نشرت المنصة الأكاديمية لدار جامعة حمد بن خليفة للنشر "كيوساينس" مؤخرًا مقالة تتضمن بيانات حول الزيادات المسجلة لمؤشرات كتلة الجسم بين اليافعين القطريين خلال الفترة من 2003 إلى 2009. وتدعو هذه المقالة المتاحة التي تعمل بسياسة الوصول الحر "كيوساينس كونكت" كذلك إلى تطبيق الرقابة الدورية لمؤشرات كتلة الجسم بين اليافعين القطريين الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والسابعة عشرة.
وتضم منصة كيوساينس (QScience.com) العديد من وقائع وأوراق المؤتمرات والمقالات البحثية والكتب الإلكترونية ومراجعات الإنتاج الفكري التي توفر ذخيرة هائلة من البحث العلمي المتاح مجانًا للجمهور من خلال سياسة الوصول الحر التي تتبعها، والتي تجعلها سهلة الوصول والاقتباس بحرية تامة. وتتراوح المواضيع المتوفرة على قاعدة بيانات كيوساينس ما بين العلوم والدراسات الإنسانية، مع إعطاء أولوية للقضايا المتعلقة بشؤون دولة قطر وسائر أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
أوضحت الدكتورة ريما جمال إسعيفان، رئيس قسم النشر الأكاديمي والدوريات في دار جامعة حمد بن خليفة للنشر قائلة: "شهدت تكاليف اشتراكات الدوريات ازديادًا مطردًا خلال العقود الثلاثة الماضية، ولذلك حرصنا على اعتماد سياسة الوصول الحر في النشر، ما يعد نقلةً نوعية في مجال النشر الأكاديمي في الوقت الراهن حيث يوفر الوصول الحر رؤية ثاقبة للمؤلفين والمؤسسات، وبالتالي زيادة كم القراء والمتعاونين المحتملين والاقتباس من أعمالهم."
تركز هذه المقالة التي نشرت تحت عنوان "المعدلات المتزايدة لمؤشرات كتلة الجسم بين اليافعين القطريين خلال الفترة 2003-2009" على الأشخاص اليافعين وفئات السكان غير المدروسة بشكل كافٍ. فهي تقدم نوعًا معينًا من البيانات (مؤشر كتلة الجسم) يمكن تفسيره والاستفادة منه من قِبل قطاعات من الجمهور بنوعيه المؤسسي والأكاديمي. وتقدم المقالة هذا البحث العلمي الرائد الذي يحظى باهتمام محلي نوعًا ما، فيما تعهدت دار جامعة حمد بن خليفة للنشر بنشره عبر منصة كيوساينس.
وفي هذا الصدد، أضافت الدكتورة ريما إسعيفان: "ينفرد هذا البحث بأنّه يتطرق لدراسة موضوع صحي مهم متعلق بمؤشر كتلة الجسم، ولكنه، في الوقت ذاته، ينبني على بيانات فعلية على المستوى القومي مسجلةً عن فترتين زمنيتين. فمجرد تداول المعدلات المسجلة عن كل فئة أمر ذو أهمية بالغة للباحثين الراغبين في ربط المشاهدات الحالية بالبيانات التاريخية الموثقة حول الموضوع ذاته."
وقد أجرى الدراسة التي تتناول مؤشر كتلة الجسم باحثون من مركز سدرة للطب والأبحاث وكلية طب ويل كورنيل ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية ومركز الشفلح الطبي لعلوم الوراثة في قطر.
وتعلق الدكتورة كاري فوسيه، أحد المؤلفين الرئيسيين للمقالة: "لهذا الموضوع أهمية خاصة بالنسبة لدولة قطر نظرًا للزيادة الواضحة لمعدلات البدانة بين الأطفال واليافعين، مع عدم توافر الأرقام التي تحصر هذه الظاهرة بدقة. ومن الممكن أن تؤدي البدانة إلى كثير من المشاكل الصحية مثل أمراض السكري والقلب، ومن ثم فمن المهم وضع هذا الموضوع ضمن الأولويات القومية لتفادي هذه المشاكل."
واشتمل نطاق الدراسة على تسجيل مؤشرات كتلة الجسم لنحو 705 من اليافعين القطريين من الجنسين، ممن تتراوح أعمارهم بين 12 و17 خلال العامين 2008/2009 ومقارنتها ببيانات مؤشرات كتلة الجسم السابقة المنشورة خلال العامين 2003/2004. وتم استخراج النتائج عن طريق مقارنة مؤشر كتلة الجسم لكل فئة عمرية بين الفترتين الزمنيتين.
وقد كشفت البيانات النهائية عن ارتفاع مؤشرات كتلة الجسم بين المشاركين في الدراسة من كلا الجنسين على مستوى كل فئة عمرية. وساعدت بيانات مؤشرات كتلة الجسم الباحثين على حساب الارتفاع النسبي في معدلات البدانة بين اليافعين مسجلةً زيادة قدرها 18.8٪ في معدلات البدانة بين الفتيان القطريين مقابل 12.1٪ بين الفتيات على مدار فترة الأعوام الخمسة.
وكشفت نتائج الدراسة عن زيادة جوهرية إجمالية في متوسط مؤشرات كتلة الجسم بين كافة الفئات العمرية لدى كلا الجنسين، علاوةً على الانتشار المتزايد للبدانة بين اليافعين القطريين. كما كشفت عن أن بدانة اليافعين القطريين ستصبح من السمات البارزة مع التقدم في العمر. ويهيب الباحثون إيلاء هذه النتائج اهتمامًا مناسبًا.
ومن جانبه، صرح الدكتور ناصر الكوم، رئيس فريق الاستقصاء/كبير الباحثين في مركز سدرة للطب وأحد مؤلفي المقالة المنشورة على كيوساينس: "تعد البدانة من أهم التحديات التي تواجه الصحة العامة في العالم أجمع، واتضح أن ازدياد البدانة مع الانتقال من مرحلة الطفولة إلى البلوغ يقترن بتطور الأمراض القلبية الوعائية والسكري من النوع 2. وهذه الأزمة الصحية العامة تتطلب استقصاءً جديًا لتحديد العوامل الرئيسية المساهمة في انتشار البدانة بين الأطفال واليافعين في دولة قطر."
وعلى الرغم من وجود عدد من العوامل التي قد يكون لها دور في هذه المشكلة الصحية في دولة قطر، يستدل الباحثون على أن سرعة معدلات التحضر والنمو الاقتصادي والزيادة السكانية خلال السنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين ترتبط مباشرةً بالمعدلات المتزايدة لمؤشرات كتلة الجسم. كما أن زيادة أعداد مطاعم الوجبات السريعة وغيرها من مظاهر التأثر بالمجتمعات الغربية التي انتشرت بفعل التغيرات الاقتصادية لتلك المرحلة كان لها أثر مباشر على اليافعين القطريين، ما أدى إلى تغير كلي في النمط الحياتي، اتسم بارتفاع في كم الطاقة الداخلة للجسم في مقابل انخفاض النشاط البدني.
ومن جانبهم، يدعو مؤلفو المقالة إلى المراقبة المنتظمة والمتواصلة لمؤشرات كتلة الجسم بين اليافعين القطريين من أجل التدخل في مرحلة مبكرة. علاوةً على ما سبق، يذكر المؤلفون أن هذه العملية المنتظمة لجمع البيانات يمكن أن تتيح لواضعي السياسات إمكانية تقييم مدى نجاح تدخلاتهم في مجال صحة السكان، ورؤية الجوانب التي تم أو لم يتم إحراز تقدم فيها.
واختتم الدكتور الكوم: "يمتد أثر أنماط التغذية والنشاط في المراحل العمرية المبكرة إلى المراحل العمرية اللاحقة، ما يبرز أهمية التدخل المبكر من أجل اكتساب سلوكيات صحية والمداومة عليها والحفاظ على وزن صحي مدى الحياة. فالتدخل خلال مرحلة الطفولة يضمن حصول الأطفال الصغار على الأغذية الصحية بشكل أفضل ونيلهم فرصًا أكبر للانخراط في نشاط بدني منتظم."
يمكن العثور على هذه المقالة عبر موقع كيوساينس الإلكتروني (https://www.qscience.com/content/journals/10.5339/connect.2019.1#) إلى جانب آلاف الدوريات الأكاديمية ووقائع المؤتمرات والكتب الأخرى المتاحة مجانًا.