مع بدء توافر لقاحات كورونا (كوفيد-19) مؤخرًا وبالسرعة التي طُورت بها، تحوم في الأفق جائحة أخرى تتعلق بتداول "أخبار زائفة" ربما تعيق الجهود المبذولة من أجل التعافي من الجائحة الأولى.
مع ظهور وتفشي جائحة كوفيد-19، ارتبطت الجوانب السياسية والطبية للمعلومات المضللة و المتعلقة بالجائحة ببعضها، بينما أخذت المشكلة في التفاقم إلى مستوى جديد تمامًا، لتصبح أول وباء معلوماتي على مستوى العالم. لذا، تحتل مكافحة هذا الكم الكبير من المعلومات المغلوطة وغير الموثوق بها في الوقت الحالي مرتبة متقدمة جدًا في قائمة أولويات منظمة الصحة العالمية، في ظل وجود مخاطر تتراوح ما بين الترويج لعلاجات وهمية، وشائعات مُغرضة، ونظريات مؤامرة، إلى بث الرعب والرُهاب من الغرباء. وتتطلب معالجة هذه القضية تفكيك العديد من المشكلات المستعصية، مثل تحديد الرسائل التي تحتوي على ادعاءات يمكن التحقق منها، وتقييم مدى جدارتها وواقعيتها وقدرتها على إلحاق الضرر، وكذلك طبيعة هذا الضرر، على سبيل المثال لا الحصر.
مع وضع كل هذا في الاعتبار، تحَرَّى فريق من العلماء من معهد قطر لبحوث الحوسبة، التابع لجامعة حمد بن خليفة، الجائحة الموازية من انعدام الثقة، وكيف يمكن أن تعيق استجابتنا الجماعية لهذا المرض. يمثل هذا الجهد جزءًا من مشروع "تنبيه" الضخم لمعهد قطر لبحوث الحوسبة، وهو يهدف إلى الحد من تأثير "الأخبار الزائفة"، والدعاية المغرضة، والتحيز الإعلامي.
يقود فريق العمل في هذا المشروع د. بريسلاف ناكوف، عالِم رئيسي بالمعهد. ويضم الفريق أيضًا د. جيوفاني دا سان مارتينو، ود. فيروج علام، وشادن الشعار، ويفان زانغ، إلى جانب عدد من عُلَماء و خبراء مجموعة تقنيات اللغة العربية بالمعهد، بما فيهم: فهيم دالفي، ود. نادر دوراني، وحمدي مبارك، ود. أحمد عبد العلي، ود. حسان سجاد، ود. كريم درويش، وكذلك أليكس نيكولوف (متدرب من جامعة صوفيا). كما يضم الفريق خبراء من مجموعة الحوسبة الاجتماعية في معهد قطر لبحوث الحوسبة، ومنهم د. فردا أوفلي، ود. محمد عمران، وعمير قاضي.
وقد طوَّر هؤلاء العلماء نظامًا لتحليل محتوى وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بكوفيد-19 باللغتين العربية والإنجليزية، ووضعوا نماذج لآراء الصحفيين، ومدققي الحقائق، ومنصات التواصل الاجتماعي، وصُناع السياسات، والمجتمع ككل. وباستخدام هذا النظام، قاموا بتحليل التغريدات المنشورة حول كوفيد-19، مع التركيز على لقاحات المرض. نُشرت هذه التغريدات باللغتين الإنجليزية والعربية من قطر في خلال فترتين: الأولى من فبراير إلى أغسطس 2020، والثانية من نوفمبر 2020 إلى يناير 2021. وبالنسبة للتغريدات العربية، جرى تحليل البيانات الخاصة بالفترة الأولى، بينما لم تكن هناك تغريدات كافية خلال الفترة الثانية.
وقد تبين لفريق العلماء أن التغريدات العربية احتوت على الكثير من المعلومات الخاطئة والشائعات، وناقش بعضها العلاجات المحتملة، وجاء عدد قليل جدًا منها لنشر الذعر. وفي المقابل، كانت التغريدات الإنجليزية (في كلتا الفترتين) واقعية في غالبها، وتضمنت العديد من النكات والمزح، ونادرًا ما تناولت شائعات، ولم تشتمل تقريبًأ على أي توجه لنشر الذعر.
وحلل الخبراء كذلك مستوى التوجه الدعائي الذي تضمنته هذه التغريدات، ووجدوا أنه في حين أن التغريدات العربية كانت شبه خالية من الدعاية، لم يكن ذلك هو واقع الحال بالنسبة للتغريدات الإنجليزية. ففي الفترة من فبراير إلى أغسطس 2020، تضمنت قرابة ثلث التغريدات قدرًا من الدعاية، وفي الفترة من نوفمبر 2020 إلى يناير 2021، انحصرت التوجهات الدعائية قليلاً لتشمل ربع التغريدات فقط.
وبعد ذلك، قام الخبراء بتحليل تقنيات الدعاية المستخدمة، ووجدوا أن حوالي نصف التغريدات باللغة العربية عبرت عن شكوك، وخُمسها استخدم لغة مبطنة. أما بالنسبة للتغريدات باللغة الإنجليزية، (أ) في الفترة من فبراير إلى أغسطس 2020، استخدمت قرابة ثلث التغريدات لغة مبطنة وتقنيات دعائية مثل اللجوء للمبالغة، وبث الخوف، والتلويح والتنابز بالألقاب، والشكوك، والمغالاة، التي مثًّلت 10% من هذه التغريدات، و(ب) في الفترة من نوفمبر 2020 إلى يناير 2021، استخدمت نصف التغريدات لغة مبطنة، في حين شكلت المغالاة، والتنابز بالألقاب، والمبالغة 10٪ من التغريدات.
وفي الأخير، أمعن الفريق النظر في الصياغة والتأطير، ووجدوا أن التغريدات العربية تناولت الصحة والسلامة كوجهة نظر هيمنت على التغريدات، في حين جاء الحديث عن الاقتصاد في المرتبة الثانية. وفي المقابل، تناولت التغريدات الإنجليزية المنظور الاقتصادي في المقام الأول، بينما جاءت الصحة والسلامة كموضوعات فرعية في كلتا الفترتين.
لقراءة دراسة الحالة كاملةً والتي نشرت تحت عنوان "كوفيد-19 واللقاحات: دراسة حول تغريدات تويتر من قطر"، اضغط هنا.