تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة والنمطية حول اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه
- الصفحة الرئيسة
- غرفة الأخبار
- تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة والنمطية حول اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه
رؤى مقدمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي
يعد أكتوبر شهر التوعية بشأن اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه، وتهدف حملات التوعية إلى تحسين الوعي العام لهذه المتلازمة عن طريق تزويد بعض المعلومات الموثوقة بناءً على نتائج البحث العلمي. وتشهد حملات التوعية لهذا العام إعادة صياغة اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه، وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة عنه والقوالب النمطية الشائعة، بالإضافة إلى اكتشاف عدة تصورات حديثة.
إعادة تعريف متلازمة اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه
يعتبر اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه أحد أكثر الاضطرابات النفسية العصبية شيوعًا لدى الأطفال، وهو يُشخص عن طريق الملاحظة السريرية لنقص الانتباه أو النشاط الزائد. وعلى الرغم من المصطلح المعتبر الذي يمثله، فالمؤشر المميز لهذا الاضطراب ليس الانتباه أو فرط النشاط، ولكن تتضمن إحدى المؤشرات أيضًا القدرات المعرفية والسلوك اللحظي. ويمكن التعرف على الأنواع الثلاثة الشائعة من خلال: 1- نقص الانتباه البدائي و2- النشاط الزائد عن الحد و3- نوع مختلط قد يصل إلى حد الاضطرابات المتمايزة.
اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه ليس اضطرابًا بسيطًا، ولكنه نوع متغاير الخواص بدرجة كبيرة في علم النفس العصبي والكيمياء العصبية والمتلازمات المرضية المصاحبة التي تتداخل مع غيرها من الاضطرابات التكوينية للجهاز العصبي. ويوجد بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه، ولكن لم يسبق لهم أن كانوا من ذوي الحركة المفرطة، إلا أنهم في بعض الأحيان يعانون من قلة الانتباه أو الانتباه المضاعف على مدى فترات زمنية.
وبناءً عليه، فمن الضروري للآباء، والمدارس، والمعلمين النظر إلى هذه الأمور للتعرف على السلوك المماثل وتشجيع نقاط القوة الهامة مثل: القدرات الإبداعية، الطاقة، الحماس، وقدرات حل المشكلات.
وفقاً لأنظمة التقسيم التشخيصي ICD-10وDSM-V)1,2)، فإن أحد الأعراض الرئيسية لاضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه هو أن: "الطفل عادةً ما يفشل في إعطاء التفاصيل الدقيقة أو يقوم بعمل أخطاء مهملة." ومع ذلك، فإن حالة الانتباه الزائد عن الحد عادةً ما تُوصف بكونها حالة إيجابية لأنها تضع الطفل في حالة تركيز على أداء مهامه لفترات طويلة مقارنة بما تفعله الأمراض العصبية النمطية المتعارف عليها.
لا يذكر DSM-V بوضوح كَون الانتباه الزائد عن الحد هو عرض من أعراض الاضطراب، ولكن علماء النفس السريريين يصفونه على أنه تركيز حاد على أنشطة غير روتينية ومحفزة مصاحبة بانعزال عن كل شيء آخر حوله (3).
علم الأوبئة وعلم أسباب الأمراض فيما يتعلق باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه
تعد البيانات الدقيقة المرتبطة بانتشار اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه شحيحة في الوقت الحالي. وقد أوضحت التحليلات البَعدية التي اُجريت على ما يقرب من 200 دراسة بحثية على مستوى العالم ترابطًا نسبته ˃7% (4).
بالإضافة لذلك، فمن الضروري ملاحظة أن اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه لا يصيب الأطفال فحسب، حيث أن الأعراض عادةً ما تستمر في التفاقم إلى مرحلة البلوغ بما يعادل ثلثي النسبة الموجودة في مرحلة الطفولة (5).
كما أن أعراض اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه عادةً ما تتغيّر خلال النمو: وقد يتحول النشاط الزائد إلى التململ (عدم ثبات حركي أو دافع مستمر للحركة) أو أرق؛ وقد يبدو نقص الانتباه في صعوبة إتمام المهام المرتبطة بالعمل أو النسيان.
وكأغلب الأمراض العصبية المتطورة، يظهر منظور اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه على أنه ناتج عن طفرة في نمو الدماغ نتيجة لعوامل جينية وبيئية.
وقد أظهرت الدراسات الأسرية ودراسات التوائم وجود مساهمات جينية أساسية في هذا الاضطراب، مع عوامل وراثية تتراوح من 60-90% (6). وللأسف، فإن ميكانيكية الحالة لم تُفهم بالكامل، كما أن العوامل البيئية مثل عناصر ما قبل الولادة وما بعدها قد تلعب دورًا مهمًا في توليد اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه الشكل (1).
بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من سرعة التقدم التكنولوجي، يعتبر كشف جينات اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا. وعلى الجهود التي ستبذل خلال العقد القادم أن تزودنا بقياسات أكثر دقة لبنية الدماغ ووظائفه عن طريق التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، كما ينبغي أن تزودنا ببيانات‘Omics’ بطريقة يمكن فهمها واستيعابها بدرجة أكبر. وسيساعدنا هذا التقدم على فهم علم الأمراض المتعلق باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه في تعزيز قدرتنا على تشخيص وعلاج هذا الاضطراب.
الشكل (1): معدلات انتشار اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه في أعمار مختلفة (8،7)
اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه الحيوي العصبي
يعد اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه الحيوي العصبي معقدًا ويتضمن الكثير من المسارات الفرعية، إلى جانب الكثير من تغيرات الدماغ العصبية والبنيوية. وتقترح الدراسات التخيلية، بما في ذلك التغيرات التي اُبلغ عنها بشأن بنية الدماغ والشبكات الوظيفية، أن اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه يؤثر على كل من الاختلال الوظيفي وشذوذ الاتصال. وتتضمن المناطق الثلاثة في الدماغ التي لها علاقة باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه: 1- مناطق القشرة (القشرة قبل الدماغية والقشرة الحجامية الداخلية)، و2- مناطق القشرة الفرعية (النظام الحوفي بما فيه من اللوزة الدماغية وقرن آمون، والعقد القاعدية)، و3- المخيخ. الشكل (2) (9، 10).
وبناءً عليه، فإن حجم الدماغ للأفراد الذين يعانون من اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه يبدو أصغر في مناطق ما تحت القشرة (المسؤولة عن الاهتمام) والنظام العصبي الفرعي الجوفي (مسؤول عن تنظيم المشاعر والاندفاعية)، بالإضافة لباقي الحجم الكلي للدماغ. وكانت هذه الاختلافات بارزة أكثر لدى الأطفال، وتبدو أصغر بشكل كبير لدى البالغين (9).
الشكل (2): مناطق الدماغ الثلاثة المرتبطة باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه
لقد أوضحت دراسات أخرى أهمية اضطراب الدوبامين وباعثات النورإيبفرين العصبي وتأثيرهما التالي على المسارات العصبية، وبناءً عليه مساهمتهما في اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه (11). ومن الأجزاء المثيرة للاهتمام في البحث تحري مدى انتظام باعثات الخلايا العصبية والمستقبلات العصبية للدوبامين والنورإيبريفين كمحفز لنمو اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه وتعدده الشكل (3).
الشكل (3): عدم انتظام التشابك العصبي في اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه في الدماغ
الاضطرابات العصبية المصاحبة لاضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه
من الشائع وجود الاضطرابات العصبية المصاحبة للاضطرابات العصبية النمائية، في حين يتعين علينا التركيز على الحالات المستحدثة المتكررة، وعلينا أيضًا التركيز على نقاط القوة الفردية.
أغلب الأفراد الذين يعانون من اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه لديهم اضطراب عصبي نفسي مُشخص أو غير مُشخص. فالاضطرابات العصبية الشائعة مع اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه قد تتضمن اضطراب طيف التوحد، واضطراب التقلص اللاإرادي لعضلات الوجه، والقلق، والاكتئاب الحاد، وإعاقات ذهنية. بينما يتداخل العديد من هذه الاضطرابات بشكل معقد، سيكون من المهم إذا تمكنا من الفصل بين هذه المجموعات المختلفة عند التشخيص. وهذا لن يساهم فقط في فهم الاضطراب بشكل أكبر، ولكنه سيساهم أكثر في إيجاد طرق علاج مخصصة أكثر. أحد أهداف مركز بحوث الاضطرابات العصبية التابع لمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي وهو تقديم اكتشاف حيوي متقدم في مجال اضطرابات النمو العصبي، وأيضًا دراسات الجهاز العصبي، بالإضافة الى الجمع بين الدراسات البيولوجية ‘Omics‘ مع أبعاد الذكاء الاصطناعي التكاملي لكي نطوِّر فهماً أكثر للاضطرابات العصبية مثل اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه.
المشاركون في هذه الدراسة:
مساهمة ورسوم توضيحية: د. سلام سلوم أصفار (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) ود. سارة عبدالله (زميل أبحاث، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي).
كتابة وترجمة النسخة العربية: رويدة زياد طه (باحث مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
المحررون: د. أدفيتي نايك (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) ود. براسانا كولاتكار (عالم أول، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي).
لتصفح المراجع، يُرجى الضغط هنا.