رؤى من معهد قطر لبحوث الطب الحيوي: اضطراب عصبي سريع النمو
الهيئة:  معهد قطر لبحوث الطب الحيوي
رؤى معهد قطر لبحوث الطب الحيوي – داء باركنسون: اضطراب عصبي سريع النمو

يُحتفل باليوم العالمي لداء باركنسون بتاريخ 11 أبريل من كل عام لتعزيز الوعي بهذا المرض. ومن المتوقع أن تتجاوز الاضطرابات العصبية التَنَكُّسِيٌّة، بما في ذلك داء باركنسون، أمراض السرطان باعتبارها المجموعة الأكثر شيوعًا من الحالات الطبية بحلول عام 2040. 

ومع ارتفاع متوسط العمر المتوقع للفرد في جميع أنحاء العالم، سيكون هناك ارتفاع نسبي في عدد السكان المسنين المتأثرين بالاضطرابات العصبية. ويُعد داء باركنسون حاليًا أكثر أمراض التنكس العصبي المرتبطة بالعمر شيوعًا بعد مرض الزهايمر (2,3). وقد أفادت دراسة بارزة تهدف إلى فهم العبء العالمي لداء باركنسون، مؤخرًا، بأن العبء الناجم عن هذا المرض ومعدل انتشاره قد تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية. وتشير التقديرات المتوقعة أيضًا إلى أنه سيكون هناك 12 مليون مريض مصاب بداء باركنسون بحلول عام 2050 (5). وتحدد العديد من الدراسات كذلك داء باركنسون باعتباره أحد الاضطرابات الأسرع نموًا من حيث الانتشار والتسبب في حالات العجز والوفيات.

وتجدر الإشارة إلى أن داء باركنسون هو اعتلال في الخلايا العصبية، وهي مجموعة من الاضطرابات التي تتميز بالتجمع غير الطبيعي والترسب الخلوي لبروتين ألفا سينوكلين في خلايا عصبية معينة. وينتمي الخرف المصحوب بأجسام ليوي والضمور الجهازي المتعدد الذي يشترك في العديد من السمات المرضية مع داء باركنسون أيضًا إلى طيف اعتلالات النسيج الخلوي. وفي داء باركنسون، تتراكم تكتلات السينوكلين المسماة بأجسام ليوي في منطقة معينة من الدماغ تسمى المادة السوداء وتتسبب في انحلالها مما يؤدي إلى فقدان التحكم في الحركة، وهو أكثر الأعراض المرتبطة بالمرض شيوعًا (2,7).

عوامل الإصابة والمخاطر: يُعدُ الظهور المبكر لداء باركنسون قبل سن الخمسين أمرًا نادرًا نسبيًا. ومع ذلك، فقد سُجلت زيادة تتراوح ما بين 5-10 أضعاف في احتمالات حدوثه في المرحلة العمرية من سن 60-90 سنة. ومن المحتمل الآن أن يتأثر حوالي 3٪ من كبار السن الذين تتجاوز أعمارهم 80 عامًا بداء باركنسون والأمراض ذات الصلة (3,7). وهناك معدل انتشار متزايد للمرض بين الرجال المصابين بداء باركنسون. ويُعتقد أن الاختلافات الهرمونية والتعرض التفاضلي لعوامل الخطر البيئية تكمن وراء هذا التفاوت في معدل انتشار المرض بين الجنسين (8). وتختلف احتمالات الإصابة بداء باركنسون أيضًا حسب السلالة والعرق. وقد اكتُشف أن التعرض للملوثات السامة، والتفضيلات الغذائية، والعوامل الوراثية، والتفاعلات اللاجينية كلها من عوامل خطر الإصابة بداء باركنسون (1.6).

الأعراض: بصرف النظر عن الأعراض الحركية المزمنة والمتقدمة، رُصِدت أيضًا العديد من الأعراض غير الحركية مثل ضعف الإدراك، واضطرابات النوم، وضعف حاسة الشم، ومشاكل الجهاز الهضمي، والاكتئاب، وهي أعراض ترتبط بشكل متكرر بداء باركنسون. وتظهر العديد من هذه الأعراض قبل 8-10 سنوات من ظهور الارتعاشات الاهتزازية التي تُعتبر من الأعراض الاعتيادية لداء باركنسون (7).

التشخيص والعلاج: تحقق تقدمٌ كبيرٌ في فهم الآليات الجزيئية والخلوية الكامنة وراء ظهور داء باركنسون وتطوره منذ وصفه للمرة الأولى. ومع ذلك، لا يوجد اختبار محدد لتشخيص المرض بدقة حتى الآن. ويعتمد التشخيص في الوقت الحالي إلى حد كبير على التقييم السريري للأعراض الحركية الأساسية ويدعمه التصوير العصبي. وتشتمل طريقة العلاج الأكثر شيوعًا على استبدال الدوبامين لتعويض فقدان الخلايا العصبية الدوبامينية في الدماغ (4,7).

التحديات: يتمثل العائق الرئيسي الذي يحول دون تلقي العلاج الفعال في أنه بحلول الوقت الذي تظهر فيه الأعراض الحركية الرئيسية، يكون المرض في حالة تقدم كبير بالفعل. لذلك، تحسن العلاجات بشكل هامشي فقط من نوعية الحياة بعد التشخيص في مرحلة متأخرة. ونظرًا لأن العديد من الأعراض غير الحركية تظهر قبل 8-10 سنوات من ظهور الأعراض الحركية، يقدم تطوير المقايسات القائمة على العلامات الحيوية التي يمكنها اكتشاف السمات الجزيئية المبكرة لداء باركنسون بشريات بإمكانية التدخل العلاجي قبل التقدم إلى المراحل المتأخرة من المرض.

البحوث التي تُجرى حاليًا في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي

تركز الفرق البحثية في مركز بحوث الاضطرابات العصبية بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي على تحسين فهم الاضطرابات العصبية والتنكسية .وتهدف الأبحاث، التي يقودها مختبر الدكتور عمر الأجنف، المدير التنفيذي للمعهد، بشكل أساسي إلى فهم تطور المرض، وتطوير أدوات تشخيصية وعلاجية جديدة محتملة، واكتشاف المؤشرات الحيوية للمرض. ويتمتع الفريق البحثي بخبرات متميزة في تطوير أجسام مضادة جديدة ومقايسات مناعية تستهدف التعرف على أساس حدوث داء باركنسون واستخدام هذه الأدوات الجديدة لاكتشاف دلالات المرض. وقد نشرت المشاريع البحثية التي أنجزها الفريق في مجلات علمية رفيعة المستوى وعُرضت في اجتماعات دولية، وهو ما يدعم رسالة المعهد الرامية إلى تعزيز البحوث التطبيقية والطب الانتقالي.

ويسلط مشروع حديث أنجزه الفريق البحثي وقبلته 'مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم' الضوء على الدور الرئيسي المنسوب إلى بروتين ألفا-سينوكلين الفسفوري الموجود في بقايا حامض السيرين 129 (pS129-α-syn) في التسبب في حدوث مرض أجسام ليوي. وتشير النتائج إلى أن بروتين ألفا-سينوكلين يحدث بعد التراكم الأولي للبروتين ويمنع التراكم الإضافي له. ويعني هذا وجود دور وقائي لتعديل هذا البروتين في علاج التنكس العصبي وآثاره الكبيرة على فهم البيولوجيا المرضية لمرض أجسام ليوي والاستمرار في استخدام بروتين pS129-α-syn المختزل كمقياس للفعالية في التجارب السريرية.

ومن الجوانب المهمة الأخرى للبحوث التي يجريها فريق الدكتور الأجنف البحث المتعلق بالأجسام النانوية، وهي أجسام مضادة مؤتلفة مشتقة من أجزاء مرتبطة بمولد الضد في مجال واحد من الأجسام المضادة ثقيلة السلسلة (HCAb) الموجودة لدى الإبل. وعلى مر السنين، اكتشف أن هذه الأجسام النانوية لديها إمكانات كبيرة تتيح إمكانية استخدامها كمرشح تشخيصي وعلاجي في العديد من الأمراض بسبب صغر حجمها وقابليتها للذوبان واستقرارها. وقد نشر فريق الدكتور الأجنف مؤخرًا ورقة بحثية عن الأجسام النانوية التي تنتج لمقاومة بروتين ألفا-سينوكلين (α-syn)، وهو البروتين الذي يشارك في حدوث داء باركنسون (9). وفي هذا البحث، أنتج الفريق أجسامًا نانوية وقام بهندستها في نسقها ثنائي التكافؤ الذي تعرف على منطقة المحطة النانوية الخاصة ببروتين ألفا-سينوكلين (α-syn). ومن المعروف أن هذه المنطقة من البروتين لها أهمية بالغة لتراكم البروتينات وتحتوي على العديد من الطفرات النقطية التي تتسبب في حدوث الحالات المبكرة لداء باركنسون. وقد أظهرت الأجسام النانوية الناتجة إمكانية مساهمتها في الحد من الأمراض الناجمة عن اضطراب بروتين ألفا-سينوكلين (α-syn) في نماذج الخلايا وتمكنت من التعرف على أمراض أجسام ليوي في أنسجة دماغ الإنسان بعد الوفاة بفعل الإصابة بحالات داء باركنسون. وبشكل عام، تسلط هذه النتائج الضوء على إمكانات الأجسام النانوية في التحول إلى أداة تشخيصية أو علاجية لداء باركنسون والاضطرابات ذات الصلة.

المساهمون في الدراسة:

داء باركنسون: عوامل الخطر والأعراض والتشخيص والعلاج والتحديات
الدكتورة إندوليخا سودهاكاران (باحث مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي) 
البحوث التي تُجرى حاليًا في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي: 
الدكتورة سيمونا غانم (باحث ما بعد الدكتوراه، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)، والدكتور نيشانت إن فايكاث (باحث مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)
تدقيق النص العربي: (رويدا طه، باحث مشارك، معهد قطر لبحوث الطب الحيوي)

لتصفح المراجع، يُرجى الضغط هنا.