منهجية جديدة لتشخيص مرض الباركنسون بقياس تجمعات بروتين ألفا سينوكلين
الهيئة:  معهد قطر لبحوث الطب الحيوي
The QBRI team, led by Dr. Omar El-Agnaf, Principal Investigator, Neurological Disorders Research Center, evaluating the combined alpha–synuclein test’s results.

يُعرف مرض الباركنسون (PD) بأنه اضطراب تنكُسي عصبي يؤثر بشكل أساسي على الحركة، وهذا المرض ناجم عن الفقدان التدريجي للخلايا المنتجة للدوبامين في الدماغ، مما يؤدي إلى مجموعة من الأعراض الحركية وغير الحركية، حيث يعتمد تشخيص مرض الباركنسون عادة على الأعراض السريرية، والتي تشمل الهزات وتصلُب العضلات والرُعاش الذي يسبب بطء الحركة، ومع ذلك، يُعتقد أن عملية الاضطراب العصبي لمرض باركنسون تبدأ قبل سنوات عديدة من ظهور هذه الأعراض السريرية. ونتيجة لذلك، هناك حاجة متزايدة لإجراء القياسات والمؤشرات الحيوية التي يمكنها تحديد المرضى المعرضين لخطر ذلك المرض بدقة ومراقبة تطوره في جسم المريض.

أحد المؤشرات الحيوية الواعدة لمرض الباركنسون هو بروتين ألفا سينوكلين، الذي يتراكم تدريجيًا إلى مستويات سامة في الدماغ والحبل الشوكي لمرضى الباركنسون، وتم تطوير العديد من التقنيات المختبرية لقياس تجمُعات ألفا سينوكلين في الأنسجة أو السوائل البشرية، بما في ذلك السائل النخاعي (CSF)، حيث يعد السائل الدماغي الشوكي هو السائل الذي يحيط بالدماغ والحبل الشوكي ويعمل كقناة لتبادل العناصر الغذائية والترسبات بين الدماغ وبقية الجسم. 

وهناك تقنيتان مختبريتان شائعتا الاستخدام لقياس ألفا سينوكلين في السائل الدماغي الشوكي، هما تقنية "إلايزا" أو ما يعرف بالمُقايَسَةُ الامْتِصاصِيَّةُ المَناعِيَّةُ للإِنْزيمِ المُرْتَبِط (ELISA)، وفحوص اختبار زيادة تضاعف الحمض النووي (SAA)، حيث تُعتبر فحوص "إلايزا" نهجًا سريعًا وحساسًا يعتمد على الأجسام المضادة لقياس مستويات البروتين، ويمكنه اكتشاف كمية تجمُعات ألفا سينوكلين أو (oligomers) وهي الأحماض الأمينية التي تكون عادة أصغر من البروتينات. ومع ذلك ، فإن الدقة التشخيصية لـ "إلايزا" في التمييز بين مرضى الباركنسون كانت غير مُرضية. وفي مقابل ذلك، ثَبَت أن فحوص اختبار زيادة تضاعُف الحمض النووي (SAA)، كانت صعبة للغاية في التمييز بين مرضى الباركنسون والأشخاص الأصحاء، وأولئك الذين يعانون من اضطرابات عصبية أخرى، مما قد يسمح بإمكانية إجراء تشخيص نهائي، تقوم فيه فحوصات اختبار زيادة تضاعف الحمض النووي بتقييم نشاط زراعة البروتين، أو المعدل الذي يتجمع به البروتين معا ليُشكل تجمُعات سامة.

وتُستخدم تقنية زيادة تضاعف الحمض النووي(SAA)، للكشف عن كميات صغيرة من بعض البروتينات المرتبطة ببعض الأمراض التي تؤثر على الدماغ، وقد يكون من الصعب اكتشاف هذه البروتينات، لكن نظرًا لأن اختبار تقنية SAA حساس للغاية، فإنه يمكنه العثور على هذه البروتينات حتى لو كانت هناك كميات صغيرة موجودة في العينة، وفي الدراسات المتعلقة بمرض الباركنسون، فإن بروتين ألفا سينوكلين هو المستهدف، حيث أن الطريقة التي تُستخدم فيها SAA تستند إلى أخذ كمية صغيرة من عينة قد تحتوي على بروتين ألفا سينوكلين، ثم يتم إضافتها إلى حجم أكبر من ألفا سينوكلين الاصطناعي، والتي يمكن أن تُحوِّل البروتين إلى شكل متكتل، والذي يسمى بـ "التجمعات" وهي عملية تكاثر وتراكم الترسبات الغير مرغوب فيها أثناء عملية التضاعف، حيث يمكن بعد ذلك استخدام هذه التجمعات كقالب لصنع المزيد من تكتلات البروتين، ويمكن تكرار العملية عدة مرات للحصول على المزيد والمزيد من هذه التكتلات. وبهذه الطريقة، يمكن تضخيم واكتشاف كمية صغيرة من البروتين المستهدف.

وفي دراسة حديثة نشرتها مجلة علم الأعصاب بعنوان: "الأمراض المرتبطة بتجمعات ألفا سينوكلين –α كمؤشرات حيوية للمرحلة السريرية لمرض الباركنسون"، حيث قام فريق بحثي في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي بقيادة الدكتور عمر الأجنف بالتحقيق فيما إذا كان الجمع بين تقنيتي ELISA وSAA يمكن أن يوفرا قراءة أكثر دقة لتجمعات ألفا سينوكلين التي يمكن أن تعكس مدى وطأة المرض لدى المرضى، حيث يتم استخدام تقنية SAA لتحديد وجود تجمعات ألفا سينوكلين غير المتماثلة، والتي يمكن بعد ذلك قياسها بدقة من خلال تقنية ELISA.

وقد استكشف الباحثون أولًا إمكانية اختبار أنسجة المخ من الأشخاص المصابين بمرض الباركنسون، والخرف مع أجسام ليوي (DLB)، ومرض الزهايمر (AD)، ومن الأشخاص الأصحاء الذين عملوا كعناصر مقارنة، علمًا أن أمراض الباركنسون والخرف والزهايمر، كلها أمراض تنكُسِيّة عصبية، ولكن الباركنسون والخرف فقط يتميزان بتراكم ألفا سينوكلين، حيث أظهر الفحص المشترك صعوبة كبيرة في التمييز بين مرضى الباركنسون والخرف من مرضى الزهايمر، وبين الأشخاص الأصحاء، مما مكَّن من الكشف المبكر عن تجمعات بروتين ألفا سينوكلين مقارنة باستخدام تقنية اختبار زيادة تضاعف الحمض النووي SAA وحدها.

وقام الفريق بتحليل عينات السائل النخاعي من 62 شخصًا يعانون من مرض الباركنسون و34 من الأشخاص الأصحاء من عمر مماثل، لتقييم الدقة التشخيصية للاختبار المشترك، وأظهرت النتائج أن الاختبار يمكن أن يميز بشكل فعّال بين أولئك الذين يعانون من مرض الباركنسون وبدونه، وفضلًا عن ذلك فقد ارتبطت مستويات تجمعات ألفا سينوكلين، التي تم قياسها باستخدام النهج المشترك، بشكل كبير مع شدة مرض الباركنسون، كما تم قياسها بواسطة المقياس الموحد والمعتمد لتصنيف مرض الباركنسون - الجزء الثالث ومقياس (Hoehn and Yahr). ولتأكيد هذه النتائج، تم تحليل مجموعة ثانية من عينات السائل الدماغي الشوكي لنحو 49 مريضًا يعانون من مرض باركنسون و48 من الأشخاص الأصحاء متطابقين في العمر والجنس، مما كشف عن وجود ارتباط مماثل بين قراءات الاختبار المشتركة وشدة المرض.

وتشير النتائج إلى أن الاختبار المشترك لتقنيتي "إلايزا" و"اختبار زيادة تضاعف الحمض النووي" SAA، يُعد أداة قيّمة للكشف عن مرض باركنسون وتقييم مدى وطأته، وقد يكون له فوائد أخرى في التجارب السريرية التي تستهدف تجمعات ألفا سينوكلين لمرضى الباركنسون، لذلك ينبغي إجراء المزيد من التقييمات والقياسات، لتقييم إمكانية تطبيق هذا النهج المشترك في الأمراض الأخرى المرتبطة بألفا سينوكلين، واختبار العلاجات التي تستهدف تراكم هذا البروتين.

يمكن الاطلاع على الدراسة بالكامل من خلال الرابط التالي: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/36096686/