التشخيص المبكر من خلال المؤشرات الحيوية المُحسنة للمساعدة في تعديل مرض الباركنسون

بقلم: الدكتورة سيمونا غانم

الهيئة:  معهد قطر لبحوث الطب الحيوي
الدكتورة سيمونا غانم

يُعرف مرض الباركنسون بأنه اضطراب تنكسي عصبي تدريجي يصيب ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، والذي ينتج عن فقدان الخلايا العصبية الدوبامينية في الدماغ، مما يؤدي إلى أعراض حركية مثل الرعشة والتصلّب وبطئ الحركة، وبالتالي يتمثّل التحدي الرئيسي الذي يواجه مرض الباركنسون هو العمل على تطوير اختبارات دقيقة ومحددة وقابلة للتكرار يمكن أن تعكس تطور المرض واستجابته للعلاج، حيث إنه يتمّ فحص المؤشرات الحيوية، مثل بروتين ألفا-ساينوكلين، لاستخدامها المحتمل في تشخيص المرض والتحكّم فيه.

ويسعى الباحثون في مركز بحوث الاضطرابات العصبية بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي بجامعة حمد بن خليفة، إلى فهم الاضطرابات العصبية والتنكسية العصبية، ففي مختبر الدكتور عمر الأجنف تجري الأبحاث على فهم تطور مرض الباركنسون، وتطوير الآليات التشخيصية والعلاجية المحتملة، فضلًا عن اكتشاف المؤشرات الحيوية، حيث إن هذه الأبحاث ترتكز على أهمّية تطوير الأجسام المضادة والتحاليل المناعية الجديدة من أجل تشخيص مرض الباركنسون واكتشاف العلامات الحيوية.

 تتعلق إحدى أحدث الدراسات التي أجرتها مجموعة الدكتور الأجنف في تطوير نهج جديد للتحقيق في تشخيص بروتين ألفا-ساينوكلين كمؤشرات حيوية للمرحلة السريرية لمرض الباركنسون، حيث نشرت الدراسة مؤخرا في مجلة "علم الأعصاب"، مما يُسلط الضوء على أهمية العثور على المؤشرات الحيوية التي يمكن أن تكشف مرض الباركنسون، إذ يوفر الفحص، الذي تم تطويره في هذه الدراسة، أداة تشخيصية واعدة، تُقدم معلومات حول المرحلة التي بلغها المرض من خلال القياسات السريرية. 

وقد استخدم الباحثون اختبارين مختلفين، هما اختبار تضخيم البذور (SAA)، واختبار الإنزيم المرتبط بالمناعة (ELISA)، وذلك لقياس تجمعات بروتين ألفا-ساينوكلين في أنسجة المخ والسائل النخاعي (CSF) من المرضى الذين يعانون من مرض الباركنسون أو الخرف مع جسيمات ليوي، حيث تنتشر هذه الجسيمات على نطاق واسع في الدماغ، مما يؤثر ليس فقط على الحركة ولكن أيضا على الوظائف الادراكية والسلوكية، ووجدوا أن الجمع بين الاختبارين قدم نتائج أكثر دقة وموثوقية من استخدام اختبار (SAA) فقط، كما تم اكتشاف أن مستوى التجمعات البوليمرية لبروتين ألفا-ساينوكلين، المحفزة المصنفة في السائل النخاعي الشوكي (أحد أنواع بروتين ألفا-ساينوكلين)، مرتبطة بشدة الأعراض السريرية لدى مرضى الباركنسون، كما تم قياسها بواسطة اختبار تصنيف مرض الباركنسون الموحد (UPDRS)، ونقاط Hoehn و Yahr، حيث يمكن للنهج الجديد لمنصات SAA و ELISA، أن يستمد معلومات كافية مفيدة حول تركُز البذور في عينة السائل النخاعي الشوكي CSF، والتي يمكن أن تنقل معلومات حول مدى وطأة مرض الباركنسون.

وتُقدم هذه الدراسة مؤشرًا حيويًا واعدًا لمرض الباركنسون قد تساعد في الكشف المبكر ومراقبة تطور المرض ، حيث يوفر الدمج بين اختبارات SAA و ELISA نهجًا أكثر شمولًا للكشف عن بروتين ألفا-ساينوكلين غير المطوي في العينات البشرية، وترتبط النتائج التي تم الحصول عليها من هذا النهج ارتباطًا وثيقًا بالمقاييس السريرية لوطأة المرض.

ولاشك أن مثل تلك المؤشرات الحيوية، لديها القدرة على تحسين دقة التشخيص، وقد تكون مفيدة أيضا في تطوير علاجات جديدة لمرض الباركنسون، ويمكن أن يؤدي التشخيص المبكر للمرض ومراقبته إلى زيادة احتمالية التدخل المبكر، وتحقيق نتائج أفضل للمرضى، واستخدام أكثر كفاءة لموارد الرعاية الصحية.

ويوفر البحث الذي أجرته مجموعة الدكتور الأجنف وسيلة واعدة لاكتشاف المؤشرات الحيوية لمرض الباركنسون، حيث توفر اختبارات SAA و ELISA المستخدمة معًا، نهجًا أكثر شمولية للكشف عن بروتين ألفا-ساينوكلين غير المطوي في العينات البشرية، مما يكون له آثار عظيمة في تشخيص وعلاج مرض الباركنسون، والتي قد يؤدي إجراء مزيد من الأبحاث في هذا المجال إلى تطوير علاجات جديدة يمكن أن تبطئ أو حتى توقف تطور المرض.