عيّنت الأمم المتحدة مؤخرًا الدكتور ألكسندر إزناغو، الأستاذ المساعد في القوانين الضريبية والتجارية في كلية القانون بجامعة حمد بن خليفة، عضوًا في شبكة المعرفة لقارة أفريقيا المنشأة حديثاً تحت إشراف مكتب المستشار الخاص لشؤون أفريقيا.
أجرينا لقاءً مع الدكتور ألكسندر إزناغو حول أهداف الشبكة التي أطلقت في 29 يونيو الماضي:
1. أخبرنا عن الهدف من وراء إطلاق شبكة المعرفة الأفريقية، ولماذا برأيك تم اختيارك لتكون عضوًا فيها؟
أطلقت الأمم المتحدة شبكة المعرفة لتقدم الدعم الاستشاري والخدمات التحليلية والبحثية الاستباقية حول مستقبل قضايا الأمن والاقتصاد والقضايا الاجتماعية والبيئية والسياسية والإنسانية وحقوق الإنسان التي تؤثر على القارة الأفريقية. وتحظى مجالات عمل الشبكة المعرفية الستة بالأولوية للأمم المتحدة وأهدافها وهي: تمويل التنمية، التنمية المستدامة من أجل السلام المستدام، الديمقراطية والمرونة ورأس المال البشري، العلم والتكنولوجيا والابتكار، والصناعات، والتوزيع السكاني، ومنطقة التجارة الحرة للقارة الإفريقية، والطاقة المستدامة وتغيير المناخ.
وزملائي الأعضاء في الشبكة أكاديميون وخبراء وأعضاء أفارقة من مراكز بحثية متخصصة في القضايا الأفريقية ولديهم خبرة طويلة وسجل حافل بالأبحاث المنشورة في المجالات ذات الأولوية للقارة. وتأتي دعوتي للانضمام لهذه شبكة تقديرًا لما أتمتع به من خبرات وأبحاث في مجالات تمويل التنمية والتصنيع والتجارة في القارة الأفريقية.
في السنوات العشر الأخيرة كتبت كثيرًا عن فجوات التمويل التنموي في قارة أفريقيا خاصة في مجالات التجارة والضرائب والقضايا المالية غير المشروعة، وكتبت العديد من الأبحاث في آفاق اتفاقية منطقة التجارة الحرة للقارة الإفريقية منذ توقيعها، وقدمت المشورة بشأن تنفيذها الناجح والفعال، وتم الاستشهاد بهذه الأبحاث في تقارير الأمم المتحدة، كما شاركت بإلقاء المحاضرات والندوات في منتديات رفيعة المستوى حول هذا المجال، وذلك بالإضافة لكوني جزء من فريق صغير من الخبراء الذين يتم استدعائهم بصورة دورية لمتابعة أنشطة مختلف الهيئات في الأمم المتحدة، مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الذي ساهمت بكتابة أحد التقارير له عن التنمية الاقتصادية في أفريقيا (2020EDAR).
2. ثمة تركيز كبير على بناء القدرات وتطوير المعرفة /تبادلها وهو ما يتماشى أيضًا مع الأهداف المؤسسية لجامعة حمد بن خليفة. ما سر أهمية هذه الجهود؟
هذا التركيز في حد ذاته هو اعتراف بقيمة المعرفة وأهمية نشرها لحل بعض القضايا الإنمائية التي تواجه الدول الأفريقية؛ ففي المسائل الضريبية والتجارية على سبيل المثال، تفتقر الكثير من الدول إلى المعرفة والخبرة والإدراك اللازم لقوانين التفاوض في المعاهدات بشكل متكامل، فضلًا عن التعامل مع الثغرات الناشئة عن العلاقات العابرة للحدود.
من التحديات المعروفة في مجال التنمية للبلدان الأفريقية هو عدم توفر أبحاث وخبرات وتحليلات مخصصة لهم «في النطاق المحلي»، خاصة أنه تبين أن نقل المعارف والتجارب من القارات الأخرى غير مجد أو فعال في توفير الحلول للقضايا التي تواجه الدول الأفريقية، وإلى جانب بناء القدرات وتنمية المعرفة، تسعى شبكة المعرفة إلى تحديد وإبراز أصوات الخبراء العاملين في القضايا الأفريقية وإعطائهم فرصة لتقديم الحلول لمشكلاتهم.
3. ما هي أنواع المبادرات أو البرامج التي تخطط لها شبكة المعرفة للأكاديميين والخبراء لترجمة خبراتهم والتأثير على السياسات؟
يقوم الخبراء داخل الشبكة بتطوير العديد من المبادرات والبرامج نظرًا لطبيعة العمل الديمقراطية في الشبكة فهي منبر مفتوح للجميع، وتتيح الاطلاع الدائم على المراجع ومصادر المعلومات والدراسات ذات الصلة بالقارة، كما تتيح الشبكة منصة تتيح للخبراء والباحثين الأفارقة تبادل الأفكار والمقترحات البحثية والتعاون في دراستها وتنفيذها. وهناك أيضا خطط لربط الخبراء بدول معينة وتوسيع الشبكة لتشمل الجهات المعنية، وكلي ثقة في أن الشبكة ستؤتي ثمارها عبر مبادرات ستعود بالنفع على القارة بشكل كبير.
4. كيف ستؤثر عضويتك في شبكة المعرفة أو تنعكس على طريقة تدريسك؟
أقوم في محاضراتي بجامعة حمد بن خليفة بتدريس مقررات القوانين الضريبية والتجارية، وهي عناصر أساسية لتمويل التنمية. ولا شك أن العضوية في شبكة المعرفة ستخفف من حدة «الفجوة بين النظرية والتطبيق»، بمعنى أن التناقش مع العلماء الآخرين والتحاور مع البلدان المختلفة حول قضايا ومسائل واقعية سيؤثر على تصميم مناهج المقررات التي أدرسها.
وسأستفيد بدوري من معارف الطلاب والطالبات المتميزين في جامعة حمد بن خليفة لصقل آرائي الخاصة حول القضايا التي تؤثر على البلدان الأفريقية والتي طُلِب مني تقديم المشورة حولها. وسأعرّف طلابي على شبكة المعرفة في الأمم المتحدة إذا سنحت الفرصة لذلك وهي منصة كبيرة بالفعل ونأمل أن نستفيد مما تقدمه من شبكة علاقات واسعة.
ترحب كلية القانون بالتغيير والابتكار من خلال التعليم خارج القاعات الدراسية النمطية والتقليدية وعبر الاحتكاك بالقضايا الواقعية في العالم الحقيقي. ومنهجي في التدريس هو التشجيع على المحاضرات التفاعلية، وأنوي إشراك طلابي في نقاش المشكلات الفعلية وتوجيه النقاش لحل هذه المشكلات عبر توظيف القوانين والسياسات والنظريات التي نوقشت في المحاضرات الدراسية لمعالجتها، وذلك بالتوازي مع عضويتي في الشبكة، وهو ما يتسق أيضاً مع هدف الكلية الساعي لبناء الكوادر البشرية الإقليمية التي تترك بصمة وأثرًا ملموسًا على العالم.
5. لو أخذنا التحديات التنموية وتحديات الحوكمة التي تواجه المنطقة والعالم في خضم جائحة كورونا بعين الاعتبار، ما هي مواضيع أبحاثك في جامعة حمد بن خليفة التي تساهم في النقاش حول السياسات التي تسرع من تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟
ترتبط الأبحاث التي أجريها ارتباطًا وثيقًا بأهداف التنمية المستدامة وإنجازاتها، ومن ضمنها الضرائب التي تمثل أحد الجوانب في أهداف التنمية المستدامة لضمان التمويل المستدام، والاكتفاء الذاتي للدولة والاستقلالية، وقدرة الدول على الصمود في وجه التحديات.
حصلت على شهادة الدكتوراه في الضرائب وأركز في أبحاثي على المسائل الضريبية التي تؤثر على دول مجلس التعاون الخليجي والقارة الأفريقية والعالم، ونشرت العديد من الأوراق البحثية حول المسائل الضريبية التي تؤثر على مختلف الأبعاد والقضايا، ولقد جعلت الجائحة نقاش مثل هذه الموضوعات أكثر إلحاحًا من ذي قبل.
وكما تعلمنا من تعامل دولة قطر المرن مع الحصار الذي فُرض عليها، للتجارة دور محوري في استدامة وقدرة أي دولة على الصمود. وقد أنشأت قارة أفريقيا من جانبها أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم - منطقة التجارة الحرة الأفريقية – التي تضم 54 دولة، وهي مبادرة تتطلب المزيد من البحث والدراسة. وقد حصل فريقي الذي يضم عددًا من الزملاء على منحة الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي لاستضافة مؤتمر حول تسهيل الرقمنة التجارية في قطر وخارجها ودورها المحوري في العلاقات الاقتصادية بين الدول.
كان للدراسات والأوراق البحثية التي نشرتها حول القانون البيئي خاصة في ضوء مجالي الضرائب والتجارة تأثيرها على النقاش الدائر في دول مجلس التعاون الخليجي والقارة الأفريقية، إذ تعتزم الدول الأفريقية فرض ضريبة الكربون ويشرفني أني نشرت ورقة بحثية حول هذا الموضوع.
وترتبط أبحاثي الأخرى حول الحوكمة التنموية بالنقاشات حول تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخلال محاضراتي وأبحاثي في جامعة حمد بن خليفة حول قانون تطوير البنية التحتية والقانون التجاري والاتحادات التجارية أتناول نماذج الحوكمة التي تعتمدها الدول، سواء من خلال تمويل الأسهم والديون، أو الاستثمار الأجنبي المباشر، أو تيسير التجارة ،أو تقييدها، أو غيرها من السياقات السياسية والاقتصادية. لقد وُفِّقت إلى إجراء العديد من الدراسات حول جوانب مختلفة من أهداف التنمية المستدامة نظرًا لأهميتها، وحظيت أبحاثي بالإشادة والتكريم في قطر ودول العالم الأخرى. ويسرني أن أعرب عن خالص امتناني لجامعة حمد بن خليفة وكلية القانون لجهودهما الرائدة في البحث ونشر المعرفة التي ساهمت في التصدي للتحديات القانونية الحالية برؤية تستشرف المستقبل.