التعامل مع تبعات تغير المناخ على روزنامة الفعاليات الرياضية
- الصفحة الرئيسة
- غرفة الأخبار
- التعامل مع تبعات تغير المناخ على روزنامة الفعاليات الرياضية
الدكتور داميلولا أس أولاوي، كبير محاميي نيجيريا*
في اليوم الأخير من دورة الألعاب الأولمبية التي اختتمت منافساتها مؤخرًا في طوكيو، حذر البريطاني سيباستيان كو، رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، من أن تغير المناخ سيؤثر سلبًا على روزنامة الفعاليات الرياضية الكبرى وتوقيت إقامتها. جاء هذا التحذير وسط مخاوف متزايدة من أن الظروف المناخية المتطرفة ودرجات الحرارة القاسية الناجمة عن تغير المناخ ربما تكون قد أدت بالفعل إلى تغيير روزنامات الفعاليات الرياضية.
ومن الأمثلة على ذلك: تحدد موعد انطلاق بطولة العالم لألعاب القوى 2019 التي أقيمت في قطر في أواخر شهر سبتمبر، لأول مرة في التاريخ، لتجنب إقامة فعاليات البطولة في مناخ الصيف الحار. وكان التغيير الرئيسي الآخر هو إقامة الفعاليات بشكل رئيسي في وقت متأخر من فترتي ما بعد الظهيرة والمساء، بدلاً من اتباع الجدول الصباحي التقليدي للبطولات السابقة.
وبالمثل، من المقرر أن تنطلق النسخة المقبلة من بطولة كأس العالم لكرة القدم في دولة قطر خلال شهر نوفمبر 2022 لتجنب الحرارة الشديدة خلال الموعد الصيفي التقليدي لعقد البطولة. وحتى في دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة بمدينة طوكيو، تغير موعد انطلاق المباراة النهائية في منافسات كرة القدم للسيدات بين كندا والسويد من الصباح إلى المساء لتجنب الحرارة الشديدة والآثار الصحية المرتبطة بها. ومن غير المستغرب أن تؤكد اللجنة الأولمبية الدولية على خططها لمراعاة "المرونة والتكيف مع تبعات تغير المناخ" عند التخطيط لعقد الفعاليات الرياضية في المستقبل.
ولم تعد معالجة آثار تغير المناخ على جدولة الفعاليات الرياضية الكبرى والتخطيط لها خيارًا، بل باتت ضرورة مُلِحة. وبصرف النظر عن الموجات الحرارية القاتلة الناجمة عن تغير المناخ التي قد تفرض إجراء تغييرات على روزنامة الفعاليات الرياضية ومواعيد إقامتها، يمكن أن يكون لتغير المناخ آثار واسعة النطاق على البنية التحتية الرياضية. ويشمل ذلك القصور المحتمل للمرافق بسبب الطقس القاسي؛ وانخفاض متوسط العمر المتوقع للمباني؛ وزيادة نفقات التشغيل والصيانة لأرضيات الملاعب ومضامير السباق بسبب الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة؛ وإلغاء المنافسات الرياضية أو التخلي عنها بسبب هطول الأمطار في غير موسمها أو هبوب العواصف أو موجات الحر الشديدة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم إصابات اللاعبين والرياضيين بسبب الإجهاد الحراري.
ومن منظور التخفيف من المخاطر، يجب أن تتجاوز الجهود المبذولة لمعالجة آثار تغير المناخ على الفعاليات الرياضية الكبرى مجرد ترحيل الجداول الزمنية لإقامة تلك الفعاليات إلى أشهر أو أوقات أكثر برودة. فعلى سبيل المثال، رغم أن إقامة الفعاليات في منتصف الليل قد تكون طريقة جيدة لتجنب الحرارة الشديدة، فقد يؤثر مثل هذا التوقيت سلبًا على مستوى حضور المشجعين والمشاركة الفعالة، وهو ما قد ينتقص من الفوائد الترفيهية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية العامة للفعاليات الرياضية. وبالمثل، قد لا يكون تأخير انطلاق البطولات إلى أشهر أكثر برودة أو أكثر دفئًا دائمًا حلاً مناسبًا، وخصوصًا بالنسبة للفعاليات الرياضية مثل التزلج أو كرة القدم الشاطئية أو الكرة الطائرة.
إذًا، كيف يمكن للبلدان والأطراف المعنية الرئيسية في مجال الرياضة التعامل مع التحديات المتتالية التي يفرضها تغير المناخ على روزنامة الفعاليات الرياضية؟ يتطلب الأمر تطبيق استراتيجيات شاملة لتخفيف المخاطر بهدف تحقيق التوازن الفعال بين الجوانب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية من أجل التخطيط للفعاليات الرياضية الكبرى في عالم يتأثر تأثرًا جوهريًا بالظروف المناخية. ويمكن أن تؤدي معالجة الآثار الصحية لهذه الظاهرة وحدها، دون معالجة آثارها الاجتماعية والاقتصادية، إلى تقليل مساهمات الفعاليات الرياضية في جهود التنمية المستدامة الشاملة، لا سيَّما فيما يتعلق بالهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة الذي يتعلق بالقضاء على الفقر، والهدف الثالث المتعلق بضمان الصحة الجيدة والرفاهية، والهدف الثامن بشأن العمل اللائق والنمو الاقتصادي من بين أمور أخرى. علاوة على ذلك، يمكن للتدخلات الشاملة وذات النفوذ العالي أن تبرز دور الرياضة كعامل تمكين للتنمية المستدامة.
وسيتطلب تعزيز قدرة البنية التحتية الرياضية الحالية والمستجدة على التكيف مع المخاطر الناجمة عن تغير المناخ التزامًا استراتيجيًا من قبل الأطراف المعنية الرياضية لدمج الأهداف المناخية في تصميم مشاريع البنية التحتية الرياضية واعتمادها وتمويلها وتنفيذها. فعلى سبيل المثال، يشجع البند الخامس من المادة رقم 7 من اتفاق باريس على وجه التحديد البلدان على دمج التكيف مع المناخ في السياسات والإجراءات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ذات الصلة، والتي تشمل إعادة تصميم البنية التحتية والمباني لتعزيز مرونتها وقدرتها على التكيف. كما تؤكد مبادرة الأمم المتحدة للرياضة من أجل العمل المناخي على ضرورة قيام الأطراف المعنية الرياضية بدمج استراتيجيات التخفيف والتكيف المناخي بشكل منهجي في عمليات التخطيط.
وسوف يساهم اتباع نهج ذكي مناخيًا لتخطيط وتنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى في وضع أهداف المرونة المناخية في صميم القرارات الرياضية، بما في ذلك اختيار مكان عقد الفعاليات، وتخطيط البنية التحتية، وتصميم القمصان، والتسويق، وتصميم العلامات التجارية، وتعزيز الوعي من بين أمور أخرى.
وتتمثل نقطة الانطلاق في قيام الهيئات الرياضية الدولية بتعديل شروط التقدم لاستضافة الفعاليات الرياضية الكبرى لتشمل إيلاء اهتمام كبير لمستوى البنية التحتية الذكية من الناحية المناخية المتاحة في البلدان المضيفة. ويمكن أن يساعد تبني عمليات الفرز الشاملة التي تدمج الاعتبارات المناخية، كجزء من أطر إدارة المخاطر الرياضية، الهيئات الرياضية والبلدان المضيفة والموردين وغيرهم من الأطراف المعنية على تحسين ممارسات تصميم البنية التحتية وتشغيلها وصيانتها لمنح الأولوية للمرونة المناخية. فعلى سبيل المثال، لن يتعلق السؤال فقط بما إذا كان لدى بلد ما مرافق رياضية مناسبة لاستضافة الفعاليات الرياضية الكبرى، ولكن كم عدد المرافق التي تتمتع بالذكاء المناخي من حيث القدرة على تحمل الأحداث المناخية المتطرفة وتعزيز الأهداف الرامية للحد من البصمة الكربونية. وفي الوقت نفسه، ستكون مرافق البنية التحتية المرتبطة باستضافة تلك الفعاليات مثل مرافق الطيران والمواصلات، فضلاً عن البنية التحتية الرقمية الذكية مناخيًا أحد الاعتبارات الرئيسية.
وعبر إيلاء المزيد من الاهتمام للعناية الواجبة بالظروف المناخية، يمكن للفعاليات الرياضية أن تكون عوامل تمكين للتخفيف من مشكلة تغير المناخ والتكيف معه في البلدان المضيفة، وهو ما سيقلل على المدى الطويل من تكرار الاضطرابات في الروزنامات والجداول الزمنية التقليدية لعقد الفعاليات الرياضية الكبرى في المستقبل.
ويمكن أن تؤدي مؤسسات التعليم العالي أدوارًا مهمةً للغاية في تطوير برامج مبتكرة لتدريب وتزويد الأطراف المعنية الرياضية بالمهارات المتقدمة اللازمة لدمج المرونة المناخية في أعمالهم وسلسلة القيمة بأكملها. وتُعدُ كلية القانون بجامعة حمد بن خليفة من المؤسسات الرائدة بالفعل للابتكار في هذا المجال. وتوفر برامج "دكتور في القانون"، والماجستير في القانون الاقتصادي والتجاري الدولي، والماجستير في القانون الدولي والشؤون الخارجية، والدكتوراه في العلوم القانونية، بالإضافة إلى الدورة التدريبية التي تقدمها كلية القانون بجامعة حمد بن خليفة عبر الإنترنت بعنوان "التبحر في الجوانب القانونية والتجارية في مجال الرياضة"، من خلال موقع إيدكس للطلاب فرصًا استثنائية لاكتساب مهارات ومعرفة مقارنة بالجوانب القانونية والتجارية الرئيسية والاستدامة للفعاليات الرياضية الكبرى.
* يشغل الدكتور داميلولا أس أولاوي منصب أستاذ مشارك في قانون الطاقة والقانون البيئي بكلية القانون في جامعة حمد بن خليفة، وهو مؤلف كتاب "قانون وسياسات التغير المناخي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، الصادر عن دار راوتليدج للنشر، 2021.
ملاحظة:
هذا المقال مقدَّم من إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة نيابةً عن الكاتب. والآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب، ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.