معهد قطر لبحوث الطب الحيوي يحتفي بعالمتيْن

تأليف: فريق معهد قطر لبحوث الطب الحيوي

الهيئة:  معهد قطر لبحوث الطب الحيوي
العالمتان عبير الشمري وهبة الصديقي

يتطلب الإبحار في الرحلة الشاقة للحصول على درجة الدكتوراه تخطيطًا دقيقًا منذ البداية، لا سيما إذا كان الهدفُ من وراء ذلك الانطلاقَ في مسيرة مهنية في مجال العلوم، وإدراكًا لهذه الغاية، أطلقت مؤسسة قطر برنامج قطر للريادة في البحوث، وهي مبادرة يدعمها مجلس قطر للبحوث والتطوير والابتكار، حيث صُممت هذه المبادرة لدعم وتوجيه نخبة من طلاب الدراسات العليا وتزويدهم بالخبرة البحثية الأساسية اللازمة للنجاح.

وبعد استكمال برنامج قطر للريادة في البحوث، أتيحت الفرصة لعددٍ من الباحثين القطريين في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مجال العلوم لإجراء البحوث في بيئات علمية، ومن بين هذه الفرص برنامج الزمالة البحثية في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي، الذي يشمل مركز البحوث التطبيقية للسرطان، ومركز بحوث السكري، ومركز بحوث الاضطرابات العصبية، وبعد تقديم المساعدة لهؤلاء الباحثين في تأسيس مختبراتهم وتوفير التمويل اللازم، يُصبحون قادرين على بناء فِرَقهم الخاصة من الباحثين والانطلاق في طريقهم ليصيروا علماء مستقلين.

واليوم، نفخر بالاحتفال بإنجازات زميلتيْن باحثتيْن لامعتيْن تقلدتا منصب "عالم" في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي. الأولى هي الدكتورة عبير الشمري، التي درست العلوم الطبية الحيوية في جامعة كارديف، وحصلت على درجة الدكتوراه من جامعة أوكسفورد، والتي بدأت رحلتها في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي كزميلة باحثة عام 2017. وقد تم تعيين الدكتورة عبير مؤخرًا عالمةً في مركز بحوث الاضطرابات العصبية، وهي الآن تكرس جهودها لكشف التفاعل المعقد بين العوامل الوراثية والبيئية في اضطرابات النمو العصبي، مع التركيز بشكل خاص على اضطراب التوحد.

وعند التحاق الدكتورة عبير بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، كانت مهمتها الأساسية قائمة على تحديد مجال دراسة متخصص يتواكب مع الأولويات البحثية للمعهد ولدولة قطر، وفي الوقت نفسه يكون ذا أهمية كبيرة لمجتمع البحوث الدولي، وبعد تحديد مجال تركيزها البحثي، واجهت الدكتورة عبير العقبات المعتادة التي يواجهها الباحثون الجدد والشباب، وكان من أبرز هذه التحديات هو بناء شبكة دائمة من التواصل مع الأطباء محليًا للحصول على عينات سريرية من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2-4 سنوات، إلى جانب التحديات المرتبطة بتأسيس مختبرها والحصول على أحدث التقنيات اللازمة لمتابعة أبحاثها.

وتُركز الدكتورة عبير بشكل خاص على التفاعل بين الجهاز العصبي والمناعي في اضطراب التوحد، وتسعى في الوقت ذاته إلى تفسير الأسباب الكامنة وراء الاختلالات المناعية التي لوحظت في دم الأفراد المصابين بهذا الاضطراب، وتتمثل أهداف بحثها في شقين: التعرّف على مؤشرات حيوية محتملة في التشخيص المبكر للتوحد، وتحديد أهداف علاجية جديدة لهذا الاضطراب. ونظرًا لأن مجموعة دراستها تنحدر من  قطر، تتوقع الدكتورة عبير أن تتمكّن من الكشف عن مؤشرات حيوية وأهداف علاجية فريدة ومحددة للأطفال العرب داخل البلاد، وتحظى مثل هذه النتائج بأهمية كبيرة، لأنها تشجّع الجهود المبذولة نحو تطوير الطب الشخصي، وتنفيذ برامج التدخل المبكر المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات الأطفال في قطر. 

ومثل الدكتورة عبير، أكملت الدكتورة هبة الصديقي دراستها الجامعية في جامعة كارديف، قبل أن تتابع تدريبًا متقدمًا في معهد هارفارد للخلايا الجذعية، ثم تحصل على درجة الدكتوراه من جامعة أوكسفورد، ومدفوعةً بالفضول والاهتمام بالأبحاث التي يجريها معهد قطر لبحوث الطب الحيوي حول مرض السكري، انضمت إلى برنامج الزمالة عام 2018، وتعمل الآن عالمةً في مركز بحوث السكري بالمعهد حيث تُسهم بخبرتها في البحوث التي تركز على الخلايا الجذعية.

ومثل أي باحث دكتوراه، واجهت الدكتورة هبة نصيبها من التحديات خلال رحلتها الأكاديمية، لا سيما الانتكاسات والإخفاقات الملازمة للتجارب العلمية، ومع ذلك، فهي تُقر بالوجود البديهي لمثل هذه التحديات، وأن التغلب عليها يتطلب مرونةً ومثابرةً وقُدرةً على التكيف، وإنّ أهم ما يساعد في تحقيق ذلك، كما تقول الدكتورة هبة، هو الحفاظ على عقلية منفتحة وإبداء الاستعداد لاستكشاف مناهج جديدة في حالة الإخفاق.

وتُركز أبحاث الدكتورة هبة في المقام الأول على توليد خلايا بيتا في البنكرياس من الخلايا الجذعية البشرية، لتعزيز فهمنا للمسارات الجزيئية التي تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري، ولأنّ هذا المرض يمثّل عبئًا صحيًا واقتصاديًا ثقيلًا في دولة قطر والعالم، أصبحت الجهود المبذولة لكشف المزيد من خبايا هذا المرض لتحسين إدارته والوقاية منه ضرورةً قصوى، وتُبشّر الأبحاث التي تجريها الدكتورة هبة حول تحسين تمايز خلايا بيتا في البنكرياس بتوليد خلايا بيتا أكثر كفاءة مشتقة من الخلايا الجذعية، مما يُسهم في تطوير أساليب العلاج بالخلايا لمواجهة هذه المشكلة الصحية العالمية.

وكما يتبيّن من المسيرة الحافلة لكلٍ من الدكتورة عبير والدكتورة هبة، فإن برنامج الزمالة البحثية في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي يمثل نقطة انطلاق لرعاية المواهب العلمية وتشجيعها على الابتكار، حيث تعكس هذه النماذج الفذة التزام دولة قطر الراسخ بتطوير البحوث الطبية الحيوية، وإلهام الأجيال القادمة من العلماء لملاحقة شغفهم وتجاوز العوائق في مجالاتهم المختلفة.