مساعي نحو الوصول لمسار فعال لمكافحة السرطان رؤية مقدمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي
- الصفحة الرئيسة
- غرفة الأخبار
- مساعي نحو الوصول لمسار فعال لمكافحة السرطان رؤية مقدمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي
يظل سرطان الثدي أكثر أنواع الأورام السرطانية شيوعًا بين النساء في دولة قطر وفي العالم، فضلاً عن كونه السبب الرئيسي للوفيات المرتبطة بالسرطان لدى السيدات (1). تستهدف الاستراتيجيات الاعتيادية الحالي لمكافحة السرطان الحالية الخلايا السرطانية على أساس الخصائص الأكثر انتشارًا بين هذه الخلايا (مثل معدلات التكاثر المرتفعة). ومع ذلك، فإن هذه الخصائص ليست بالضرورة شائعة بين جميع المرضى، وغالبًا ما لا تكون فريدة من نوعها بالنسبة للخلايا السرطانية، مما يؤدي إلى فعالية متغيرة للعلاج تختلف من مريض لآخر وآثار جانبية غير مستهدفة. لذلك، تركز التطورات الحديثة في علاج السرطان على تحديد واستهداف البروتينات الخاصة بالورم أو البروتينات الفريدة، بهدف تكييف العلاج حسب كل حالة، والمعروف أيضًا باسم الطب الشخصي أو الطب الدقيق.
في هذه النسخة من سلسلة الرؤى المقدمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، تناقش الدكتورة أدفيتي نايك، باحث ما بعد الدكتوراه في فريق الدكتورة جولي ديكوك بمركز البحوث التطبيقية للسرطان والمناعة في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، بحثها الذي نُشر مؤخرًا في هذا الصدد، والذي يحدد دور نازعة هيدروجين اللاكتات سي في تنظيم استجابة خلايا ورم الثدي لتلف الحمض النووي، والإمكانيات العلاجية ذات الصلة باستهداف هذا البروتين في الحد من استمرار الخلايا السرطانية.
ماذا نعرف عن نازعة هيدروجين اللاكتات سي؟
يجب أن يكون للمسار المحتمل والمستهدف لعلاج السرطان تعبيرًا مقيدًا بشكل مثالي، أو يُعبر عنه دون غيره في الخلايا السرطانية، بحيث لا يؤثر استهداف الجزيء سلبًا على الخلايا الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تلعب أيضًا دورًا في دفع بقاء الورم وتطوره، بحيث يمكن للتدخل المحدد الهدف أن يمنع نمو الورم. وفي محاولات البحث عن أهداف محتملة جديدة، تهتم مجموعة الدكتورة ديكوك بشكل خاص بمجموعة من البروتينات المعروفة باسم مستضدات الخصية السرطانية التي (تتكون من أكثر من 700 بروتين). ويقتصر تعبير مستضدات الخصية السرطانية في الأنسجة الطبيعية في الغالب على خلايا الخصية للأشخاص البالغين في ظل عدم وجود أو انخفاض شديد في تعبير الأنسجة البشرية العادية الأخرى في حين أنها تظهر غالبًا في الأورام (2). علاوة على ذلك، تشير الدلائل الحديثة إلى الأدوار العديدة لمستضدات الخصية السرطانية في تعزيز تطور الورم وتقدمه، وقد ارتبط ظهورها بالمرحلة المتقدمة من المرض ومعدلات أسوأ للشفاء والبقاء على قيد الحياة.
تعتبر نازعة هيدروجين اللاكتات سي أحد مستضدات الخصية السرطانية التي اكتشفت في البداية كمنظم لخصوبة الذكور، نظرًا لدورها في التفاعل الحيوي للحيوانات المنوية وحركتها (3). وقد أشرنا في إصدارنا الأخير (4) إلى أن نازعة هيدروجين اللاكتات سي تظهر بشكل كبير في أورام الثدي، خاصة في نوع الورم المعروف باسم سرطان الثدي قاعدي الشكل، الذي يرتبط بنتائج سريرية سيئة (5). علاوة على ذلك، لاحظنا أن الظهور الأعلى لنازعة هيدروجين اللاكتات سي يرتبط بانخفاض معدلات البقاء على قيد الحياة. ونظرًا لعدم دراسة دور نازعة هيدروجين اللاكتات سي في السرطان بشكل جيد، فقد قررنا أن نجسر هذه الفجوة المعرفية بشأن سرطان الثدي. ونظرًا للتعبير الخاص جدًا بالورم لنازعة هيدروجين اللاكتات سي، اكتشفنا أيضًا ما إذا كان استهدافها يمكن أن يؤثر على بقاء خلايا أورام الثدي.
استهداف نازعة هيدروجين اللاكتات سي في خلايا أورام الثدي
من خلال استخدام تقنيات المختبرات، قمنا بتقليل أو "إسكات" التعبير الخاص بنازعة هيدروجين اللاكتات سي في أربعة خطوط من خلايا أورام الثدي، ودرسنا السمات المختلفة لهذه الخلايا. كما لاحظنا أن الخلايا ذات تعبير نازعة هيدروجين اللاكتات سي المنخفض قد أظهرت تلفًا متزايدًا للحمض النووي (الرمز الجيني للخلية) وتشوهات واضحة في انقسام الخلية. ففي الخلايا الطبيعية، يعد انقسام الخلايا عملية منظمة بدرجة كبيرة لضمان عدم تكاثر الخلايا في ظل ظروف غير مواتية، مثلما يحدث عندما يتلف الحمض النووي الخاص بها أو تتعرض كمية المعلومات الجينية للتغيير. فعندما تتعرض الخلايا للانقسام الخلوي، فإنها تمر عبر سلسلة من المراحل، حيث تسيطر عليها نقاط تفتيش تُعرف مجتمعة باسم دورة الخلية. ومع ذلك، تتسم الخلايا السرطانية بقدرتها على اختطاف نقاط التفتيش هذه والخضوع لانقسام وتكاثر خلوي غير منضبط.
وقد أظهرنا من خلال التحليل المتعمق لدورة الخلية أن الحد من تعبير نازعة هيدروجين اللاكتات سي يختصر مدة دورة الخلية عن طريق تجاوز نقاط تفتيش دورتها، مما ينتج عنه خلايا ذات حمض نووي غير طبيعي وتالف. وفي حين أن المستويات المنخفضة من السلامة غير المؤكدة للحمض النووي تعزز بقاء الخلايا السرطانية عن طريق إدخال طفرات / تعديلات على الحمض النووي، يمكن أن توفر أيضًا ميزة بقاء الخلية ونموها، ويمكن أن تدفع المستويات المفرطة للخلايا السرطانية نحو موت الخلية. في الواقع، فقد تبين لنا أن زيادة تلف الحمض النووي والتشوهات الناتجة عن انخفاض تعبير نازعة هيدروجين اللاكتات سي كانت قليلة التحمل، ما نتج عنه الحد من بقاء الخلايا السرطانية.
النتائج السريرية
من المعروف أن أنواعًا فرعية معينة من سرطان الثدي لها عيوب في إصلاح تلف الحمض النووي، مما يؤدي إلى تراكم تشوهات الحمض النووي التي تساعد على نمو الورم وتطوره. فعلى سبيل المثال، أورام الثدي ذات الطفرات الموروثة في الجينات القابلة للتسبب في سرطان الثدي (BRCA1/2) بها تشوهات مميزة في إصلاح الحمض النووي. وفقًا للتوصيات العلاجية الحالية، يمكن علاج مرضى سرطان الثدي الذين يعانون من طفرات (BRCA1/2) بالأدوية التي تسبب تلفًا مفرطًا للحمض النووي (مثل العلاج الكيميائي القائم على البلاتينيوم) أو التي تمنع أيضًا إصلاح تلف الحمض النووي (مثل المثبطات التي تمنع نشاط بروتين PARP الذي يشارك في تحديد استجابة تلف الحمض النووي)، مما يؤدي إلى مستويات غير محتملة من تشوهات الحمض النووي وموت الخلايا السرطانية. ومع ذلك، فإن المرضى الذين يعانون من طفرات سرطان الثدي (BRCA) الذين يمكنهم الاستفادة من هذه العلاجات يمثلون نسبة صغيرة فقط بين مرضى سرطان الثدي (أقل من 10٪) (6). ونظرًا لأننا لاحظنا إصلاح تلف الحمض النووي المعيب في خطوط خلايا أورام الثدي لدينا مع انخفاض تعبير نازعة هيدروجين اللاكتات سي ولكن بدون طفرات (BRCA1/2)، فقد كنا مهتمين بمعرفة ما إذا كان استهداف نازعة هيدروجين اللاكتات سي يمكن أن يزيد من حساسية خلايا أورام الثدي لفائدة علاجات إصلاح تلف الحمض النووي.
وكما توقعنا، فإن العلاج بعقار يضر بالحمض النووي مثل سيسبلاتين، أو بعقار يثبط إصلاح تلف الحمض النووي مثل أولاباريب، قد فاقم بدرجة كبيرة من تلف الحمض النووي في خلايا أورام الثدي مع انخفاض نازعة هيدروجين اللاكتات سي، وقلل من بقاء الخلايا السرطانية. تعد هذه الملاحظة واعدة بشكل خاص لأنها تشير إلى أن استهداف نازعة هيدروجين اللاكتات سي يمكن أن يحسن النتيجة السريرية لأورام الثدي التي تعبر عن هذه النازعة، ليس فقط من خلال التداخل المباشر مع دور نازعة هيدروجين اللاكتات سي في الخلايا السرطانية، ولكن أيضًا من خلال توفير طريقة للاستفادة من المعالجة التي تستهدف الاستجابة لتلف الحمض النووي في غياب طفرات (BRCA1/2).
واختصارًا، فإن لاستهداف نازعة هيدروجين اللاكتات سي في خلايا أورام الثدي قدرة على قلب التوازن الدقيق بين المستويات المقبولة والمفرطة لتلف الحمض النووي لصالح الأخير لتقليل بقاء الخلايا السرطانية، وبالتالي استثارة حساسية الخلايا السرطانية بالعلاج المستهدف لاستجابة تلف الحمض النووي. وسيتضمن عملنا في المستقبل تأكيد هذه النتائج تطبيقًا على عينات من الفئران وتطوير تدخلات علاجية خاصة تستند إلى نازعة هيدروجين اللاكتات سي، باستخدام مثبطات كيميائية محددة أو طرق لتوصيل الجزيئات للحد من نازعة هيدروجين اللاكتات سي في الأورام السرطانية.
نُشر البحث الحالي الذي أجرته الدكتورة نايك والدكتورة ديكوك في مجلة (Molecular Oncology)، وصدر عن دار نشر (FEBS Press) تحت عنوان "استهداف نازعة هيدروجين اللاكتات سي يؤدي إلى خلل في تنظيم دورة الخلية وزيادة حساسية خلايا أورام الثدي بالعلاج المستهدف لاستجابة تلف الحمض النووي".
الشكل (1): استهداف نازعة هيدروجين اللاكتات سي لمستضد سرطان الخصية في سرطان الثدي لتقليل بقاء الخلايا السرطانية وتحسين حساسيتها تجاه العلاج المستهدف لاستجابة تلف الحمض النووي.
المشاركون في هذه الدراسة:
مساهمة ورسم توضيحي: د. أدفيتي نايك (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
المحررون: د. براسانا كولاتكار (عالم أول، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) ود. جولي ديكوك (عالم، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
مراجعة النسخة العربية: رويدة زياد طه (باحث مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)