رؤى مقدمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي حول مرض "باركنسون" في شهر التوعية بالمرض
- الصفحة الرئيسة
- غرفة الأخبار
- رؤى مقدمة من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي حول مرض "باركنسون" في شهر التوعية بالمرض
يصيب مرض باركنسون (الشلل الرعاش) حوالي 6.2 مليون شخصًا حول العالم وفقًا للتقديرات، وبالتالي فهو ثاني أكثر الاضطرابات العصبية التنكسية المرتبطة بالشيخوخة شيوعًا بعد مرض الخرف (1). وباركنسون هو اضطراب مزمن متقدّم يصيب كبار السن ممن تجاوزوا سن الخمسين بشكل متكرر، وتزيد احتمالية الإصابة به لدى الرجال بنسبة مرة ونصف مقارنة بالنساء (2). وعالميًا، أُختير شهر أبريل ليكون شهر التوعية بمرض باركنسون، وأصبحت زهرة التوليب الحمراء الزاخرة باللون الأبيض الرمز الرسمي لهذا المرض. في هذه الحلقة من سلسلة رؤى معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، يتناول باحثو المعهد سمات وعوامل الخطر لمرض باركنسون، ويسلطون الضوء على إسهامات المعهد في تطوير فهمنا وتحسين طرق تشخيص المرض.
ما هو مرض باركنسون؟
غالبًا ما يُشار إلى مرض باركنسون بأنه "اعتلال الغشاء الخلوي" وهو مصطلح شامل يستخدم للدلالة على الأمراض المصنفة من خلال التراكم غير الطبيعي للبروتين "ألفا ساينوكلين" في الخلايا العصبية التي تشكل تجمعات بروتينة تُعرف باسم الأجسام المتضمنة أو "أجسام ليوي". وتشمل الاعتلالات الأخرى في الغشاء الخلوي خرف أجسام ليوي والضمور الجهازي المتعدد.
على الرغم من أن سبب مرض باركنسون لم يُستوعب بشكل كامل حتى الآن، إلا أن ما هو معروف حتى الآن أنه يتسم بفقدان كبير في نوع معين من الخلايا العصبية تسمى بـ"الخلايا العصبية الدوبامينية" في المادة السوداء، وهي جزء من الدماغ يُعرف بأن له دور في السيطرة على حركة الجسم. ويؤدي موت هذه الخلايا العصبية إلى انخفاض في مستويات الدوبامين، وبالتالي تدهور في التحكم الحركي، وهو ما لُوحظ لدى مرضى باركنسون في مراحله المتأخرة مع فقدانهم لأكثر من نصف الخلايا العصبية. ولم يتم تحديد السبب الكامن وراء هذا الضمور بعد، ومع ذلك، فقد تم التعرف على عدد قليل من العوامل المحتملة المسببة للمرض والتي تجرى دراستها في الوقت الحالي. وتشمل هذه العوامل البيئية والوراثية والجينية التي أثبتت أنها عوامل خطر للإصابة بمرض باركنسون (3).
التعرف على مؤشرات المرض
كان الدكتور جيمس باركنسون أول من حدّد أربعة أعراض أساسية تميز مرض باركنسون، وكان ذلك في عام 1817، وتتمثل الأعراض الأربعة في الارتعاش، وتيبس العضلات، وبطء الحركة، وعدم ثبات وضع الجسم (4). وعلى الرغم من أن الأعراض تظهر إلى حد كبير في شكل أعراض مرتبطة بالحركة، إلا أن المرضى يعانون أيضًا من أعراض غير حركية مثل اضطرابات النوم، وضعف في الإدراك، واختلال عقلي، ومشكلات بالجهاز الهضمي. ومع ذلك، يجدر بنا الإشارة إلى أنه لن يعاني كل مريض بباركنسون من جميع هذه الأعراض، لأنها تختلف من فرد لآخر من حيث الشدة وتطور المرض، وهي كالتالي:
- اكتئاب
- اضطرابات في النوم
- فرط إفراز اللعاب
- فقد حاسة الشم
- صعوبة في الكلام
- صعوبة في البلع
- اضطرابات في الجهاز الهضمي
التشخيص والعلاج في الوقت الحالي
لا يوجد حتى الآن اختبار محدد يمكن إجراؤه لتحديد ما إذا كان المريض مصابًا بمرض باركنسون أم لا. ويرتكز عادة التشخيص الحالي للمرض على التقييم السريري وتاريخه المفصل والتصوير الإشعاعي، الذي يجرى غالبًا بغرض التشخيص التبايني لاستبعاد الاضطرابات العصبية الأخرى ذات الأعراض المماثلة. وقد تشمل أدوات التصوير السريري المستخدمة التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي المحوسب والتصوير المقطعي بالإصدار الإشعاعي، والتي تكشف عن أي عيوب هيكلية ووظيفية في الدماغ يمكن أن تشير إلى مرض باركنسون أو تستبعد الحالات المماثلة. ومن تقنيات التصوير المستخدمة مؤخرًا والمعتمدة من إدارة الغذاء والدواء فحص التحقق من فقدان الخلايا الدوبامينية الذي يقيس مستويات نشاط ناقل الدوبامين في الدماغ (5).
العلاج الوحيد المتوفر لهذا المرض هو مجرد أدوية لتخفيف أعراضه وأكثرها شيوعًا هو دواء ليفودوبا، وهو عقار يزيد من مستويات الدوبامين في الدماغ. ويستفاد من الاستجابة الإيجابية لعقار ليفودوبا باعتبارها مؤشرًا للتشخيص السليم لمرض باركنسون (3). أما العلاجات الأخرى المستخدمة فتتمثل في العلاج الطبيعي والمهني وتعزيز القدرة على الكلام لتحسين مهارات المشي والحركة والكلام. ويمكن أن يستفيد بعض المرضى من الخيار الجراحي للتحفيز العميق للدماغ، وهو يتضمن زرع أقطاب كهربائية في الدماغ ويساعد في تقليل الأعراض المرتبطة بالحركة (3). ومع ذلك، لا يُنظر في هذا الخيار إلا في حالة المرضى في المرحلة المبكرة من المرض الذين لا يعانون من ضعف إدراكي كبير ولديهم خلل حركي أقل حِدة.
عوامل الخطر
يعتبر التقدم في العمر أقوى عوامل خطر الإصابة بمرض باركنسون، حيث يتأثر حوالي 1-3% من الأشخاص في جميع أنحاء العالم فوق سِن 60 عامًا بمرض باركنسون. علاوة على ذلك، فإن الرجال أكثر عرضة للإصابة به من النساء (7،6).
تشمل عوامل الخطر الأخرى أسباب وراثية والتعرض للسموم. وقد كشفت الدراسات الوبائية زيادة خطر الإصابة بمرض باركنسون المرتبط بالتعرض للسموم البيئية، مثل المبيدات الحشرية والمذيبات والمعادن (8).
بالإضافة إلى عوامل الخطر المعروفة، مثل الشيخوخة والجينات والنوع والتعرض لسموم معينة، هناك أدلة متزايدة تشير إلى عوامل خطر جديدة محتملة مثل داء السكري من النوع الثاني.
وقد أفاد التحليل الوصفي لبيانات الرصد والبيانات الجينية، الذي نُشر في مارس 2021 في إحدى المجلات العلمية المرموقة وهي "اضطرابات الحركة" عن أدلة مقنعة تشير إلى وجود ارتباط بين السكري من النوع الثاني وباركنسون وتطور المرض (9).
أظهرت هذه الدراسة أن السكري من النوع الثاني يزيد من احتمالات الإصابة بمرض باركنسون بنسبة 21%. وتدعم هذه الدراسة بشكل قوي الربط بين السكري من النوع الثاني وتدهور الوظائف الحركية وتراجع الإدراك المرتبط بمرض باركنسون.
وتبقى الحاجة إلى إجراء مزيد من البحوث لتحديد دور عوامل الخطر المختلفة في تطور مرض باركنسون، وما إذا كان تبني نمط حياة أكثر صحة من شأنه أن يقلل من خطر الإصابة بالمرض.
البحوث الحالية في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي
مهدت البحوث التي يجريها مركز بحوث الاضطرابات العصبية في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي مسارًا موثوقًا لفهم الاضطرابات العصبية والعصبية التنكسية مثل مرض باركنسون والخرف مع أجسام ليوي. ويركز فريق الباحثين بقيادة الدكتور عمر الأجنف، المدير التنفيذي لمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، بشكل أساسي على إتاحة فهم أفضل لتطور مرض باركنسون، وتطوير أدوات تشخيصية وعلاجية جديدة محتملة، واكتشاف المؤشرات الحيوية للمرض. ويشارك الفريق في تطوير أجسام مضادة جديدة وفحوصات مناعية تستهدف باثولوجيا مرض باركنسون واستخدام هذه الأدوات الجديدة لاكتشاف علامات المرض التي يمكن أن تسمح بالكشف المبكر عنه. ولتحقيق هذا الهدف، أنشأ مركز بحوث الاضطرابات العصبية حافظة من الأجسام المضادة والاختبارات، تحت مظلة مبادرة "كابي بايوتك"، وهي مشروع ناشئ في مجال التكنولوجيا الحيوية وعلامة تجارية مسجلة لدى مؤسسة قطر جذبت الاهتمام العالمي سواء من قبل مجال البحث أو قطاع الصناعة. وقد جرى تسليط الضوء على الكثير من هذا العمل في الدوريات العلمية رفيعة المستوى (10، و11، و12، و13) وعُرض في الفعاليات الدولية، مما أدى إلى أوجه متنوعة للتعاون مع الكيانات الوطنية والعالمية، مثل شركات أدوية على شاكلة "لاندبيك" و"أفيريس"، للتحقق من صحة الفحوصات المناعية الداخلية المطورة في الدراسات الإكلينيكية والدراسات التي تسبقها.
وتهدف المشاريع الرئيسية الأخرى التي يضطلع بها الفريق البحثي إلى الكشف عن العلاقة المهمة بين داء السكري من النوع الثاني ومرض الخرف. وتتسق المشاريع البحثية الجارية مع رسالة معهد قطر لبحوث الطب الحيوي في دعم البحوث الطبية الحيوية التطبيقية التي تعالج التحديات الصحية الوطنية والعالمية. وعلى هذا النحو، توفر هذه المشاريع استراتيجيات تشخيصية وعلاجية أفضل للأمراض الصعبة التي تصيب البشر مثل باركنسون وتطوير مجال الطب الشخصي في نهاية المطاف.
المشاركون في هذه الدراسة:
ما هو مرض باركنسون، والتعرف على علامات المرض، والتشخيص والعلاج في الوقت الحالي: إلهام يحيى عبدي (باحث مساعد، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
عوامل الخطر: د. إيلاريا بوجيوليني (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
الأبحاث الحالية في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي: د. سيمونا غانم (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
مراجعة النسخة العربية : رويدة زياد طه (باحث مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
المحررون: د. أدفيتي نايك (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)، ود. ألكسندرا باتلر (باحث رئيسي، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
لتصفح المراجع، يُرجى الضغط هنا.