كيف يقود الذكاء الاصطناعي الابتكار لإنتاج تجربة تعليمية معززة

معهد قطر لبحوث الحوسبة يستفيد من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في تعزيز برامج التعليم التقدمي بجامعة حمد بن خليفة

الهيئة:  معهد قطر لبحوث الحوسبة
كيف يقود الذكاء الاصطناعي الابتكار لإنتاج تجربة تعليمية معززة

يحاكي الذكاء الاصطناعي عمليات الذكاء البشري في الخدمات الخوارزمية التي تعمل على تحسين العمليات والسرعة وزيادة الكفاءة من خلال التعلم والتصحيح الذاتي والاستدلال.

ويعد الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي المحركان الرئيسيان للابتكار في العديد من المهن، بما في ذلك التعليم. ويبشر الذكاء الاصطناعي بتطوير قطاع التعليم من خلال تحسين التعلم والتدريس لكل من الطلاب والمعلمين على حدٍ سواء.

ومن بين هذه المجالات التعليم التقدمي، وهو عبارة عن مبادرات تركز على التعلم التجريبي بناءً على مواهب الطلاب واحتياجاتهم ورغباتهم لتحقيق الأهداف التعليمية لكل من المعلم والطالب.

وقال الدكتور جيم يانسن، العالم الرئيسي بمعهد قطر لبحوث الحوسبة، التابع لجامعة حمد بن خليفة: "الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي هما أداتان يمكن أن يقوما بدورٍ فاعلٍ في مساعدة المؤسسات التعليمية على تحقيق أهداف التعليم التقدمي. وتشتمل هذه الأدوات على أنظمة التعلم التي تتكيف مع الظروف السائدة، والواقع الافتراضي، والواقع المعزز، ونماذج الألعاب الجادة. ويمكن للمرء أن يرى بالفعل أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تكتسب أرضيةً ولها تأثير إيجابي في القطاع التعليمي."

ويؤثر الذكاء الاصطناعي على التعليم التقدمي عبر توفير مستويات أرقى من التعلم الفردي والشخصي للطلاب. وقد رسَّخ معهد قطر لبحوث الحوسبة مكانته باعتباره مركزًا فكريًا رائدًا في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات أبحاث الحوسبة، حيث يؤدي المعهد دورًا رئيسيًا في تطوير وتعزيز استخدام أحدث ابتكارات الذكاء الاصطناعي في قطر.

وقد قُبِل المخطط الذي طوره المعهد فعليًا واعتُمد ليكون استراتيجية الذكاء الاصطناعي الوطنية للبلاد في عام 2019. ومن أجل دعم التعليم التقدمي في جامعة حمد بن خليفة، طور باحثو المعهد نظامًا يعرف باسم ‘Survey2Persona’، أي المسح الخاص بالأشخاص. 

ويقوم النظام بتخصيص بيانات المسح للحصول على رؤى قابلة للاستهداف والتنفيذ والتوصيل للطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين والخريجين. ويمتلك هذا النظام، مثله في ذلك مثل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بشكل عام، القدرة على إحداث تغيير جذري في كيفية تفاعل المؤسسات التعليمية مع الطلاب المحتملين والحاليين والسابقين، بالإضافة إلى الموظفين وأعضاء هيئة التدريس المكلفين بتعليم هؤلاء الطلاب.

ويمكن أن تساعد مثل هذه الأنظمة المؤسسات في إنجاز مهام تعليمية متعددة، بداية من استقطاب الطلاب إلى التخطيط لعروض المقررات الدراسية الجديدة وتأهيل الطلاب لسوق العمل المتغير. ويمكن لخدمات الذكاء الاصطناعي أن تصمم التجربة التعليمية بأكملها بحيث تصبح أقرب إلى احتياجات الطلاب والأهداف التعليمية.

وصرَّح السيد سون جيو جونج، مهندس البرمجيات المسؤول عن تطوير هذا النظام بمعهد قطر لبحوث الحوسبة، قائلاً: "نظام Survey2Persona هو أداة قائمة على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، حيث يحول البيانات المستمدة من المسح إلى رؤى قابلة للتنفيذ دون الحاجة إلى معرفة المستخدم بعلم الإحصاء."

وقد أثر الذكاء الاصطناعي بالفعل على تعلم الطلاب وطريقة تقديم المحتوى التعليمي. ويمكن لمنصات الخدمات التعليمية الضخمة عبر الإنترنت، مثل أكاديمية خان، الاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تتكيف مع الظروف لتقديم محتوى يناسب أنماط التعلم المختلفة وثغرات التعلم لدى الطلاب. وتستجيب أنظمة التعلم القائمة على الذكاء الاصطناعي لاحتياجات الطلاب، وتركز على موضوعات محددة بناءً على تقدم الطلاب، وتكرر الدروس بحيث يتقنها الطلاب، وتسمح للطلاب بالعمل وفقًا لسرعتهم الخاصة لإتقان موضوع ما بالفعل. وتأخذ تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المذكورة محتوى يطوره خبراء متخصصون في الموضوع وتحول عملية تقديم المحتوى من المعلم إلى الطالب.

وتعمل هذه المنصات التعليمية الكبرى أيضًا على تسهيل تدريس الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، مما يؤدي إلى حدوث تطورات كبيرة في عملية التعلم والتعليم في تلك المجالات. فعلى سبيل المثال، لدى منصات كاجل وباي كاريت، مجتمعات يبلغ تعداد أعضائها مئات الآلاف.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور يوني سالمينن، العالِم في معهد قطر لبحوث الحوسبة: "تُعدُ هذه المجتمعات المنتشرة عبر الإنترنت مفيدة للتعليم التقدمي وطريقة التعلم الجديدة التي تعتمد بشكل أقل على الكتب المدرسية وتبدو أكثر اعتمادًا على المواد التعليمية الحية والمتطورة، مثل الدفاتر الحاسوبية."

وبهذا الخصوص، يحدث الذكاء الاصطناعي، جنبًا إلى جنب مع تقديم المحتوى على نطاق واسع ضمن نموذج تعليمي تقدمي، تغيرًا في كيفية تفاعل الناس مع المعلومات التعليمية (وقد أحدث تغيرًا بالفعل في كثير من النواحي)، لا سيما في سياق التعلم مدى الحياة. ومن بين هذه المجالات إنشاء المحتوى الذكي، حيث تقوم برامج الذكاء الاصطناعي تلقائيًا بتحديث محتوى القاعة الدراسية، مثل الكتب المدرسية الرقمية، وأدلة الدراسة الرقمية، وواجهات المحتوى الرقمي.

ويمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي أيضًا في زيادة الوصول الشامل إلى التعليم لمجتمعات التعلم العالمية عبر الإنترنت، بما في ذلك تقديم المحتوى بلغات مختلفة ومستويات مهارات مختلفة مع تمكين عملية دعم الأقران بين المتعلمين بدرجة أكبر.

وقد دُمِجت بالفعل العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في البرامج الدراسية الاعتيادية، مثل برنامج مترجم العروض الخاص بتطبيق باوربوينت، الذي يترجم الصوت إلى نص متزامن بعدة لغات في الوقت الفعلي. وتساعد أدوات الترجمة التلقائية هذه في تقديم المحتوى إلى جمهور أوسع من الطلاب والمتخصصين الذين يسعون إلى تطوير مهاراتهم ومعارفهم. هناك قائمة طويلة من الجهود الأخرى لتصور المحتوى والمحاكاة التي يدعمها الذكاء الاصطناعي لدخول السوق.

لذا، لا يتعلق السؤال الآن بـ "ما إذا كان" الذكاء الاصطناعي سيؤثر على التعليم، ولكنه يتعلق بـ "كيف" و"متى" سيحدث ذلك.

وكما هو الحال بالنسبة لأي من الطرق التعليمية السابقة، يجب أن يكون التركيز في استخدام الذكاء الاصطناعي على ما يمكن أن يساهم في تعزيز جودة التدريس والتعليم. 

وختم الدكتور يانسن بقوله: "الشيء الوحيد المؤكد هو أننا نعيش حاليًا في عصر يمكن فيه الوصول إلى المعلومات بشكلٍ لا مثيل له، حيث تعززت القدرة على الاستفادة من هذه المعلومات باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ويحمل هذا المزيج فرصًا هائلةً لمستقبل التعليم."