دور أدوات الكشف عن الحقائق في التصدي للأخبار المزيفة

الدكتور وجدي الزغواني*

الهيئة:  كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية
دور أدوات الكشف عن الحقائق في التصدي للأخبار المزيفة  خلال فترة انتشار فيروس كوفيد-19

يشهد الوضع الراهن لانتشار فيروس كوفيد-19 معركة لمكافحة الأخبار المزيفة، والتصدي للفيروس نفسه. وعندما تقع أزمة ما، يمكن للمرء التأكد من أن تدفق مستمر للمعلومات المزيفة سيتبعها. ولا يُشكل الوضع الراهن لفيروس كورونا (كوفيد-19) استثناءً من هذه القاعدة. وفي الواقع، وصفت منظمة الصحة العالمية المعلومات الكاذبة المتعلقة بالفيروس بأنها "معلومات وبائية"، وهو مصطلح عرّفته المنظمة بأنه "وفرة مفرطة من المعلومات، بعضها دقيق والبعض الآخر غير دقيق، وهو ما يصعب على الناس إمكانية العثور على مصادر جديرة بالثقة وإرشادات موثوقة عندما يحتاجون إليها."

وعادةً ما تُطرح القصص الإخبارية المزيفة، بهدف مشاركتها على نطاقٍ واسعٍ من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لتحقيق دخل يعتمد على حركة المرور على شبكة الإنترنت، والإعلانات المدفوعة ذات الصلة. لذلك، ليس من المستغرب أن تكون الأخبار المزيفة المتعلقة بفيروس كوفيد-19 قد زادت بشكل كبير في الآونة الأخيرة. 

وقد شهدنا زيادة في المنشورات من قبل البشر والبرامج الآلية على شبكة الإنترنت (وهي تطبيقات برمجية تُشَغِّل نصوصًا آليةً عبر الإنترنت)، التي تنشر معلومات مربكة ومضللة في وسائل التواصل الاجتماعي خلال هذه الأوقات العصيبة.

وخلال هذه الجائحة، سيبحث عامة الناس عن سبل الراحة للوصول إلى الشعور بالأمان، وأن الوضع قيد السيطرة. وقد أدى هذا الموقف إلى الارتباك، وبدأ الناس في تصديق وتبادل القصص المزيفة المتعلقة بالوسائل الإعجازية لعلاج فيروس كوفيد-19. وفي كل مرة يُشارك الجمهور فيها هذه القصص مع شبكة معارفهم وأصدقائهم، يتضخم تأثير الأخبار المزيفة.

وقد كان حجم المعلومات المتداولة خلال انتشار فيروس كوفيد-19 ضخمًا، وكان تأثيرها ملموسًا على الأشخاص الذين بدأوا في تصديق مزاعم ظهور علاجات وأدوية جديدة، إلى جانب وصفات الطب الشعبي لعلاج الفيروس. ويمكن أن تكون الأخبار المزيفة حول المسائل المتعلقة بالصحة مميتة، كما هو الحال بالنسبة للرجل الذي مات بعد شرب منظف حوض السمك للوقاية من الفيروس أو حالة 700 شخصٍ ماتوا في إيران بعد تناول الكحول عالي التركيز بعد تصديقهم لادعاءات كاذبة بأن الكحول عالي التركيز يقي من الإصابة بفيروس كورونا.

ويُعدُ الكشف التلقائي عن النصوص الآلية والأخبار المزيفة موضوعًا بحثيًا نشطًا، وخصوصًا داخل المجتمع العلمي للذكاء الاصطناعي والمعالجة الطبيعية للغات الطبيعية. ويمكن للأدوات تقليل حجم المشكلة دون أن تتمكن من إيقافها.

وفي كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، التابعة لجامعة حمد بن خليفة، لدينا فريقٌ يعمل على اكتشاف الأخبار المزيفة والنصوص الآلية، كما طوَّر فريق تقنيات اللغة العربية في معهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة تطبيق "تنبيه"، وهي أداة لتجميع الأخبار تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للحد من آثار الأخبار المزيفة.

وتتوافر أيضًا العديد من المواقع الإلكترونية للتحقق من الحقائق بهدف المساعدة في تقليل تأثير الأخبار المزيفة. ويُدير هذه المواقع عمومًا صحفيون ومتطوعون آخرون مثل https://www.factcheck.org أو https://www.stopfake.org.

وعلاوة على ذلك، يمكن بسهولة التحقق من الأخبار المزيفة التي تعتمد على التلاعب بالصور، باستخدام أدوات مثل البحث العكسي عن الصور في محرك جوجل، للعثور على الصورة الأصلية. وقد نفذَّت بعض التطبيقات والمواقع الإلكترونية مثل موقع https://www.buoyhealth.com تطبيقات دردشة آلية، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتقديم إجابات دقيقة وموثوق بها على فيروس كورونا، بناءً على بروتوكولات من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، لتقليل الحاجة إلى البحث في المعلومات المتعلقة بالفيروس التي قد تقود المستخدم إلى معلومات غير دقيقة أو خاطئة.

وقد التزمت شركات الإنترنت مثل تويتر، وجوجل، وفيسبوك، بنشر المعلومات الدقيقة فقط عن فيروس كوفيد-19، باستخدام برامج التحقق من الحقائق، استنادًا إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي والخوارزميات، للتأكد من المصادر الحقيقية والحسابات التي تعتمد على النصوص الآلية والكلمات المثيرة.

ومن بين الطرق التي تحاول بها هذه الشركات الحد من انتشار المعلومات الخاطئة توجيه المستخدمين إلى مواقع موثوقة المصادر بدلاً من تلك التي تروج لمعلوماتٍ مزيفة.

ولحسن الحظ، تتوافر مصادر حكومية رسمية موثوقة، والعديد من مراكز الرعاية الصحية على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تقدم معلوماتٍ موثوقة ودقيقة. وعادةً ما يكون لهذه المصادر حسابات جرى التحقق منها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وعلى الصعيد الدولي، يمكن متابعة حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لمنظمة الصحة العالمية، ومراكز السيطرة على الأمراض، والحسابات الخاصة بالمنظمات المماثلة، للحصول على معلومات دقيقة تتعلق بفيروس كوفيد-19.

* يشغل الدكتور وجدي الزغواني منصب أستاذ مساعد في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليفة.

ملاحظة:
هذا المقال مقدَّم من إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة نيابةً عن الكاتب. والآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب، ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.