أصدرت دار جامعة حمد بن خليفة للنشر مؤخراً السيرة الذاتية للمفكر والناقد العراقي الدكتور عبدالله إبراهيم بعنوان "أمواج"، وقد ضمّنها 11 موجة متعاقبة دوَّنها على مدى 15 سنة، ورصد فيها سيرة حياته الشخصية والثقافية والانعطافات السياسية والمجتمعية التي مرّ بها بلده العراق.
ورسم المؤلف في هذه السيرة الواقعة في نحو 600 صفحة صورته كمثقّف عراقي، وذلك عبر مجموعة من الخواطر والتأمّلات الثقافية والسياسية التي تعكس التقلبات الحادّة التي شهدتها حياته، بداية من كركوك حيث مولده ثم اسطنبول وأخيراً في العاصمة القطرية الدوحة حيث كان مستقره. وهو يروي حكاياته الشخصية وعينُه على بلده العراق الذي رآه يتصدع ويقع في براثن الاستبداد ثم الاحتلال، قبل أن ينتهي به الحال إلى نزاع أهلي مرير.
ويعلّق السيد فخري صالح، رئيس قسم النشر العربي في دار جامعة حمد بن خليفة للنشر، قائلا: "لا يخامرني أي شك في أنّ كتاب "أمواج" سوف يحدث صدىً واسعًا لدى جمهور عريض من القرّاء، وذلك لأنّ مؤلفه وقارئه سوف يرتبطان حتماً عبر تجارب إنسانية عصيبة مثل المنفى والترحال والتهجير والهويات الطائفية وكذلك الألم الذي يصاحب استحضار ذكريات الماضي العريق لبلد كان ذات يوم نموذجاً للوئام والتعايش."
ويضيف صالح: "تكمن قيمة هذا النوع من السير الذاتية، في كونها تمثل رواية مباشرة لما تحويه كتب التاريخ، وكذلك باعتبارها تمثل صوتًا لأحد أبناء المنطقة حينما يتحدثون عنها. ومن ناحيتها، تلتزم دار جامعة حمد بن خليفة للنشر بأن توفر المنصة اللازمة لهذه السرديات حتى يتم استيعاب رسالتها ومضمونها."
ويستهلّ المؤلف سيرته الذاتية بقصة الشاب عبدالله، الذي وُلد وترعرع في مدينة كركوك العراقية لعائلة عربية تعمل بالزراعة في أراضيها التي تملكها. ويصف مدينة كركوك كما في طفولته بالمكان المثالي، حيث كان العرب والأكراد يعيشون معًا وحيث كان المسيحيون والمسلمون تجمعهم أواصر الجيرة الحسنة في أبهى معانيها. ولكن تغيّر الحال مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية حينما تم تجنيد إبراهيم في الجيش العراقي. وبعد هذه الحرب المجنونة، غادر العراق ھربًا من التوترات السياسية، لينتهى به المطاف أستاذًا للأدب العربي في ليبيا قبل أن يستقرّ به الحال قطر حيث يقيم حاليًا. ولا شك أنّ ترحال عبدالله بين هذه الدول، كان يبرز ذكرياته عن وطنه والحزن الذي يعتريه كلما اجتاحته موجة من موجات العنف وهددت كيانه.
ويعلِّق الدكتور عبد الله إبراهيم على صدور "أمواج" بقوله: "لا ريب أنّ كل مؤلف يشعر بفرح ما حينما يرى عمله منشورًا. أما أنا فقد شعرت بسعادة غامرة حينما رأيتُ كتاب "أمواج" وقد خرج إلى النور، وذلك لأني أعكف عليه منذ عام 1976. وقد حاولت في هذا الكتاب أن أوفق بين حياتي الشخصية وبين أحداث معلومة في التاريخ حينما انزلق بلدي إلى حقبة عصيبة من الاستبداد. ولذلك كان عليّ أن أُطلع القارئ على التجارب التي مررت بها باعتبارها سجلاً تاريخياً، وآمل أن يلمس القارئ الحصيف سريعًا نبرة الانحيازات العنصرية والدينية والطائفية والثقافية خلال صفحات هذه السيرة الذاتية. وأنا أُعوّل كثيرًا على إقراري خلالها بأخطائي ورغبتي في تجاوزها. وأرى أنه لا ينبغي للمرء أن يخجل من أخطائه، وإنما عليه أن يفخر بتجاوزه لها."
نال المفكر والناقد الدكتور عبدالله إبراهيم درجة الدكتوراه في النقد الأدبي ودراسات الأدب العربي القديم من جامعة بغداد في عام 1991. وقد عمل أستاذًا جامعيًا في عدد من الجامعات في العراق وليبيا وقطر، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات الأدبية. وقد صدر له أكثر من 14 كتابًا و30 ورقة بحثية نشرت باسمه في أعرق المجلات المتخصّصة. وتعتبر موسوعة السرد العربي التي صدرت في 9 مجلدات من أشهر أعماله، وهي: المركزية الإسلامية، والمركزية الغربية، والثقافة العربية والمرجعيات المستعارة، والسرد والاعتراف والهوية، والتلقّي والسياقات الثقافية، والسردية العربية الحديثة، والتخيّل التاريخي، والسرد والترجمة.
يمكنكم الحصول على نسختكم من "أمواج" عبر موقع الدانة لبيع الكتب aldanabooks.com.