البحث الجديد يعتمد على دراسة أجراها مركز التوحد للأطفال في مستشفى كليفلاند كلينك عام 2016 أظهرت أن تكنولوجيا تتبع حركة العين تُعدُ طريقة موثوقة للتشخيص المبكر لاضطراب طيف التوحد وعلاجه
أثبت فريق من الباحثين في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، التابع لجامعة حمد بن خليفة، نجاح أداة الفحص المبتكرة القائمة على تتبع حركة العين في تشخيص اضطراب طيف التوحد لدى الأطفال الصغار، وفقًا لنتائج دراسة جديدة نُشرت في مجلة 'أبحاث التوحد'.
ويعتبر تتبع حركة العين من أهم المؤشرات الحيوية لتشخيص التوحد. ويعد ضعف التحديق وأنماط الانتباه الاجتماعي من بين العلامات المبكرة لاضطراب طيف التوحد. وفي عام 2016، استخدم الدكتور توماس فرازير، مدير مركز التوحد للأطفال في مستشفى كليفلاند كلينك في ذلك الحين، هذا التفاوت لتطوير أول أداة موضوعية لتشخيص اضطراب طيف التوحد، عرفت باسم 'مؤشر مخاطر التوحد'.
وباستخدام شاشة عرض حاسوبية متصلة بجهاز لتتبع حركة العين عن بعد، يُعرض على الأطفال محفزات بصرية لتقييم دقة تتبع حدقات عيونهم. وتُنتج خوارزمية تشخيصًا يعتمد على مؤشر المخاطر في أقل من 10 دقائق وبمعدل نجاح يزيد عن 85 بالمائة. ويمكن استخدام الأداة بأمان مع الأطفال الرضع الذين لا تتجاوز أعمارهم ستة أشهر، مما يشير إلى حدوث تقدم كبير في التشخيص المبكر لاضطراب طيف التوحد.
وفي عام 2017، تعاون المعهد مع مركز التوحد للأطفال في مستشفى كليفلاند كلينك، في إجراء بحث لدراسة هذه التكنولوجيا في قطر. وفي إطار هذا التعاون، قام المعهد بإنتاج محفزات بصرية باللغة العربية مناسبة ثقافيًا لاختبار الأداة على الأطفال في قطر بعد التحقق من صحتها. وتسلط الورقة البحثية المشتركة الضوء على نتائج تقييمات تتبع حركة العين لأكثر من 500 شخص، تتراوح أعمارهم بين 1-17 عامًا، في قطر والولايات المتحدة. وكان من النتائج المهمة للدراسة ثبوت اتساق النتائج بين الأشخاص الذين خضعوا للفحص في قطر والولايات المتحدة الأمريكية.
ووفقًا لنتائج البحث، تعد هذه الدراسة الأكبر من نوعها لتوصيف بنية الاهتمام الاجتماعي، وهي الوحيدة التي تدرس الاتساق بين الثقافات.
واشتملت قائمة المؤلفين المراسلين الذين شاركوا في تأليف هذه الورقة البحثية على الدكتور فؤاد الشعبان، عالم أول في مركز بحوث الاضطرابات العصبية بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي؛ والدكتور توماس فرازير، الأستاذ بجامعة جون كارول في مدينة يونيفرسيتي هاوس بولاية أوهايو. وبالإضافة إلى ذلك، كان من بين المؤلفين المشاركين الدكتور محمد الدوسري، مدير مركز علوم الأعصاب للأطفال في مستشفى كليفلاند كلينك للأطفال بمدينة كليفلاند في ولاية أوهايو؛ ومركز الشفلح في قطر؛ وكلية العلوم النفسية بجامعة ملبورن في مدينة فيكتوريا الأسترالية؛ وجامعة نورث كارولينا في مدينة تشابل هيل بولاية كارولينا الشمالية.
وأوضح الدكتور فؤاد الشعبان، عالم أول بمركز بحوث الاضطرابات العصبية بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، قائلاً: "نحن سعداء جدًا بالإعلان عن هذه النتائج المبشرة للدراسة، ونتوقع حدوث تأثير إيجابي لها. ويعني تشخيص التوحد في أقرب وقت إتاحة الفرصة لبدء العلاج أو التدخل مبكرًا لمنح العائلات والأفراد المصابين بالتوحد نتائج أفضل على المدى البعيد."
وأضاف: "نأمل في مواصلة هذا التعاون مع مركز كليفلاند كلينك، وهو ما سيُمَكِّن معهد قطر لبحوث الطب الحيوي من طرح هذه التكنولوجيا للمرة الأولى في قطر والمنطقة العربية، والعمل مع الأطراف المعنية على توسيع فوائدها للمجتمعات. ويتماشى تطوير التشخيص أو التقييم المبكر لمرض التوحد مع جهود معهد قطر لبحوث الطب الحيوي الرامية لتعزيز كفاءة خدمات الرعاية الصحية وجودة الحياة، لا سيَّما بالنسبة لسكان دولة قطر والمنطقة، مع المساهمة في إجراء الأبحاث ذات الأهمية العالمية."
وتحدث الدكتور عمر الأجنف، المدير التنفيذي لمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، عن هذا التعاون فقال: "بصفتنا مركزًا عالميًا لبحوث الطب الحيوي والبحوث الانتقالية، نسعى باستمرار إلى تعزيز تعاوننا وشراكاتنا الاستراتيجية مع نظرائنا الدوليين. ويعكس تعاوننا مع مؤسسة كليفلاند كلينك، الذي يهدف إلى تشخيص اضطراب طيف التوحد في مرحلة مبكرة، رسالة المعهد الرامية لتحويل الاكتشافات العلمية الجديدة إلى حلول فعالة تلبي الأولويات الصحية لدولة قطر."
وعلَّق الدكتور فرازير على نتائج الدراسة فقال: "يعني التخلص من الاجتهادات الفردية والنزعة الذاتية في تشخيص اضطراب طيف التوحد باستخدام أداة مثل مؤشر خطر التوحد أن بمقدورنا تقييم طرق العلاج الحالية بسرعة وسهولة أكبر وتطوير طرق علاج جديدة. ويساعد التعاون مع شريك ملتزم بهذه النتائج البحثية على غرار معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، في ضمان أن يكون لفوائد هذه الأداة حضور إقليمي وعالمي فريد."