رغم حصول مريم الفقيه زقير على درجتي الماجستير في تخًصصين مختلفين، وهما الماجستير في السياسات العامة والإدارة من جامعة كارنيجي ميلون، وماجستير الآداب في دراسات الترجمة من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليفة، إلا أنها لطالما وظّفت خبراتها في تخصًص تحبذه وتفضّله، وهو التعليم.
وقد سلّطت أطروحتها لماجستير الآداب في دراسات الترجمة، الضوء على عمليّة التواصل بين المدارس الدولية الكائنة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والآباء المحليين، بينما تضمّن جزء من أطروحتها للماجستير في دراسات السياسات العامة والإدارة، استعراضًا مقارنًا لأنظمة التعليم في العالم العربي.
وفضلًا عن أنها عضوة في برنامج "صوت المُتعلم" الذي يتم تنفيذه في إطار مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم، فإن مريم تعمل كمدرّسة لغة انجليزية في مؤسسة تعليمية بالقطاع الحكومي في قطر لعدة سنوات، ومن خلال هذه التجربة اكتسبت منظورًا جيدًا يتعلّق بالتحديات ذات الصلة التي يواجهها المدرّسون.
وفي هذا الشأن، تقول مريم زقير: "لقد لاحظت التباعد بين اكتساب المعارف ومتطلبات سوق العمل، فضلاً عن عدم الاتفاق على كيفية تعلم الطلاب المهارات الذاتيّة مثل الخطابة وإدارة الوقت والمناقشة، كما لاحظتُ وعلى وجه الخصوص، غيابًا تامًّا لمفهوم الاستدامة في المناهج الدراسية في جميع أنحاء العالم العربي".
ونظرًا لتركيزها على الاستدامة، فقد قادها شغفها للدراسة في كلّية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة، من خلال المشروع البحثي "التعليم كعاملٍ حاسمٍ للاستدامة: دراسة حالة في قطر من منظور تطوير قدرات المدرّسين"، وقد ارتكزت هذه الدراسة التي أشرف عليها الدكتور معمر كوتش، الأستاذ المؤسس لقسم الاستدامة بكلّية العلوم والهندسة، على آليات تعديل النظام التعليمي القطري ليتلاءم مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
وبسبب اهتمامها بالدراسة، حرصت مريم على التواصل مباشرة مع الدكتور كوتش في محاولةٍ لمعرفة كيف يمكنها استكشاف هذا المجال، ونتيجةً لذلك اتخذت مريم قرار التسجيل في برنامج الدكتوراه في البيئة المستدامة في كلّية العلوم والهندسة، حيث اختبرت مباشرة اسهامات الكلية في تعزيز وسائل المشاركة والقيادة في التنمية المستدامة والتخصصات البحثية الأخرى ذات الأهمية الوطنية والعالمية.
وتعليقًا على دراستها، أوضحت مريم، قائلًة: بما أنني تخرّجت من جامعة حمد بن خليفة، فأنا معتادة على الطابع الأكاديمي السائد في الجامعة من ناحية تعدّد التخصصات والبرامج، وبالإضافة الى ذلك فإن مرونة الخدمات المقدّمة من الجامعة، ساهمت في دعمي لمواصلة بحوثي وفق ظروفي الخاصة، وكان برنامج الدكتوراه ملائمًا تمامًا لأهدافي وتطلعاتي المهنية، وبالتالي سأنجح في تحقيق نقلة نوعيّة في مهنتي كمدرّسة، وأن أكون عاملًا حيويًّا لإحداث التغيير في أي مدرسة أعمل فيها مستقبلًا.
وأثناء فترة دراستها بجامعة حمد بن خليفة، استرعى مجال البحوث الأكاديمية انتباه مريم، فإلى جانب ما يتطلّبه برنامجها الأكاديمي من ملخصات بحثية، أسهمت "مريم" في تأليف العديد من الأبحاث الأخرى جنبًا إلى جنب مع باحثي كلّية العلوم والهندسة وتبعًا لذلك، تمّ تعيينها عام 2022 في منصب باحثة ما بعد الدكتوراه مؤقّتة من قبل مشرفها الأكاديمي، كما تمكّنت أيضًا من العمل في الجامعة ككاتبة مختصّة على أساسٍ مستقلٍّ، الأمر الذي ساعدها على تعزيز شغفها بالتدريس من خلال إجراء ورش عمل الكتابة لزملائها الطلاب.
لا تتوانى "مريم" في تقديرها لفضل تجربة جامعة حمد بن خليفة التعليمية المميّزة التي منحتها هذه الفرص القيّمة، و التي تستجيب لأهداف دولة قطر في الاستثمار في الكوادر البشرية والتنوّع الاقتصادي، وذلك من خلال تزويد الطلاب بالمعرفة والمهارات اللازمة للازدهار في مشاريع ريادة الأعمال.
وتقول مريم في هذا الصدد: "لقد منحتني فترة دراستي ببرنامج الدكتوراه في البيئة المستدامة، بالاعتراف والتقدير لوظيفتي كباحثة دون الاخلال بإكمال مسيرتي المهنية في الأوساط الأكاديمية، فقد برهنت لي الدراسة في جامعة حمد بن خليفة بأنه يمكنني تنفيذ كل مهامي في مجال متميّز، حيث العمل على المقاربة بين التعليم مع الاستدامة؛ وهذا بدوره حفّزني على الاسهام بخبراتي في تطوير مجال دراسة من شأنه ان يثري المجتمعات في جميع أنحاء العالم العربي".
وتُعد مريم فقيه زقير أحد أفراد خريجي دفعة 2023، الذين تميّزوا بتطوير مهاراتهم الشخصيّة والمهنية في صرح جامعي يدعم الابتكار ومفاهيم ريادة الأعمال، ويحرص على إيجاد حلول شاملة للتحديات الشائكة.