جهود الأمن الغذائي في قطر تؤتي ثمارها
- الصفحة الرئيسة
- غرفة الأخبار
- جهود الأمن الغذائي في قطر تؤتي ثمارها
الدكتورة أناماريا ماتسوني
تحظى المساعي التي تبذلها دولة قطر لتحقيق الأمن والاستدامة الغذائيين باهتمام كبير منذ إعلان الحصار عليها، حيث أظهرت جميع القطاعات في الدولة قدرتها على تحديد أولوياتها ومواءمة الخطوات المناسبة لتحقيقها؛ ليزدهر الإنتاج الغذائي الوطني على مدى السنوات الأربع الماضية، وتنتشر الأنشطة الزراعية في ربوع دولة قطر، خاصة مع تقديم العديد من المحفزات السوقية والحكومية لدعم المنتجين والمستهلكين للمنتجات الوطنية.
دور استراتيجيات الأمن الغذائي
وتركز استراتيجيات الأمن الغذائي الوطنية (2018-2023)، التي يتم تحديثها حاليًا، على تعزيز الإنتاج الغذائي الوطني، وتنويع مصادر الاستيراد، وإنشاء احتياطي استراتيجي يحقق التوازن بين المخزونات الغذائية، مع الاستفادة المثلى من الموارد الطبيعية والمائية للبلاد، وتوظيف الطاقة المتجددة في القطاع الزراعي، مانحةً بذلك استقرارًا غير مسبوق لقطاعي الأغذية والزراعة اللذان أثبتا مرونتهما في خضم جائحة كورونا. واستطاعت دولة قطر، عبر التركيز على السياسات والاستراتيجيات المتكاملة لعدة قطاعات والتخطيط طويل الأجل، من التعامل بنجاح مع الانقطاع المفاجئ لسلاسل الإمداد الغذائي العالمية عقب الجائحة، وباتت تحتل، حاليًا، المرتبة 24 عالميًا والثانية إقليميًا بحسب مؤشر الأمن الغذائي العالمي لعام 2021، التابع لوحدة البحث في مجموعة الإيكومنست العالمية.
ستواصل قطر سعيها لتحقيق نظام غذائي مستدام مستقبلًا. ويُمثل التغيّر المناخي أحد التحديات العالمية الملحة، بالإضافة للتوسع في استخدام الطاقات المتجددة في العمليات الخاصة بقطاع الأغذية، وكذلك تنويع مصادر المياه، والحفاظ على المياه الجوفية، وذلك لأهميتهما المفصلية في إدارة الموارد الطبيعية المستدامة. إلى جانب لذلك، من الضروري الحدّ من هدر المأكولات والأغذية في سبيل تطوير قطاع الأغذية وتعزيز الممارسات السليمة فيه. وتؤدي المراقبة دورًا هامًا في ضمان الجودة والالتزام بالمعايير الخاصة باستيراد المنتجات الغذائية وإنتاجها ومعالجتها وإعدادها والتخلص منها، إذ لا يزال جزء كبير من المواد الغذائية في دولة قطر مستوردًا، كما ينبغي تطبيق السياسات ذات الصلة، وإجراء المزيد من البحوث، وتعزيز المساعي الرامية لتحسين الأنماط والعادات الغذائية الصحية.
أهمية أبحاث الأمن الغذائي
ولمجالي استدامة الأمن الغذائي والنظم الغذائية نصيب كبير من مواضيع البحث في جميع المراكز والبرامج في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، التابع لجامعة حمد بن خليفة، والذي يتصدى بفضل مجالات عمله المتنوعة للتحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية من خلال تحسين الإنتاج الغذائي الوطني، وتعزيز الأمن الغذائي في البلاد.
بمقدور معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة أن يزود المساهمين الوطنيين والقطاع الخاص بدراسات بحثية متنوعة لتكون بمثابة قاعدة لإعادة تصميم سياسات الأمن الغذائي الحالية، وكذلك تطوير التقنيات الزراعية المُختبرة في قطر. ويشهد مشروعنا الهام في الزراعة الكهروضوئية تعاونًا بين المزارع المحلية برفقة الدعم الذي يقدمه الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، التابع لمؤسسة قطر، ووزارة البيئة والتغيّر المناخي. ويركز المعهد على تطوير حلول جديدة في مجالات البنى التحتية الزراعية، والمنشآت الكهروضوئية، والذكاء الاصطناعي، وتعلّم الآلة، لتعزيز المحاصيل وزيادة كفاءة إمدادات المياه والطاقة للمزارعين.
كما تهدف أبحاث معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة حول مصادر المياه غير التقليدية إلى تلبية متطلبات رؤية قطر الوطنية 2030 في تنويع موارد المياه، حيث أثبتت دراساتنا الجارية حول أنظمة معالجة مياه الصرف الصحي قدرتها على إنتاج إمدادات مياه عالية الجودة يُمكن استخدامها بأمان في المجال الزراعي.
ويسعى المعهد أيضًا إلى إزالة الحساسية الاجتماعية والثقافية حول استعمال المياه المكررة لإنتاج الأغذية، كما تقدم مختبرات معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة الحديثة الدعم للقطاعات الزراعية من خلال التحليلات الكيميائية والخدمات الاستشارية. ويتوج عملنا في مجال الأمن الغذائي أيضًا بتقديم تحليلات للسياسات والاقتصاد تزود صانعي السياسات في البلاد بالأدلة اللازمة لاتخاذ القرارات المدروسة والسليمة.
ختامًا، اُختتمت النسخة الأخيرة والناجحة من مؤتمرنا نصف السنوي حول علاقة الترابط المستدامة بين الطاقة والمياه والبيئة، ليُثبت أنه يلعب دور منصة متميزة في التشجيع على مناقشة قضايا الأمن الغذائي، خصوصًا داخل دولة قطر.
وخُصصت جلسة كاملة لنقاش الأمن الغذائي والمائي في البيئات الصحراوية القاسية، شارك فيها القطاعان الخاص والعام، وعكست مدى جدية الاهتمام داخل الدولة لتحقيق الاستدامة الغذائية بفضل تآزر الأطراف وتضافر جهودها، فضلًا عن جلسات أخرى نوقشت فيها مواضيع مشابهة من وجهات نظر مختلفة. وأخيرًا، يمكن أن تؤدي المشاركة المتزايدة من مختلف الجهات الفاعلة، من الهيئات البحثية إلى القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية، وصولًا إلى المجتمع ككل، إلى إحداث تغييرات سلوكية ضرورية للوصول إلى التنمية المستدامة.
تشغل الدكتورة أناماريا ماتسوني منصب باحث مشارك في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، وهي خبيرة اقتصادية وبيئية، ومتخصصة في مجال الاستدامة، ومحللة للسياسات في مركز البيئة والاستدامة التابع للمعهد.
ملاحظة:
هذا المقال مقدَّم من إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة نيابةً عن الكاتب. والآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب، ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.