التأهيل العلمي والبحثي للخريجين يحفزهم لتعزيز التغيير الإيجابي في مجتمعاتهم
في الوقت الذي يواجه فيه العالم حاليًا أزمات متعددة تمتد من الجيوسياسية إلى البيئية، يعمل خريجو دُفعة 2024 بجامعة حمد بن خليفة، على ترسيخ إيمان المجتمع الدولي بأهمية تعزيز أواصر السلام والقِيم الإنسانية.
ومن خلال حرصهم على إنقاذ الأرواح، واستعادة الكرامة الإنسانية، ودعم مبادئ الحوار والتفاهم المتبادل - حيث تشتد الحاجة إليه في وقتنا الراهن – فقد التزم الخريجون بدراسة البرامج التي تتوافق مع المجالات الخمسة الرئيسية التي ترتكز عليها جامعة حمد بن خليفة، وهي الرعاية الصحية الدقيقة، والذكاء الاصطناعي، والتعليم التقدمي، والاستدامة، والرفاه الاجتماعي، حيث سعى كل منهم إلى دعم الأفراد المهمشين، والحد من معاناتهم، ودعم القيم المجتمعية من خلال الانخراط في تخصصات متنوعة مثل الدبلوماسية الثقافية، والأمن الغذائي والمائي، والرعاية الصحية.
وفي هذا الإطار، ترغب عائشة بشير، خريجة برنامج دكتور في القانون الذي تُدرّسه كلية القانون، في مساعدة الأفراد المهمشين في وطنها باكستان وفي العالم، من خلال أبحاثها حول أخلاقيات الطاقة والرعاية الصحية المتساوية.
وحدد مشروعها البحثي مسارًا فكريًا لكيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، والذي من شأنه دعم المجتمعات المحرومة والمهمشة، حيث تضمن توصيات لبرامج بناء القدرات المصممة خصيصًا لهذا المجال، وقدم إطارًا قانونيًا يحمي حقوق وكرامة الأفراد، وفي معرض توضيحها للطبيعة الطموحة لمشروعها، قالت عائشة: "يمكن أن تكون تقنيات الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية عن بُعد فعَّالة للغاية في المناطق التي مزقتها الحروب من خلال توفير خدمات الرعاية الصحية والدعم الشخصي الذي يمكن الوصول إليه، حتى في غياب البنية التحتية للرعاية الصحية وفي ظل الظروف الصعبة المحيطة".
وتأمل عائشة في المساهمة في أُطر سياسية وقانونية أكثر شمولًا تُعزز التنمية المستدامة وتضمن الوصول العادل إلى الموارد باستخدام المعرفة التي اكتسبتها خلال دراسة الماجستير، مؤكدة أن دراستها في جامعة حمد بن خليفة تتميز بتنوع الخلفيات الأكاديمية والثقافية لهيئة التدريس في كلية القانون، والتي تزخر بثروة من التقاليد القانونية والخبرات والمفاهيم الثقافية، ومع تخرجي، فأنا لستُ مستعدة فقط لمقارنة الوضع الصحي والقانوني في وطني مع مثيله في جميع أنحاء العالم، ولكن أيضًا لاستخدام هذه الأفكار لصياغة حلول مصممة ومؤثرة خصيصًا لمجتمعي".
أما أوجيمه زكريا وادا، خريج برنامج الدكتوراه في البيئة المستدامة بكلية العلوم والهندسة، فقد سعى إلى مواجهة التحديات التي يفرضها انعدام الأمن الغذائي وندرة المياه والممارسات الزراعية غير المستدامة في وطنه نيجيريا وفي العالم.
ويركز "وادا" في مشروعه البحثي على دراسة البكتيريا الأرجوانية غير الكبريتية (PNSB)، وهي مجموعة من البكتيريا التي تستخدم المركبات العضوية كمصدر للكربون، وضوء الشمس كمصدر للطاقة، ليتم الشروع في استخدامها لمعالجة مياه الصرف الصحي، حيث يُحلل مشروعه قدرة البكتيريا الأرجوانية غير الكبريتية على معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة تدوير الملوثات إلى منتجات ذات فائدة، مثل مصدر البروتين المستدام الذي يُمكن أن يحل محل الأعلاف التقليدية.
وتعليقًا على أهمية مشروعه البحثي، قال أوجيمه وادا: "في تجربة ناجحة لتربية الأحياء المائية مع الروبيان، أظهر المشروع أن الكتلة البيولوجية المشتقة من البكتيريا الأرجوانية غير الكبريتية يُمكن أن تكون بديلًا فعالًا للأعلاف المائية التقليدية، وبصرف النظر عن التأكيد على قدرة هذه التكنولوجيا البيولوجية على جعل سلاسل الإمداد الغذائي في جميع أنحاء العالم أكثر استدامة، فقد كشفت الكتلة البيولوجية خصائص واعدة للأسمدة الحيوية والوقود الحيوي، مما يمكن من استخدامها في منتجات متنوعة".
وبدورها، تهدف شريفة درويش، خريجة برنامج ماجستير العلوم في الفن والعمارة الإسلامية والعمران، في كلية الدراسات الإسلامية، إلى المساهمة في الحوار الإيجابي من خلال الدبلوماسية الثقافية في دولة قطر وخارجها.
وقامت شريفة بدراسة بحثية حول السردية التغيرية في الفن والعمارة النصرية خلال القرن الرابع عشر الميلادي، في غرناطة، بإسبانيا، إذ سلط تحقيقها الضوء على كيفية تعزيز بعض المعالم والمؤسسات المعمارية لتحقيق التقدم المجتمعي والتبادل العلمي، والذي تضمن أيضًا بناء آثار معمارية مهمة مثل قصر الحمراء والمدرسة اليوسفية وبيمارستان غرناطة.
وتأكيدًا على أهمية هذا البحث في سياق اليوم، تقول شريفة درويش: "يتمتع الفن بقوة تحويلية وقدرة على تجاوز الحدود والتواصل عبر الثقافات واللغات، ويقدم التاريخ دروسًا لا تُقدر بثمن حول كيف يمكن لهذه المبادرات مع جهود التعليم المعاصرة أن تعزز السلام والقِيم الإنسانية عبر المجتمعات الإسلامية والعالم".
تجدر الإشارة إلى أن جميع الخريجين التحقوا ببرامج متعددة التخصصات مصممة لإعدادهم ليكونوا قادة يعززون التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية التي تفيد الناس من حولهم، حيث تُؤهلهم منظومة التعليم الفريدة في جامعة حمد بن خليفة لفرص متنوعة لصقل قدراتهم ومهاراتهم، ومساعدتهم على العمل في هذه المجالات، وصياغة حلول جديدة تحدث تأثيرًا إيجابيًا على مستوى العالم.