هناك فوائد للتفكير في إحداث تغيير والانتقال إلى اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، لا سيَّما عند زيادة الوزن. فقد أشارت أبحاث حديثة إلى أنه ربما تكون هناك مزايا صحية لتناول كميات أقل من الأطعمة المصنعة.
ولكن ما هي الأطعمة المصنعة، ولماذا يتسبب هذا النوع من الأطعمة في إثارة القلق؟ يمكن تصنيف جميع الأطعمة حسب درجة تصنيعها، حيث لا تخضع الأطعمة غير المصنعة أو المعالجة بالحد الأدنى لأي معالجة أو تخضع للمعالجة، على سبيل المثال، باستخدام طرق الغلي أو التجفيف أو التحميص أو التخمير إما لجعلها آمنة للاستهلاك أو للأكل أو للتخزين على المدى الطويل.
وهناك فئة أخرى تشمل مكونات الطهي المصنعة اعتمادًا على أطعمة طبيعية أو أطعمة مصنعة باستخدام الحد الأدنى. وعندما تُستخدم هذه المكونات، مثل الزيوت والدهون والملح والسكر، باعتدال، فإنها تساهم في اتباع نظام غذائي متنوع ومتوازن. وتُعالج الأطعمة المصنعة بطريقة تغير من حالتها الطبيعية، وكثيرًا ما يحدث ذلك عبر إضافة مكونات الطهي المصنعة إلى المنتجات الطبيعية، مثل تلك الموجودة في الأطعمة المعلبة والأطعمة الجاهزة المعبأة والأطعمة الأخرى التي تحتوي على إضافات لتعزيز النكهة والحلاوة والاستساغة.
ومن الأمثلة على الأطعمة والمشروبات القطرية التقليدية غير المصنعة أو المعالجة بالحد الأدنى التمور واللبن، ومن الأمثلة على الأطعمة المعالجة بشكل مرتفع بسكويت الشوكولاتة, و المشروبات الغازية المحلاة والسمة المشتركة لهذه الأطعمة هي احتوائها على كمية مرتفعة نسبيًا من السكر والدهون، وهو ما يجعلها غنية جدًا بالسعرات الحرارية، مما يؤدي إلى زيادة الوزن. فعلى سبيل المثال، عادةً ما يحتوي بسكويت الشوكولاتة على 5 جرام من السكر، منها 4 جرام (80٪) يضاف أثناء المعالجة.
وأشارت أبحاث حديثة إلى وجود صلة بين تناول الأطعمة والمشروبات المصنعة بدرجة كبيرة وخطر زيادة الوزن. وفي دراسة أُجريت على أكثر من 100,000 شخص في فرنسا واستمرت لمدة ست سنوات، ارتبط تناول نسبة عالية من تلك الأطعمة في النظام الغذائي بارتفاع خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري، وهو الشكل الأكثر شيوعًا لمرض السكري [1].
وأظهرت تجربة سريرية أُجريت في المعاهد الوطنية التابعة للمركز الصحي السريري في مدينة بيثيسدا بالولايات المتحدة الأمريكية أنه عند تناول الأشخاص لأطعمة مصنعة بدرجة عالية لمدة أسبوعين، فإنهم يستهلكون سعرات حرارية أكثر بنسبة 20٪ يوميًا ويزيد وزنهم بحوالي 1 كجم [2]. ويتطلب الأمر إجراء المزيد من الدراسات لتأكيد هذا التأثير. ومع ذلك، أرجع الباحثون هذه الملاحظة إلى المكونات المستخدمة في إنتاج هذه الأطعمة والمشروبات، مثل السكر المضاف، والدهون، والملح، والإضافات والمحليات الأخرى. وارتبطت الأطعمة المصنعة التي تحتوي على كمية عالية من السعرات الحرارية، والتي غالبًا ما تكون ذات مذاق وقوام جذابين للغاية (أي أنها تكون لينة وسهلة المضغ)، بخطر الإفراط في تناول الطعام. وغالبًا ما يتناول هؤلاء الأفراد كمية منخفضة من الأطعمة التي تحتوي على الألياف والبروتينات، وهو ما يرتبط بانخفاض الشعور بالشبع والرغبة في تناول المزيد من الطعام. وقد يؤدي الاستهلاك المتكرر للسكريات، لا سيَّما السكريات البسيطة، مثل سكر المائدة (السكروز) والجلوكوز والفركتوز إلى زيادة نسبة الجلوكوز في الدم بسرعة. وبمرور الوقت، يساهم هذا الأمر في تغيير استجابة الجسم الطبيعية للجلوكوز، مثل إفراز الأنسولين من البنكرياس لتنظيم مستويات السكر في الدم. ويحدث أيضًا انخفاض في امتصاص الأنسجة الدهنية والعضلية للجلوكوز وتوقف الكبد عن إنتاجه في استجابة للأنسولين، وهي حالة تسمى مقاومة الأنسولين. وتدريجيًا، تؤدي الاستجابة الضعيفة لارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم واستجابة الأنسجة للأنسولين إلى الضغط على الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس ويمكن أن تؤدي إلى عدم كفاية إفراز الأنسولين وحدوث مرض السكري.
إذًا، كيف يمكننا الالتزام باتباع نظام غذائي صحي؟ يوصي الأطباء باستخدام الأطعمة الطبيعية أو المصنعة بدرجة منخفضة، وخاصة الأطعمة ذات الأصل النباتي، لحساب نسبة كبيرة من الحمية الغذائية. ويمكننا التفكير في تعديل استهلاكنا للزيوت والدهون والملح والسكريات، مع مراعاة أن الأطعمة المصنعة بدرجة كبيرة قد تكون غنية بهذه المكونات. ويصف المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها فوائد الأنظمة الغذائية الصحية المتوازنة من أجل "العيش لفترة أطول، ودعم العضلات، وتعزيز المناعة، وتقوية العظام، وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب، والنوع الثاني من داء السكري، وبعض أنواع السرطان". وتفكر العديد من الحكومات الآن في المخاوف الصحية والعبء الاقتصادي للسمنة ومرض السكري المرتبطين بالاستهلاك المفرط للأطعمة المصنعة بشكل كبير [3]. والخبر السار هو أن بعض الأطعمة التي تُستهلك في الحمية الغذائية القطرية التقليدية تُعالج بأقل قدر ممكن، وتساهم عند تناولها بكميات معتدلة في اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن. وفي الحقيقة، يتم تذكيرنا في مقابلة الفيديو ، التي عُرضت في متحف قطر الوطني ،وكانت عن وجبة الإفطار التقليدية التي تُستهلك في عصر صيد اللؤلؤ في قطر غالبًا ما تمثل "تمره واحده" قبل الانطلاق في رحلة الغوص للبحث عن اللؤلؤ.
المشاركون في هذه الدراسة:
مساهمة: الدكتور باتريك وجتن (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) والدكتورة رشا كاظم شعيب (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) و إسراء البشير(باحث مساعد، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
مراجعة النسخة العربية: رويدة زياد طه (باحث مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
المحررون: الدكتورة أدفيتي نايك (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) والدكتور براسانا كولاتكار (عالم أول، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
لتصفح المراجع، يُرجى الضغط هنا.