مكانة الأدوات الصحية الرقمية في جهود مكافحة مرض السكري
- الصفحة الرئيسة
- غرفة الأخبار
- مكانة الأدوات الصحية الرقمية في جهود مكافحة مرض السكري
حوار مع الدكتور موفق حوسة والدكتور علاء عبد الرزاق
تزامنًا مع شهر التوعية بمرض السكري، يتناول خبيران من كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة تأثير استخدام أدوات الصحة الرقمية في مواجهة الآثار السلبية للسكري
من وجهة نظركم، ما سبب أهمية دمج التكنولوجيا وتطبيقات الهاتف المحمول في عملية علاج مرض السكري والوصول إلى خدمات الرعاية الصحية؟ وما هي التكنولوجيا التي تبرز بشكل خاص في هذا المجال؟
الدكتور موفق: أعتقد أننا تجاوزنا، في الوقت الراهن، الاستخدام الفردي لتطبيقات الهاتف المحمول إلى توظيف الأجهزة التكنولوجية القابلة للارتداء المدمجة مع تطبيقات الهاتف المحمول التي تعمل باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتوفير ملاحظات وتعليقات فورية للمرضى ومقدمي خدمات الرعاية الصحية. ويتمثل الهدف من هذه التكنولوجيا في تعظيم القيمة الصحية للمرضى ومساعدتهم على إجراء تغييرات بسيطة (لكنها مهمة) على سلوكياتهم التي يمكن أن تساعد في إدارة مستويات الجلوكوز في الدم، وتقليل مضاعفات مرض السكري أو القضاء عليها، وتحسين الحالة البدنية عمومًا، وجودة الحالة النفسية، وتحسين نوعية حياة الفرد في نهاية المطاف.
وتشتمل التكنولوجيا الواعدة على وجه الخصوص في هذا المجال على أجهزة البنكرياس الاصطناعي، التي تنتج الأنسولين المطلوب للمساعدة في تنظيم مستويات الجلوكوز في الدم. ويمكن أن يكون استخدام البنكرياس الاصطناعي اكتشافًا ثوريًا لرعاية مرضى السكري. ورغم أنها تبدو جديدة اليوم، فقد طُوِرت فكرة البنكرياس الاصطناعي للمرة الأولى في سبعينيات القرن الماضي باستخدام نظام العضو الساكن الحيوي، الذي يمثل نسخة سابقة لنوع البنكرياس الاصطناعي الأكثر رشاقة وخفة اليوم.
ما هي التحديات التي ترتبط بهذه التكنولوجيا؟ وما فوائدها؟
الدكتور موفق: مثلما هو الحال مع أي تكنولوجيا مبتكرة ومستجدة، تؤدي المسائل المتعلقة بالخصوصية دورًا رئيسيًا في معدلات تطويرها واعتمادها في المستقبل. وتسلط أحدث دراسة أجريناها حول الشواغل المتعلقة بخصوصية تطبيقات الهاتف المحمول الضوء على أمر مزعج وهو أن 60 في المائة من تطبيقات إدارة مرض السكري التي خضعت للدراسة والتحليل تطالب بالحصول على تراخيص يحتمل أن تكون خطيرة، وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا على خصوصية بيانات المستخدمين. بالإضافة إلى ذلك، لم توفر 28.4% من التطبيقات التي خضعت للتحليل موقعًا إلكترونيًا لسياسة الخصوصية المتعلقة بتلك التطبيقات.
وبالإضافة إلى الشواغل المتعلقة بالخصوصية، نواجه أيضًا أسئلة حول نوع التوعية والتثقيف الذي قد يكون أكثر فائدةً وضرورةً للمرضى. ومن بين تلك الأسئلة: كيف يمكننا تثقيف المرضى، من خلال مقدم الرعاية الصحية الأولية أو الوزارة، بشأن التعرف على التطبيقات الأكثر موثوقية وفعالية في الاستخدام؟ ونحن نحتاج إلى أن نكون قادرين على وضع المعلومات في سياقها وتوفير المعلومات باللغات المحلية، بالإضافة إلى اللغات الأكثر شهرةً وشعبيةً في كل بلد. فعلى سبيل المثال، يحتوي تطبيق احتراز، وهو التطبيق الرائد للتعامل مع فيروس كوفيد-19 في قطر، على خط للمساعدة يستخدم 9 لغات شائعة، وهو ما يضمن الوصول المتكافئ للمعلومات المتعلقة بالفيروس للجميع.
ولا يزال السؤال المتعلق بهوية من سيدفع مقابل هذه التكنولوجيا كذلك يمثل مشكلةً رئيسيةً، حيث لن يدفع الكثير من المرضى ثمنها أو قد لا يستطيعون تحمل تكاليفها. فهل يجب أن يقع العبء على الوزارات في بلدانهم لدفع مقابل استخدام هذه التكنولوجيا؟ وإلى متى سيتعين عليهم الانتظار لمعرفة عائد الاستثمار؟ هذه أسئلة مهمة للغاية نحتاج إلى تناولها.
وأخيرًا، يمكن أن يمثل الالتزام باستخدام التكنولوجيا والتطبيقات مشكلة أيضًا. فكيف ندمج المعلومات الناتجة عن التطبيقات وأدوات مراقبة الجلوكوز في سير عمل الطبيب، مع الأخذ في الاعتبار أن العديد من الأطباء يواجهون بالفعل عبئًا زائدًا ناجمًا عن فرط المعلومات المعرفية؟
الدكتور علاء: هناك أيضًا بعض الاعتبارات الخاصة بهذا الجزء الذي نعيش فيه من العالم، مثل تحديد الخطوط الدقيقة بين استقلالية المريض والطبيب، فضلاً عن الأساليب التي يمكننا من خلالها تقديم هذه التكنولوجيا ودفع ثمنها. وما هي القيمة التي تضيفها لتحسين جودة الرعاية الصحية والتعديلات المتعلقة بسلوك المريض؟
ونحن بحاجة إلى تطوير الدراسات المتعلقة بهذا الأمر التي تُجرى على المستوى المحلي وفهم دور هذه التكنولوجيا في حياة المرضى بدولة قطر. ولا ينبغي أن نقتصر على مجرد تطبيق البحوث التي تُجرى على مجموعات وفئات سكانية ومجموعات مختلفة، تأتي معظمها من قارة أمريكا الشمالية.
ما هي البحوث التي تُجرى في هذا المجال بكلية العلوم والهندسة؟ وما هي النتائج التي حققتموها حتى الآن؟ وهل تتعلق أي من تلك النتائج بالسكان القطريين؟
الدكتور موفق: يعمل فريق الدكتورة مروة قراقع، في كلية العلوم والهندسة، على تطوير منصة لتقديم خدمات الرعاية الصحية عن بعد لمرضى السكري تعد الأولى من نوعها. وتعتمد المنصة على ثلاث ركائز رئيسية هي: (1) إجراء مراقبة صحية عن بُعد، و(2) تمكين عملية تتبع الصحة الغذائية في الوقت الفعلي من خلال المراقبة المستمرة للجلوكوز، و(3) توفير رؤى ذكية وتنبؤية.
وهذه الأداة عبارة عن تطبيق للهواتف المحمولة وآخر قائم على مواقع الإنترنت يتيح للمستخدمين 1) عرض بيانات المراقبة المستمرة للسكري الخاصة بهم عن بُعد وفي الوقت الفعلي، و2) الوصول إلى الأشخاص الأساسيين مثل مقدمي الرعاية وأولياء أمور الأطفال المصابين بداء السكري وأطقم التمريض في المدارس والمتخصصين الطبيين، و3) تلقي رؤى تحليلية أفضل من خلال ربط بيانات المراقبة المستمرة للسكري الخاصة بالمستخدمين بنظامهم الغذائي.
ومع استخدام هذه الأدوات، لا تزال عملية المراقبة عن بُعد ضرورية لأسباب عديدة، بما في ذلك تقليل مستويات الانزعاج الاجتماعي للأطفال الصغار المصابين بالسكري في المدرسة، الذين يجب إخراجهم من قاعات الدراسة بشكل دوري للتحقق من مستويات الجلوكوز في الدم لديهم. كما توفر هذه الأدوات وسيلة لمقدمي الرعاية والآباء لمراقبة نسبة الجلوكوز في الدم لأحبائهم حتى عندما لا يكونون بجوارهم، والتدخل عندما تبدأ مستويات الجلوكوز بالدم في الانخفاض أو الارتفاع وتجاوز الحد الآمن.
الدكتور علاء: طور الدكتور زبير شاه، في كلية العلوم والهندسة كذلك، تطبيق كرونوبير، ويكمن الهدف من وراء تطوير هذه الأداة في تقديم المساعدة المرتكزة على احتياجات أفراد المجتمع في شكل مجموعات يدعمها الأقران. كما يتيح التطبيق المراقبة المستمرة لسلوكيات المرضى وأنماط حياتهم.
ما هو تصوركم لمستقبل تكنولوجيا الصحة الرقمية وإمكانية تطبيقها؟
الدكتور موفق: سيكون هناك، حتمًا، العديد من التطورات التكنولوجية التي ستُستخدم في التعامل مع مرض السكري في المستقبل. ومع ذلك، نحتاج إلى إيجاد التركيبة الصحيحة التي تجمع بين التكنولوجيا والثقافة وقيم المريض لتوفير أفضل التجارب للمرضى، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى تحسين نوعية الحياة. ويجب أن يغطي هذا النهج كلاً من الجانبين البدني والنفسي.
وتركز معظم الأبحاث التي نجريها، نحن العلماء، على الصحة البدنية، ولكننا ننسى أن الأشخاص المصابين بداء السكري هم أكثر عرضة للمعاناة من مشاكل تتعلق بالصحة النفسية مثل الاكتئاب.
كما يجب ألا ننسى كبار السن، حيث ستكون هذه الأدوات مفيدة في ضمان النظر إليهم بعين الاعتبار وإدراجهم في مساعينا العلمية. وتظهر البحوث فوائد واضحة للتكنولوجيا ولمرضى المصابين بالخرف ممن ينسون تناول أدويتهم. ويمكن أن تكون التكنولوجيا القابلة للارتداء في التعامل مع مرض السكري أيضًا ثورية بالنسبة لكبار السن الذين يعانون من الخرف، نظرًا لارتفاع إمكانية تعرضهم لانخفاض ضغط الدم باعتباره من الآثار الجانبية لتناول أدويتهم.
الدكتور علاء: تجدر الإشارة أيضًا إلى أن معدل استخدام كبار السن لهذه التطبيقات يمكن أن يكون منخفضًا نسبيًا نظرًا لأنهم يتمتعون بخبرات ومهارات أقل في استخدام تكنولوجيا المعلومات بحكم ظروفهم وطبيعة مرحلتهم العمرية، مقارنة بالشباب الذين نشأوا في ظل الثورة التكنولوجية الحالية. ومن المرجح أيضًا أن يواجه كبار السن صعوبةً في تعلم كيفية استخدام تكنولوجيا المعلومات الجديدة بسبب تراجع قدراتهم البدنية والمعرفية المرتبط بالتقدم في العمر. ومما يزيد المشكلة تعقيدًا حقيقة أن كبار السن يكونون أكثر عرضةً للإصابة بالقلق من استخدام الحاسوب مع تقدمهم في السن.
وتحظى دراسة أوضاع المسنين بأهمية خاصة في السياق الاجتماعي والسكاني السائد في دولة قطر، التي تتكون تركيبتها الاجتماعية إلى حد كبير من المهنيين الشباب.
يشغل الدكتور موفق حوسة منصب أستاذ مشارك في كلية العلوم والهندسة، بينما يشغل الدكتور علاء عبد الرزاق منصب زميل ما بعد الدكتوراه لأبحاث المعلوماتية الصحية في الكلية.