الدوحة، قطر:أصدرت دار جامعة حمد بن خليفةج للنشر ضمن أحدث منشوراتها قصة "ألوان ناقصة" من تأليف ورسوم جلنار حاجو، وتستعرض فيها برسومات مبتكرة ورمزية المصاعب والمعاناة التي يواجهها الأطفال المشردين خلال عملهم في المدن في شتى أنحاء العالم.
في العادة، عندما يستحضر معظمنا سنوات الطفولة، نجد ذكرياتٍ جميلة وأوقاتاً سعيدة لم يكن يعكر صفوها سوى تلك الضغوط التي كان يسببها الاستعداد للامتحانات أو التعامل مع الأشقاء المشاكسين. بل إن كلمة الطفولة نفسها تستدعي ذكريات غالباً ما ترتبط باللهو واللعب في الهواء الطلق في أيام الصيف المشرقة وبأجواء السعادة والأمان التي تصاحب كل ذلكولكن واقع الطفولة اليوم في ما يُعرف بعمالة الأطفال في شتى أنحاء العالم هو واقع بعيد كل البعد عن هذه الصورة المثالية التي تحتفظ بها الذاكرة. فهم يواجهون معاناة كبيرة تطغى على حياتهم اليومية وتسلبهم حرية الطفولة التي يستحقونها حقاً.
ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، فإن هناك حوالي 215 مليون طفل حول العالم يعملون دواماً كاملاً، ومنهم حوالي 168 مليون طفل أصبحوا عالقين في براثن عمالة الأطفال. فهم لا يذهبون إلى المدرسة ولا يُتاح لهم سوى وقت ضئيل للعب وأحياناً لا يتاح لهم أي وقت على الإطلاق، كما لا يحصلون على التغذية السليمة أو الرعاية المناسبة. وباختصار، فهم محرومون من عيش طفولتهم الطبيعية.
وتصنّف الأمم المتحدة عمالة الأطفال إلى فئات ثلاثة: الرق والاتجار وعبودية الديون وبعض الأشكال الأخرى للسُخرة أو تجنيد الأطفال لاستخدامهم في بعض الأنشطة غير المشروعة؛ والأعمال التي يؤديها الأطفال ممن لم يبلغوا السن القانونية التي تسمح لهم بممارسة هذه النوعية من الأعمال (طبقا لما تحدده التشريعات الوطنية، ووفقا للمعايير الدولية المقبولة)، مما يعيق عملية تعليم الطفل وتنميته؛ وكذلك الأعمال التي تنطوي على مخاطر بدنية أو عقلية أو معنوية للطفل، سواء بسبب طبيعتها أو بسبب الظروف التي تُؤدَّى من خلالها، والمعروفة باسم "الأعمال الخطرة".
تتميز قصة "ألوان ناقصة" بقوة السرد وإيحائيته حيث يأخذ القارئ عبر رحلة لاستكشاف الحقيقة حول ظروف ومعيشة هؤلاء الأطفال الذين يعملون في ظروف صعبة بعيداً عن بيوتهم. ورغم المعاناة التي تجسدها الظروف والأجواء القاتمة التي تحيط بهم، فإن هؤلاء الأطفال متفائلون بمستقبلهم، وينظرون إلى عناصر البهجة القليلة التي من حولهم باعتبارها بشارة خير لحياة أفضل يستمتعون فيها بطفولتهم. فهم لديهم أحلام بسيطة، وسعادتهم لا تتطلب سوى سماء زرقاء ونسائم منعشة.
وحول ذلك تقول جميلة سلطان الماس الجاسم، المحرّرة في دار جامعة حمد بن خليفة للنشر: "من المهم لنا، كدار نشر، أن تكون لدينا مجموعة متنوّعة من الكتب التي تلبي متطلبات واختيارات جمهورنا بفئاته المختلفة. ورغم أن موضوع عمالة الأطفال المشرّدين من الموضوعات التي يصعب طرحها للنقاش مع الأطفال، فقد أجادت المؤلفة في تناولها للقضية بطريقة تبعث على التفكير وتثير الاهتمام. إنها تحفز الطفل على التفكير وتفتح له مجال النقاش، وهذا شرط لا بد من توفره في أي كتاب جيد."
يذكر أن كاتبة الأطفال جلنار حاجو وُلدت في العاصمة السورية دمشق، حيث تخرجت في كلية الفنون الجميلة، جامعة دمشق. وهي تمتلك شغفاً كبيراً بكتابات ورسوم الأطفال، وتمارس ذلك منذ العام 2005، وأصبح لديها حتى الآن 20 عنواناً، بالإضافة إلى تقديمها الرسوم الخاصة بكتاب اليوم العالمي للكتاب 2016، وقصة "خيال منال"، وهي من تأليف الكاتبة القطرية منيرة سعد الرميحي.
وحول هذا الإصدار الجديد تقول حاجو: "أنا أفكر كثيراً في هؤلاء الأطفال الذين أصبحوا على ما يبدو منسيين. وقد خطرت لي فكرة تسليط الضوء على المعاناة التي يتسبب فيها تشغيل الأطفال كي أثبت لأقرانهم من الأطفال الآخرين أنهم مثلهم تماما، وأنهم يستحقون اللعب والعيش والتعلم. وآمل أن تسهم هذه القصة في إيصال أصوات هؤلاء الأطفال وتسلط الضوء على قضيتهم ومحنتهم."
وتسعى دار جامعة حمد بن خليفة للنشر عبر نشرها مجموعات متنوعة من العناوين التي تستهدف فئات متنوعة من القراء، إلى تعزيز وبث حب القراءة والكتابة وكذلك المساعدة في إرساء ثقافة علمية وأدبية نابضة بالحياة في قطر والشرق الأوسط. ومنذ عام 2010، كرست جامعة حمد بن خليفة جهودها لنشر مجموعة متنوعة من المجلات والدراسات والمراجع والكتب القصصية وغير القصصية للكبار والصغار على السواء.
اطلب نسختك من "ألوان ناقصة" من أقرب مكتبة إليك اليوم.