المقياس الحقيقي للنجاح هو ما نحققه في سبيل الإنسانية

رئيس جامعة حمد بن خليفة يسلّط الضوء على الحيوية التي يتمتع بها مجال تعليم الفنون الحرّة في عالم تحرّكه التكنولوجيا وذلك في فعالية مباشرة بنيويورك

"من المهمّ ألاّ تركّز الجامعات على صقل مهارات طلابها بما يتوافق مع الاحتياجات الآنية فحسب، بل عليها أن تُزوّد الطلاب بالمهارات والإمكانيات التي تُمكنّهم من النجاح في المجالات الاقتصادية بالمستقبل". هكذا عبّر أحد المتحدثين المرموقين والمعنيّ بالتعليم العالي في قطر أمام جمهور بالولايات المتحدّة الأمريكية، وذلك في نقاش مباشر استضافته مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" بمدينة نيويورك، سُلّط فيه الضوء على أهمية الفنون الحرّة في قطاع التعليم.

إذ أكد الدكتور أحمد حسنه، رئيس جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، على "أهمية توفير تعليم الفنون الحرّة في عالم متغيّر بشكل سريع بسبب التطور التكنولوجي"، مشيرًا إلى أن: "المال ليس المقياس الحقيقي للنجاح. المقياس الحقيقي للنجاح هو ما نحققه في سبيل الإنسانية".

لنقاش الذي انعقد، برعاية مؤسسة قطر، حمل عنوان: "أهمية الفنون الحرّة في العصر الرقمي"، وشارك فيه كلّ من الدكتور أحمد حسنه، والسيدة لين باسكيريلا، رئيس رابطة الكليات والجامعات الأمريكية، وتناولا خلاله محاور متعددّة منها كيفية تحقيق الجامعات التوازن بين تلبية الاحتياجات الحالية لأرباب العمل من جهة وأهمية تدريب الخريجين وتزويدهم بالمهارات التي يحتاجونها في المستقبل من جهة ثانية؛ بالإضافة إلى ذلك، سلّط النقاش الضوء على أهمية اتخاذ القرارات الأخلاقية في ظلّ التطور التكنولوجي والاستخدام المتنامي للتكنولوجيا؛ إلى جانب استكشاف طبيعة الكفاءات التي يبحث عنها الرؤساء التنفيذيين حول العالم.

"بهدف إعداد طلاب المستقبل وتأهليهم للنجاح نحتاج إلى تزويدهم بالقدرة على استيعاب هذه التحديات من وجهات نظر مختلف."

الدكتور أحمد حسنه
رئيس جامعة حمد بن خليفة

في هذا السياق، اعتبر الدكتور أحمد حسنه خلال مشاركته بهذه الفعالية التي انعقدت في ناري هارفارد: "إن التحديات التي نواجهها اليوم معقدّة لأنها لا ترتبط بالعلوم والتكنولوجيا فحسب، وإنما هي على صلة وثيقة بالسياسات والسلوكيات والجوانب الاجتماعية", وأضاف: "بهدف إعداد طلاب المستقبل وتأهليهم للنجاح نحتاج إلى تزويدهم بالقدرة على استيعاب هذه التحديات من وجهات نظر مختلفة".

تابع الدكتور حسنه:" لنأخذ على سبيل المثال أزمة تغيّر المناخ التي لا ترتبط بالهندسة البيئية فقط وإنما هي مسألة سلوكية، سياسية، واقتصادية طويلة الأمد. وبالتالي تخريج الشباب الذي يُمكنه إدراك طبيعة هذه التحديات من منظور جديد هو مفتاح نجاحنا في المستقبل".

خلال حديثه عن دور الفنون الحرّة في توفير خيارات أوسع ومسارات مهنية متعددة لخرّيجي الجامعات، قال الدكتور أحمد حسنه:" يكمن دور الجامعة في تخريج طلاب تعلّم مدى الحياة. وعند مناقشة احتياجات السوق، غالبًا لا يُدرك الكثيرون أن الهدف من التخرّج هو تمكين الشباب من التواجد بالسوق والمنافسة فيه بغض النظر عن التبدّل في احتياجاته والتغيرات التي تطرأ عليه. ومن هذا المنطلق، نسعى إلى تخريج أفراد قادرون على المضي قدمًا والتكيّف مع المتطلبات المستقبلية، إذ لا يكمن دورنا فقط في تصميم مهارات الخريجين وفق ما يحتاجه السوق اليوم".

ولدى سؤاله عن المتطلبات التي يرغب أرباب العمل بتواجدها في السيرة الذاتية للموظفين، قال الدكتور أحمد حسنه:" التفكير البنّاء، العمل الجماعي، ومهارات التواصل والاتصال"، مضيفًا:

"ما يتطلع إليه أرباب العمل اليوم ليس مرتبطًا بالمعرفة فقط، وإنما بكيفية مشاركة هذه المعرفة والعمل مع الآخرين، من أجل تحقيق الأهداف المنشودة".

 

ختم الدكتور أحمد حسنه النقاش بقوله:" الإنسان يسعى إلى تحقيق إنجازاته وفق ما يتطلع إليه. يُمكن للمرء تحديد الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه في هذه الحياة وذلك بغض النظر عن المكان الذي بدأ منه، لكنه إذا تحلّى بهذه العقلية، حتمًا سيجد طريقة لتحقيق هدفه. لكنّ ما ينبغي أخذه بعين الاعتبار هو أن النجاح لا يرتبط دومًا بالأثر الاقتصادي الذي نحققه، بل بما نقوم بتحقيقه في سبيل الإنسانية".

من جهتها، قالت السيدة لين باسكيريلا" هناك تقدّم ملحوظ على مستوى التعامل مع الانتقادات الموجهة إلى مجال تعليم الفنون الحرّة. ما نحاول القيام به هو تكريس مفهوم يناقض الادعاءات والانتقادات التي يتم توجهيها إلى الفنون الحرّة".

وأضافت: "لهذه الغاية، نحن بحاجة إلى شراكات في قطاع الصناعة والأعمال، للتأكد من أن المناهج التعليمية التي نوفرها للطلاب تُؤهلهم لمواجهة التحديات في المستقبل. هدفنا هو تزويد الطلاب بالمهارات التي تؤهلهم للعمل، المواطنة الفاعلة، وللحياة".

انعقد هذا النقاش المباشر مع "هارفارد بزنس ريفيو" برعاية مؤسسة قطر في إطار مساعي المؤسسة بتعزيز الحوار وتبادل المعرفة في مواضيع عالمية رئيسية منها التعليم في قطر والتعليم على المستوى الدولي.


المصدر: qf.org.qa