دبلوماسية كرة القدم وتمكين الشباب: أول نموذج لنادي منظمة التعاون الإسلامي في جامعة حمد بن خليفة

الدكتور محمد إفرين توك وإيمان إسماعيل*

الهيئة:  كلية الدراسات الإسلامية
دبلوماسية كرة القدم وتمكين الشباب: أول نموذج لنادي منظمة التعاون الإسلامي في جامعة حمد بن خليفة

"نظرًا لإيماننا الكامل بالإمكانيات الرائعة لدبلوماسية كرة القدم بوصفها أداةً لصنع السلام والاعتدال،..."

كانت هذه العبارة الرائعة والمبشرة من بين العبارات التي زينت الصفحات المخصصة لعرض القرارات الصادرة عن  نموذج محاكاة مؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي لهذا العام. وقد شارك في تنظيم هذه الفعالية، التي استضافتها كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة بالتعاون مع منتدى شباب التعاون الإسلامي، بعضٌ من ألمع الشباب من جميع أنحاء منطقة الخليج للمشاركة في حوار حيوي ومستنير حول موضوع "دبلوماسية كرة القدم لتعزيز التنمية المستدامة في العالم".

الإطار الدبلوماسي

قدَّم مؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي، الذي قد يُطلِق عليه البعض "نموذج منظمة الأمم المتحدة في العالم الإسلامي"،  تكييفًا مبتكرًا لإطار العمل الدبلوماسي لمنظمة الأمم المتحدة في سياق ومنظور إسلامي عالمي. ومن خلال هذا النهج، وفرت القمة فرصةً فريدةً للمشاركين لترسيخ ممارساتهم الدبلوماسية انطلاقًا من التقاليد الثقافية الإسلامية، التي تهدف إلى تعزيز التعاطف والفطنة والتسامح.

وفي جميع أنحاء العالم، بدأت المزيد والمزيد من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية في التعرف على إمكانات الدبلوماسية العامة والاستفادة منها، مقارنةً بالدبلوماسية التقليدية. وغالبًا ما تفتقر الدبلوماسية التقليدية، التي تركز على الدولة وطبقة النخبة الحاكمة فيها، إلى النظر بعين الاعتبار لوجهة النظر الشعبية لعموم المواطنين. ومن خلال الدبلوماسية العامة، تحصل الجهات الفاعلة غير الحكومية، والمواطنون المعنيون بشكل أكثر تحديدًا، على الفرصة ليس فقط للتعبير عن مخاوفهم، بل أيضًا لأداء دور في عملية صنع القرار.

قرارات القمة

أدى مؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي نفس الدور إلى حد كبير، حيث وفر فرصةً للدبلوماسيين الشباب الطموحين لفهم نماذج وأساليب الحوار العالمي، مع التركيز بشكل خاص على دور الرياضة في السياسة. وكانت القرارات الصادرة عن المؤتمر، التي حملت عنوان "تحقيق استراتيجية منظمة التعاون الإسلامي للشباب: تمكين الشباب في كل جانب من جوانب الحياة"، مثالاً ممتازًا لنوع التغيير التحويلي الذي يمكن أن يحدث في مجالات السياسة والعدالة الاجتماعية عندما يحصل الشباب على فرصة للتعبير عن آرائهم. وتعكس القرارات النهج الشامل والبناء والعطوف للمندوبين الشباب المشاركين في هذه القمة، الذين ربطوا دور كرة القدم في الدبلوماسية بضرورة استخدام التكنولوجيا المبتكرة في تطوير الرياضة وتيسير سبل الوصول إليها، وقدرة الرياضة على الحد من التمييز العنصري والتحيزات السلبية، والحاجة إلى المساواة بين الجنسين وتحقيق المساواة في ممارستهما للرياضة.

إرث دائم 

وكما ذكر الدكتور عماد الدين شاهين، عميد كلية الدراسات الإسلامية، في كلمته الافتتاحية، فقد وجد المنظمون والمشاركون والمراقبون أن نموذج محاكاة مؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي لهذا العام قد عُقد في ظروف مثالية أكاديميًا وجغرافيًا ووقتيًا عبر مشاركة الكلية الموجودة بدولة قطر، البلد المضيف للنسخة القادمة من بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، في تنظيمها. وقدمت هذه القمة نقطة انطلاق مهمة في مسيرة دولة قطر نحو استضافة بطولة كأس العالم، حيث أظهرت كيف لا تُعقد مثل هذه الفعاليات الرياضية الدولية الكبرى بمعزل عن عالم السياسة، وأنها توفر في الواقع فرصةً للتفاعل بشكل استباقي لتصحيح المشاكل السياسية على نطاق عالمي. كما زودت هذه القمة الشباب بالموارد التي يحتاجون إليها للتبحر في الشؤون السياسية والثقافية والاجتماعية المُلِحة التي تشمل جوانب بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.

وتحظى هذه الأمور، على غرار المكانة المتنامية للرياضة في السياسة، بأهمية خاصة لأنها لا تتعلق فقط بدولة قطر باعتبارها الدولة المستضيفة لبطولة كأس العالم، بل أيضًا بجميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وكل دولة في هذه المنطقة تسعى للحفاظ على السلام وضمان تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المشتركة. 

وقد أتاحت القمة للطلاب والمنظمين على حد سواء إمكانية المشاركة في نقاش حيوي في إطار الممارسات الدبلوماسية المهنية المحترمة. ومن خلال هذا النقاش والحوار، أدى المندوبون الشباب دورًا حيويًا في التعرف على استراتيجية الشباب في منظمة التعاون الإسلامي وخدمتها، وبالتالي تعاونوا بشكل مباشر مع صانعي التغيير الحاليين والمستقبليين لتشكيل العالم الذي يأملون في رؤيته. لقد أثبت هذا الجيل من الشباب أنه مبادر ورصين وذكي وشغوف، فمن خلال استفساراتهم ورغباتهم المستمرة لإحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتهم، يتخذ هؤلاء المندوبون الخطوة الأولى نحو بناء مستقبل أكثر إشراقًا. ويحظى السياق الإسلامي بأهمية خاصة لهذه الرؤية لأن المرء يمكنه التعلم من القيم والأخلاق والمبادئ التوجيهية الأخلاقية لهذه التقاليد الدينية، سواء أكان مسلمًا أم لا.

ويشجع الإسلام التسامح والاحترام والتراحم مع جميع خلق الله، وهي قيم يبدو للأسف أنها غائبة بكثرة في الخطاب السياسي العالمي. ومع ذلك، من خلال إعادة تركيز هويتنا الإسلامية الجماعية في مثل هذه الخطابات والفعاليات، أظهر المشاركون والمنظمون لقمة منظمة التعاون الإسلامي كيف يمكن للدين والسياسة أن يتعايشا بسلام وأن يعودا بالفائدة على كلٍ منهما.

* يشغل الدكتور محمد إفرين توك منصب العميد المساعد لمبادرات الإبداع والتقدم المجتمعي في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة وأستاذ مشارك في الإسلام والشؤون الدولية وهو مؤسس مجلس المبدعين في الكلية، بينما تشغل إيمان إسماعيل منصب باحث مساعد بجامعة حمد بن خليفة وهي خريجة جامعة جورجتاون في قطر.

ملاحظة:
هذا المقال مقدَّم من إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة نيابةً عن الكاتب. والآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب، ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.