رؤى معهد قطر لبحوث الطب الحيوي: سرطان الثدي وأهمية التوعية به
- الصفحة الرئيسة
- غرفة الأخبار
- رؤى معهد قطر لبحوث الطب الحيوي: سرطان الثدي وأهمية التوعية به
عيش حياة زهرية: معًا يمكننا إحداث الفارق
في هذه النسخة من رؤى معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، نغطي بعض المعلومات الأساسية حول مرض سرطان الثدي، وأهمية الوعي، والحاجة إلى بذل جهود بحثية مستمرة وضرورة مشاركة المرضى من أجل تقديم رعاية طبية متخصصة بشكل أفضل. وسوف نسمع أيضًا قصةً ووجهة نظر من امرأة رائعة تغلبت على السرطان ليس لمرةٍ واحدةٍ، بل مرتين!
وإذا كنتم قد لاحظتم وجود موجة من اللون الوردي خلال شهر أكتوبر، اطمئنوا، فأنتم لم تخطئوا النظر! وبصرف النظر عن المظهر الجميل، يمثل هذا اللون الوردي تذكيرًا سنويًا مهمًا بمبادرة عالمية رائعة في توجيه التركيز على التوعية بسرطان الثدي. وتشير التقديرات إلى احتمال تشخيص إصابة واحدة من بين كل ثماني نساء بسرطان الثدي في حياتها، مقارنة بحوالي حالة إصابة واحدة بالمرض بين كل 800 رجل (الشكل 1) [1]. وتموت امرأة كل 13 دقيقة بسبب سرطان الثدي. وفي عام 2020، كان هناك 685,000 حالة وفاة بسبب سرطان الثدي على مستوى العالم [2]. ويسلط ذلك الضوء على ضرورة مواصلة الجهود البحثية لفهم مسببات السرطان بشكل أفضل، وتطوير استراتيجيات علاجية جديدة، وتقسيم مرضى سرطان الثدي إلى فئات مختلفة من أجل تقديم رعاية صحية متخصصة للمرضى وتعزيز فوائد العلاج.
الشكل 1. انتشار سرطان الثدي حسب الجنس
وقد أثرت أبحاث سرطان الثدي على ملايين النساء والرجال في جميع أنحاء العالم. ولحسن الحظ، لم يعد تشخيص الإصابة بالمرض يعني الوفاة بفضل التقدم في أبحاث السرطان. وبدلاً من ذلك، يعني تشخيص الإصابة بالمرض أن يبدأ المريض رحلة جديدة في الحياة عبر إطلاق العنان لقدراته القتالية الداخلية الحقيقية. وبالنظر إلى الجانب المشرق، تستمر معدلات الشفاء والنجاة من المرض في الارتفاع، وتعيش النساء لفترة أطول بعد التغلب على المرض. وتشير الجمعية الأمريكية للسرطان إلى أن معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات عند اكتشاف سرطان الثدي مبكرًا في المرحلة الموضعية يصل إلى 99٪ . وعلى الرغم من القفزات الكبيرة في الأبحاث الناجحة المتخصصة في مجال التشخيص والعلاج المبكر، لا تزال هناك العديد من الأسئلة التي يجب الإجابة عليها من أجل تحقيق نتائج أفضل للمرضى.
سرطانات الثدي ليست كلها متشابهة
سرطان الثدي مرض غير متجانس، وهو ما يعني أن سرطانات الثدي ليست كلها متشابهة ولا يوجد عامل واحد يحدد سبب إصابة بعض الأشخاص به مع عدم إصابة البعض الآخر. وتكون حوالي 10-15 ٪ فقط من جميع الحالات وراثية، مع كون الطفرات في جينات BRCA1 أو BRCA2 أو كليهما الدافع الأكثر شيوعًا للتسبب في انقسام الخلايا بسرعة وبشكل غير منتظم، وفشل عملية إصلاح الحمض النووي التالف [3]. وتحدث غالبية حالات سرطان الثدي بشكل متقطع، ويمكن تصنيف المرضى وفقًا للنوع الفرعي لسرطان الثدي، اعتمادًا على معايير سريرية وإشعاعية ومرضية مناعية وجزيئية.
ولهذا السبب، من الضروري فهم هذه الأنواع الفرعية وخصائصها، لأن ذلك سيحدد طريقة العلاج. وعلى الرغم من وصف العديد من تصنيفات سرطان الثدي، فإن التصنيف الأكثر شيوعًا يحدد خمسة أنواع فرعية رئيسية من سرطان الثدي (الشكل 2) [4، 5].
- سرطان الثدي اللمعي أ.؛ مستقبِل هرمون الاستروجين – إيجابي، ومستقبِل البروجسترون- إيجابي، ولكن مستقبل عامل نمو البشرة البشري الثاني سلبي
- سرطان الثدي اللمعي ب.؛ مستقبِل هرمون الاستروجين – إيجابي، ومستقبِل البروجسترون- سلبي، ومستقبل عامل نمو البشرة البشري الثاني سلبي
- سرطان الثدي شبه اللمعي ب؛ مستقبِل هرمون الاستروجين إيجابي، ومستقبِل عامل نمو البشرة البشري الثاني إيجابي، وقد تكون مستقبِلات البروجسترون إيجابية أو سلبية
- سرطان الثدي المخصب لمستقبل عامل نمو البشرة البشري الثاني؛ مستقبِل هرمون الاستروجين سلبي، ومستقبِل البروجسترون سلبي، ومستقبل عامل نمو البشرة البشري الثاني إيجابي.
- سرطان الثدي الثلاثي السلبي أو شبه القاعدي؛ مستقبِل هرمون الاستروجين سلبي، ومستقبِل البروجسترون سلبي، ومستقبل عامل نمو البشرة البشري الثاني سلبي.
الشكل 2. الأنواع الفرعية لسرطان الثدي على أساس التصنيف الكيميائي المناعي.
خيارات العلاج
من خلال توصيف الأنواع المختلفة لسرطانات الثدي، يمكن للأطباء الآن تصميم خطط علاج مناسبة لكل حالة من أجل تحقيق أفضل نتيجة ممكنة. وفي حالة الأورام التي تظهر نتيجةً لمستقبلات الهرمونات، طور باحثون عقاقير لتثبيط الهرمونات المسؤولة عن نمو السرطان. وقد أحدث العلاج الهرموني مثل عقار "تاموكسيفين" لمستقبلات الاستروجين/ البروجسترون الإيجابية، وكذلك عقاقير الأجسام المضادة أحادية النسيلة "تراستوزوماب" و"بيرتوزوماب" لأورام عامل نمو البشرة البشري الثاني الإيجابي ثورة في علاج السرطان، وزاد من فرص البقاء على قيد الحياة بشكل ملحوظ [6]. ولكن، ماذا يحدث عندما لا توجد مستقبلات أورام يمكن استهدافها، كما هو الحال في سرطان الثدي الثلاثي السلبي أو شبه القاعدي؟ كثيرًا ما وُجد أن هذا النوع هو أكثر أنواع سرطان الثدي عدوانيةً على الإطلاق، حيث يظهر لدى المرضى الأصغر سنًا، ويمثل عقبةً كبيرةً أمام خطط العلاج [7]. وبدون خيار العلاج الموجه، لا تزال الطرق التقليدية مثل العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي والجراحة تستخدم لعلاج هؤلاء المرضى. وغالبًا ما تكون هذه الخيارات توسعية للغاية، ولها آثار ضارة على نوعية حياة المريض. وفي الآونة الأخيرة، أظهر العلاج المناعي، الذي يتم من خلاله تعزيز الجهاز المناعي للتعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها، فعالية واعدة في علاج سرطان الثدي الثلاثي السلبي أو شبه القاعدي.
استمرار البحوث أمر مهم للإجابة عن بعض الأسئلة التي لم تُحل بعد
يتضح أيضًا عدم التجانس داخل نفس النوع الفرعي من سرطان الثدي، وهو ما يفرض المزيد من التحديات. ويُفسِر هذا الأمر، جزئيًا، سبب استجابة بعض المرضى بشكل مختلف لنفس العلاج، ولماذا يمر بعض المرضى بنوبات متكررة بعد سنوات. ولا تزال هناك مشكلة تتعلق بكيفية تقسيم هؤلاء المرضى إلى طبقات، حتى ضمن نفس النوع الفرعي، وفك رموز أفضل خيارات العلاج، بالإضافة إلى التنبؤ باستجابة المرضى للعلاج [8].
أبحاث سرطان الثدي في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي تهدف إلى التعرف على المؤشرات الحيوية التشخيصية والتنبؤية
يضم مركز البحوث التطبيقية للسرطان والمناعة، التابع لمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، العديد من الفرق البحثية التي تتمتع بخبرات تغطي مجالات علم الجينوم واكتشاف العلامات الحيوية وآليات مقاومة السرطان والمناعة ضد السرطان. وتسعى هذه الفرق، بالاشتراك مع متعاونين أقوياء داخل دولة قطر والمنطقة وعلى الصعيد الدولي، إلى جمع مجموعات أكبر من المرضى في المنطقة لإجراء دراسات بحثية أكثر شمولاً تهدف إلى فهم الجينات المسببة لسرطان الثدي الوراثي وتحديد المؤشرات الحيوية التشخيصية والتنبؤية الجديدة في حالات متعددة لسرطان الثدي من المنطقة العربية. ويتمثل هدف هذه الفرق البحثية في إجراء تحليل بيولوجي متعدد على عينات دم وأنسجة المرضى لتسليط الضوء على التغيرات الجزيئية التي تحدث لدى المرضى، وعند مقارنتها بعينات التحكم الصحية، نأمل في أن يتمكن الباحثون من تحديد المؤشرات الحيوية المرشحة لإجراء المزيد من الدراسات. وبعد الكثير من التحليلات الحسابية والتحقق من صحة الفرضيات، قد تقدم هذه المؤشرات الحيوية فرصًا محتملة للتشخيص والتنبؤ وتوقع استجابة المرضى للعلاج. كما يجري استكشاف مجالات بحثية أخرى تركز على عدم تجانس الورم والتفاعل بين الخلايا السرطانية والجهاز المناعي في المركز. ويساهم تحديد الطرق التي يمكن من خلالها تعليم الخلايا المناعية كيفية التعرف على الخلايا السرطانية وقتل الورم في توفير احتمالات واعدة للعلاج المناعي للسرطان.
تذكر الصورة الأكبر
في النهاية، لأبحاث السرطان نفس الهدف الأسمى المتمثل في توفير نوعية حياة أفضل ومزيد من الأمل للأشخاص المعنيين وهن: أمهاتنا وجداتنا، وبناتنا وعماتنا وخالاتنا. وتحتاج مكافحة سرطان الثدي إلى جهود الجميع، كما نحتاج للعودة إلى الأساسيات في بعض الأحيان، ورفع مستوى الوعي، وتذكر الأشخاص الذين خاضوا هذه المعركة، والاستمرار في المقاومة.
أيها السرطان، لقد أسأت الاختيار
تحدثت السيدة خديجة سرحان، التي نجت من مرض السرطان مرتين، إلينا عن قصتها، وأكدت على أهمية الفحص المنتظم والمشاركة في أبحاث سرطان الثدي. ومن خلال تجاربها، جعلت السيدة خديجة من أولوياتها مواكبة أحدث الأبحاث. كما شددت على أهمية الانفتاح على المشاركة في الجهود البحثية، وقالت: "نحن نتمسك بالأمل، لا سيما بالنسبة للأشخاص الذين لديهم فرصة لتكرار حدوث نوبات المرض، لذلك أحاول أن أتحرى وأن أكون على دراية بأحدث الأبحاث في هذا المجال. فما الذي يمنع مشاركتي في أي بحث يمكنني المشاركة فيه؟"
ومن المفهوم أن بعض النساء في مجتمعنا قد يترددن بشأن المشاركة في مثل هذه المبادرات البحثية. ومع ذلك، فإن خديجة وآلاف النساء من أمثالها ما زلن قادرات على سرد قصصهن بفضل قوة شخصيتهن، واستعداد النساء الأخريات اللاتي خضن هذه التجربة للمشاركة في الأبحاث والتجارب السريرية. وحول ذلك تقول السيدة خديجة: "لقد كان الأطباء والباحثون في قطر معي في كل خطوة سلكتها على طريق الشفاء من المرض. وقد بات لدي ثقة كبيرة بهم بعدما تلقيت العلاج من إصابتي بمراحل متقدمة من سرطان الثدي تحت رعايتهم."
وأضافت: "أود أن أوجه كلمة لجميع النساء، حتى ممن هن تحت سن الأربعين: الفحص الذاتي المتكرر مهم للغاية ومن الضروري متابعته مع طبيبك دون تأخير. وبالنسبة لجميع النساء فوق سن الأربعين، لا تؤجلين ذلك الفحص على الإطلاق. فعندما تكتشفين إصابتك بالمرض مبكرًا، تزيد إمكانية التغلب عليه مبكرًا."
لقد ألهمتنا قصة خديجة بالفعل، بفضل إثباتها لقوتها الهائلة ومثابرتها في مواجهة سرطان الثدي. فقد قادها الفحص المنتظم والثقة في مقدمي الرعاية والباحثين المتخصصين في علاج سرطان الثدي إلى ما هي عليه اليوم، مدفوعة بإيمانها ورضاها ومسؤوليتها تجاه كل من يحبها.
الأمل أقوى من الخوف. فقد آمنت بقدرتها على مقاومة المرض وتمكنت بالفعل من ذلك!
المشاركون في هذا الدراسة:
مساهمة: الدكتورة هبة شعث (باحث مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
مراجعة النسخة العربية: رويدة زياد طه (باحث مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
المحررون: الدكتورة أدفيتي نايك (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) والدكتور براسانا كولاتكار (عالم أول، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
لتصفح المراجع، يُرجى الضغط هنا.