي نجريها في المعهد تأثير الملوثات العضوية الثابتة والنظام الغذائي والمؤشرات الحيوية المرتبطه بحدوث الخرف.

التحقت مؤخرًا بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي لشغل منصب مدير الأبحاث في المعهد وتكوين فريقك البحثي  لمواصلة عملك الذي كنت قد بدأته في الولايات المتحدة الأمريكية المتعلق بالعلاجات الدوائية للأمراض التنكسية العصبية. أخبرنا عن رحلتك في مجال اكتشاف الأدوية.

على مدار فترة الخمسة عشر عامًا الماضية، عملت على إعادة استخدام دواء لعلاج الأمراض التنكسية العصبية. وكان هذا الدواء، وهو حمض التولفيناميك، قد تم تصنيفه من قبل إدارة الأغذية والعقاقير باعتباره علاجًا للخرف الجبهي الصدغي والشلل فوق النووي التقدمي. وبالتعاون مع الدكتور الصباغ، زميلي في دراساتي البحثية، قدمنا تجربة سريرية للمرحلة الثانية لاختبار هذا الدواء على المرضى المصابين بالشلل فوق النووي التقدمي.

وقد أحضرت نظائر هذا الدواء إلى  معهد قطر لبحوث الطب الحيوي لإجراء المزيد من عمليات التطوير قبل السريري. وتتميز هذه المركبات بكونها أكثر أمانًا وفعاليةً من الدواء الأصلي. وتختبر الأبحاث التي تجري في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي بالتعاون مع معهد سكريبس للأبحاث، في إطار شراكتنا البحثية الرسمية مع المعهد الموقعة في أواخر عام 2021، هذه الأدوية على الحيوانات للتعرف على درجة سلامتها وتحملها وقدرتها على اختراق الدماغ. كما نجري تحليلات وأبحاثًا موسعةً  (omics)للتعرف على الأهداف الموجودة داخل هذه المركبات وخارجها ولمعرفة نطاق تأثيرها على الدماغ.

ماذا ستكون فائدة دوائك في المستقبل, بعد اجتياز مرحلته الحالية من الاختبارات السريرية في الولايات المتحدة؟

يتميز الدواء السريري، الذي يخضع حاليًا للاختبار في الولايات المتحدة بالتعاون مع الدكتور الصباغ ومستشفى كليفلاند كلينيك بأنه مخصص لعلاج الشلل فوق النووي التقدمي، وهو نوع غير نمطي من مرض باركنسون. وقد صُمم الدواء لاختبار ما إذا كان يمكن خفض المؤشرات الحيوية المرتبطة بهذا الشلل وتحسين الوظيفة الإدراكية للمرضى. والسمة المميزة الرئيسية لهذا المرض هي بروتينات تاو. وإذا ما نجحنا في خفض المؤشرات الحيوية لتلك التعقيدات التي شكلتها بروتينات تاو، فسوف يمكن لهذا الحل التطبيقي أن يعمل على علاج أمراض مثل الزهايمر والأمراض الأخرى المرتبطة بالدماغ. ومن شأن ذلك تحقيق فوائد كبيرة للسكان القطريين والأشخاص الذين يعانون من مثل هذه الظروف في جميع أنحاء المنطقة.

* الدكتور مروان نويل الصباغ، زميل الأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب، هو أستاذ في طب الأعصاب بقسم الزهايمر واضطرابات الذاكرة في معهد بارو لطب الأعصاب، وأستاذ باحث في كلية الطب بجامعة أريزونا في مدينة فينيكس، وأستاذ طب الأعصاب السريري في جامعة كريتون.

* الدكتور ناصر حسن زاوية هو مدير البحوث في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي. وهو عميد سابق وأستاذ في علوم الطب الحيوي بجامعة رود آيلاند. وتركز أبحاثه على عوامل الخطر البيئية لمرض الزهايمر واكتشاف وسائل علاجية جديدة للأمراض التنكسية العصبية.