تعزيز السلام بتحقيق العدالة وسيادة القانون ومكافحة الفساد | جامعة حمد بن خليفة

بمناسبة اليوم الدولي للسلام، يتحدث عميد كلية السياسات العامة الدكتور ليزلي بال عن العلاقة الوثيقة بين الاستدامة والسلام.

الهيئة:  كلية السياسات العامة
الدكتور ليزلي بال

بقلم/ الدكتور ليزلي بال

تُمثل أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة خارطة طريق شاملة عالمية لمعالجة القضايا الشائكة التي تواجه الإنسانية، بما في ذلك الفقر وانعدام المساواة والاستدامة البيئية والسلام. وهناك ارتباط أساسي بين هذه الأهداف والسعي المستمر نحو تحقيق السلام والاستقرار في العالم، وهو ما يتجلى بشكل خاص في الهدف رقم 16 تحت شعار "السلام والعدل والمؤسسات القوية"، إذ يؤكد هذا الارتباط على الدور الأساسي الذي تؤديه أهداف التنمية المستدامة في تحقيق السلام العالمي.

الهدف رقم 16 مكرّس خصيصًا لجهود تحقيق وبناء السلام، حيث يشجع على إقامة مجتمعات سلمية وغير إقصائية، وتوفير إمكانية الوصول إلى العدالة للجميع، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشفافة وشاملة للجميع على كافة المستويات، ويُعنى هذا الهدف بمجموعة من القضايا الحاسمة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن والسلام، وتشمل الحد من العنف، وضمان المساواة في الحصول على العدالة، وتعزيز سيادة القانون، والحد من الفساد والرشوة.

وتتشابك العلاقة بين أهداف التنمية المستدامة والسلام بطرق متعددة الأبعاد، فالفقر وعدم المساواة وغياب الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية غالبًا ما يخلق ظروفًا تُسهم في نشوء النزاع وعدم الاستقرار، ومن خلال معالجة هذه القضايا بتوجيهٍ من أهداف التنمية المستدامة، يمكننا حصْر الأسباب الجذرية للعنف وبناء مجتمعات أكثر انسجامًا.

تؤدي الاستدامة البيئية دورًا بالغ الأهمية في تحقيق السلام، كما هو منصوص عليه في العديد من أهداف التنمية المستدامة، مثل الهدف رقم 13 (العمل المناخي) والهدف رقم 15 (الحياة في البر)، فالصراع على الموارد، والهجرة القسرية بسبب تدهور البيئة، والاحتمالات المتزايدة لوقوع كوارث طبيعية أكثر تواترًا وشدة يمكن أن تؤدي جميعها إلى نشوب النزاعات. وأهداف التنمية المستدامة التي تشجع على الحفاظ على البيئة تُسهم في منع مثل هذه النزاعات وتحقيق الاستقرار العالمي.

ويُبرز اليوم الدولي للسلام، الذي يُحتفل به في 21 سبتمبر من كل عام، الدور العملي لأهداف التنمية المستدامة في جهود تحقيق السلام العالمي، حيث ينادي هذا اليوم، الذي أقرته الأمم المتحدة لأول مرة عام 1981، بوقف إطلاق النار والعنف حول العالم، كما يمثّل هذا اليوم فرصة سنوية لزيادة الوعي بقضايا السلام وتشجيع الأفراد والمجتمعات والدول على الالتزام بمبادرات بناء السلام.

يمكننا القول إن أهداف التنمية المستدامة واليوم الدولي للسلام يتقاسمان هدفًا مشتركًا، وهو بناء عالم أكثر سلامًا واستدامة. ومن خلال سعينا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة فإننا لا نقتلع جذور النزاع وحسب، بل نبني أيضًا أسسًا للسلام الدائم. وبحديثنا عن التنمية المستدامة فإننا نقصد أيضًا الرخاء الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والمسؤولية البيئية والسلام، والتي تشترك جميعها في تمهيد الطريق نحو مستقبل أفضل للجميع. وإنّ فهمنا لطبيعة العلاقة المتداخلة بين هذه الأهداف يعزز التزامنا بخلق عالمٍ أكثر سلامًا وعدالةً واستدامة، على النحو الذي تتصوره الأمم المتحدة والذي يُحتفل به في اليوم الدولي للسلام.

الدكتور ليزلي بال هو العميد المؤسس لكلية السياسات العامة بجامعة حمد بن خليفة.

جميع الأفكار والآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن آراء المؤلف الخاصة ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.