كسر الحواجز: رحلة عالِمة قطرية تقدم نصائحها للنساء في مجال العلوم

جامعة حمد بن خليفة تحتفل باليوم العالمي للمرأة بتسليط الضوء على المسيرة المهنية الناجحة للدكتورة مريم المفتاح وانجازاتها بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي

الهيئة:  معهد قطر لبحوث الطب الحيوي
 الدكتور مريم المفتاح عالِمة في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي وأستاذ مساعد في كلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة.

بداية، ما الذي أثار اهتمامك وشغفك بالعلوم؟

لقد شهد التاريخ عدداً لا حصر له من النساء اللاتي قدمن مساهمات كبيرة في مجال العلوم، لذا دخلتُ هذا المجال وأنا واثقة من أنني أستطيع أيضاً إحداث تأثير كبير وهادف من خلال المثابرة في تلقي العلم والتفاني لبلوغ أهدافي في الحياة.

ما الشيء الذي أَلهمكِ في مجال العلوم؟

لطالما شعرت بالانبهار فيما يتعلق بالوظائف المعقدة للجهاز المناعي، المُصمم لحماية الجسم من الجراثيم والمكروبات الخارجية، بالإضافة الى دوره الكبير في القضاء على الخلايا السرطانية بالجسم، وقد ألهمني ذلك للتركيز على فهم كيف يمكن للخلايا السرطانية التهرب من هذه الحماية؟ وكيفية الاستفادة من قوة الجهاز المناعي لمحاربة السرطان؟ وهذا ما يسمى العلاج المناعي الذي حاز على موافقة جهات علمية وطبية في السنوات الأخيرة لعلاج مرضى سرطان الثدي، الذين لا يمكنهم الاستفادة من وسائل وأدوية العلاج التقليدية، فهذا الأمل للمرضى وأحبائهم هو ما يدفعني ويكافئني كباحثة، لا سيما بالنظر إلى تأثير سرطان الثدي على النساء.

كونك امرأة، كيف تمكنتِ من دخول مجال العلوم وتحقيق النجاح فيه؟

في العلوم البيولوجية، تُشكل النساء نسبة كبيرة من القوى العاملة، ويساهمن في التنمية الاقتصادية على مستوى العالم، وفي الوقت الذي نحتفل فيه باليوم العالمي للمرأة، والاحتفال بيوم المرأة والفتاة في مجال العلوم خلال الشهر الماضي، أود تقديم بعض النصائح بناءً على تجربتي كعالِمة، حيث حرصت في بداية مسيرتي العلمية على متابعة دراستي الأكاديمية بعد حصولي على الشهادة الجامعية، فحصلت على الماجستير في مجال البحوث الذي كشف لي الطريق لثلاثة مجالات بحثية متميزة، ومن خلال شعوري بالفضول والبحث عن فرص مختلفة وجديدة، تمكنت من توسيع نطاق معارفي وأفكاري لأتخذ قرارات مستنيرة بشأن مسار حياتي المهنية، وطوال فترة دراستي العليا، واصلت الانضمام إلى برامج وورش عمل تدريبية مختلفة للبحث والتطوير بما في ذلك برنامج ريادة الأعمال للتصدي للتحديات التي تواجهها المجالات التجارية، وبعد حصولي على درجة الدكتوراه في الطب، تابعت درجة الماجستير المتخصصة في إدارة وحدة الأعمال لتطوير مهارات وكفاءات إدارية أكبر من شأنها تعزيز قدراتي القيادية.

ما هي رسالتك للسيدات الراغبات في أن يصبحن عالِمات طموحات؟

يمكن أن يؤدي طلب المشورة من المرشدين، واكتساب الخبرة العملية، والمشاركة في البرامج التدريبية وورش العمل، إلى تعزيز التفكير النقدي ومهارات صنع القرار، مما يسمح للنساء بالتنافس مع الرجال والتقدم في السُلم الوظيفي، فلاشك أن تعزيز الذكاء العاطفي (المهارات الشخصية) مثل كيفية إدراك الشخص لذاته والتعبير عنها، وكيفية الشعور بالآخرين واستخدام كل ذلك لتوجيههم وإرشادهم، وكيفية التعامل مع التحديات واتخاذ القرارات، يُعد أمراً ضرورياً للاشتراك في الحياة الاجتماعية بمكان العمل، فالتواصل مع الآخرين هو أيضا مفتاح لا غنى عنه، لأنه يسمح للنساء بتطوير علاقات مهنية يمكن أن تساعدهن على التقدم في مسيرتهن المهنية.

اليوم، هو اليوم العالمي للمرأة. ما الذي يجب القيام به أكثر من ذلك للنهوض بمساهمات المرأة في مجالات البحث العلمي والتنمية؟ 

يمكن أن يكون النجاح في مجال العلوم أمراً صعباً، وتواجه النساء تحديات غير تقليدية أمام تقدمها، مثل الحمل والطفولة والأمومة، فالانقطاعات في حياتهن المهنية شائعة، لذا فإن تحقيق التوازن بين العمل المهني ومسؤوليات الأمومة يمثل تحدياً كبيراً، وفي البحث العلمي، يمكن أن يتفاقم هذا التحدي بسبب المستوى العالي من الالتزام المطلوب في المختبر، من حيث الوقت والجهد.

ولتشجيع المزيد من النساء على تقديم مساهمات أكبر في مجال العلوم، يجب أن ندرك هذه التحديات ونحاول علاجها، وحقيقةً فإن العمل على مراعاة ظروف المرأة بشكل أكبر والتعامل معها بمرونة، من شأنه المساهمة في تحقيق توازن أفضل وإحراز تقدم في مسيرتها المهنية، مثل توفير إجازة أمومة وأبوة، وإعداد برامج عمل مرنة، وتقديم أنظمة دعم للوالدين العاملين.

وبينما نحتفل باليوم العالمي للمرأة، آمل أن تُلهم تجربتي ونصائحي المزيد من النساء والفتيات لمتابعة شغفهن في مجالات العلوم المختلفة، من خلال مواجهة هذه التحديات وتعزيز بيئة داعمة وشاملة للمرأة في هذه المجالات، ويمكننا تشجيع النساء على تقديم مشاركات ومساهمات أكبر، مما يؤدي إلى مجتمع علمي أكثر تنوعاً وابتكاراً.

حصلت الدكتورة مريم المفتاح على درجة البكالوريوس في علم الوراثة الطبية (مع مرتبة الشرف) من جامعة ويلز (2005)، وماجستير في الأبحاث (MRes) في العلوم البيولوجية (2007)، ودكتوراه في الطب (العلاج المناعي للسرطان) كمشروع مشترك بين معهد مانشستر لأبحاث السرطان في المملكة المتحدة وجامعة مانشستر (2011)، ودرجة الماجستير المتخصصة في إدارة وحدة الأعمال الاستراتيجية من HEC Paris (2015)، كما إنها حالياً عالِمة في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، وأستاذ مساعد في كلية العلوم الصحية والحيوية بجامعة حمد بن خليفة.